ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم من كنيسة الشهيد مار جرجس بمنشية البكري بالقاهرة.
وصلى قداسته صلوات العشية بمشاركة عدد من أحبار الكنيسة، وألقى نيافة الأنبا أثناسيوس الأسقف العام لقطاع كنائس حدائق القبة والوايلى والعباسية كلمة ترحيب بقداسة البابا، ورتل فريق الكورال بعض الترانيم، وخورس الشمامسة ألحان مناسبة.
أصحاحات متخصصة
واستكمل قداسة البابا سلسلة “أصحاحات متخصصة”، وتحدث اليوم عن موضوع “الراعي الأمين والرعية الواثقة فيه”، وقرأ المزمور الثالث والعشرين وهو مزمور الراعي، وتأمل في معانيه، موضحًا أن السيد المسيح شبَّه نفسه في هذا المزمور بالراعي، ليُشير إلى فكرة الطمأنينة.
وشرح قداسته، ماذا يفعل الراعي، كالتالي:
١ “الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلاَ يُعْوِزُنِي شَيْءٌ”، الله يسدد احتياجات البشر بالعطايا العظمى، مثل: الأكسچين في الهواء، والماء من الأمطار والأنهار، والشمس مصدر الطاقةالنظيفة، بينما استخدم البشر ملوثات وأفسدوا بها عطايا الله الجيدة، ولكن (كمثال) الله أرسل الطعام لإيليا النبي في وقت الجوع مع الغراب، فالله هو مصدر الاكتفاء دائمًا.
٢ “فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي”، الله الراعي يقود الإنسان إلى “مَرَاعٍ خُضْرٍ” التي يوجد بها الماء والظلال، والتي تتمثّل في الكلمة المقدسة المتجددة باستمرار، ويقوده أيضًا إلى “مِيَاهِ الرَّاحَةِ” التي تتمثّل في روح الله الذي يملأ الإنسان، مثلما قال للمرأة السامرية “وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ” (يو ٤: ١٤)، حتى أنها تركت جرّتها (شهوات العالم)، لأنها بدأت تشرب وتشبع بالمسيح، ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم “المراعي الخضراء هي الأسفار المقدسة والمياه الهادئة هي المعمودية والروح القدس”.
٣ “يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ”، الله الراعي يُحضر الخروف الشارد، ويردّه إلى “سُبُلِ الْبِرِّ” التي تتمثّل في سُبل الخير، كالتفكير والقرار الصائب، مثلما فعل السيد المسيح مع بطرس التلميذ بعد القيامة، “«يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ»” (يو ٢١: ١٧)، لذلك المسيح لم يأتِ ليهلك الضالين بل ليعيدهم إلى حضن الرب.
٤ “أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي”، الله الراعي يرافق الإنسان حتى في المسارات الصعبة، وفي وقت الخطر، ويعد الإنسان أنه سيظل موجودًا، “اِسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ” (أم ١٨: ١٠).
٥ “عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي”، ويقصد بالعصى الحماية، ولكن يقصد بالعكاز الاستناد، والله الراعي يقدم لنا الدعم والتشجيع، مثلما حدث مع دانيال النبي “إِلهِي أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَسَدَّ أَفْوَاهَ الأُسُودِ فَلَمْ تَضُرَّنِي” (دا ٦: ٢٢)، ويقول القديس أثناسيوس الرسول “في كل ضيقة اُذكر أن الراعي هو معك فلا تخاف الموت لأن الموت صار بابًا للحياة”.
٦ “تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ”، وكلمة “تُرَتِّبُ” تعني تهيئ والمقصود بها التهيئة الشاملة لأقصى درجات الاستعداد، فالله الراعي يُشبع أولاده من المائدة السمائية في سر الإفخارستيا، فيسكن في الإنسان ويعطيه الهدوء والسلام والنصرة على عدو الخير، وقال القديس كيرلس الأورشليمي “المسيح هو مائدتنا الذي يقدم لنا جسده ودمه عربونًا للحياة الأبدية”.
٧ “مَسَحْتَ بِالدُّهْنِ رَأْسِي. كَأْسِي رَيَّا”، الله الراعي يفيض بالبركات على الإنسان، ففي سر الميرون يصير لدينا جسدًا مقدسًا مدشنًا، ويقول القديس باسيليوس الكبير “الروح القدس هو الزيت الذي يُليّن القلب ويعطي الفرح”، وتعبير “كَأْسِي رَيَّا” يعني امتلاء قلب الإنسان بالفرح لدرجة أنه يفيض، “بَلِ افْرَحُوا بِالْحَرِيِّ أَنَّ أَسْمَاءَكُمْ كُتِبَتْ فِي السَّمَاوَاتِ” (لو ١٠: ٢٠).
٨ “إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ”، الله الراعي يقودنا إلى الأبدية، فالخير والرحمة يرافقان المؤمن هنا والمجد هناك.
وأوصى قداسة البابا بالتأمل يوميًّا في عطايا الله الجيدة للتشجيع.
وأضاف قداسته أن التأمل في عطايا الله يعطي اشتهاءً لملكوت السموات، ويقول القديس مكاريوس الكبير “السماء هي حظيرة الخراف حيث الراعي لا يفارق رعيته”.
وتناول قداسة البابا ثقة الرعية في راعيها من خلال:
الإيمان العملي.
طاعة الراعي.
الثبات في المراعي الخضراء المتجددة.
الثقة في المائدة السماوية التي يقدمها الراعي باستمرار.
التأكد واليقين من الخير والرحمة المرافقة في الطريق.
وأعطى قداسته تدريبًا: أن نكتب آيات المزمور باليد والترتيل به يوميًّا والحياة في معانيه، وكتابة بعض أعمال الله الجميلة التي يعملها معنا من خلال آيات المزمور.





المصدر: صدى البلد