قدّم محامو الرئيس الأميركي دونالد ترمب استئنافاً ضد إدانته الجنائية، في القضية المعروفة إعلامياً باسم “أموال شراء الصمت”، بدعوى أن المحاكمة التي جرت في نيويورك شابتها “عيوب جوهرية” نتيجة استخدام أدلة يصفونها بأنها محمية بقرار المحكمة العليا المتعلق بالحصانة الرئاسية، وفق ما أفاد موقع “أكسيوس” الأميركي.

وفي نوفمبر 2024، أصبح ترمب أول شخص يُدان بجرائم جنائية، ويتم انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، وما زال، بعد نحو عام، يسعى لإلغاء تلك الإدانة التاريخية.

وكانت هيئة محلفين في مانهاتن قد أدانت ترمب في مايو 2024 بـ 34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية مرتبطة بدفع أموال إلى ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز مقابل صمتها خلال الحملة الانتخابية لعام 2016.

وجدد محامو ترمب الحجج التي طرحها الفريق القانوني أثناء المحاكمة، مؤكدين أن القضية لم يكن ينبغي رفعها، وأن القاضي كان يجب أن يمتنع عن النظر فيها بسبب تبرعاته الصغيرة للأحزاب الديمقراطية.

وجادل محامو ترمب أيضاً، وفقًا لتقارير قناة “CBS News” الأميركية، بأن الإدانة يجب أن تُلغى استناداً إلى قرار المحكمة العليا في يوليو 2024 بشأن حصانة الرئيس.

وتابع فريق ترمب: “هذا القرار كان متعلقاً بقضية جنائية أخرى لترمب”، إلا أن محاميه أكدوا أن له تأثيراً على إدانته في قضية نيويورك.

وتجدر الإشارة إلى أن العديد من هذه الحجج تم رفضها بالفعل أثناء المحاكمة في مانهاتن بنيويورك.

وذكر محامو ترمب، بقيادة روبرت جيوفرا جونيور، في ملف الاستئناف الممتد إلى 96 صفحة: “لم يكن ينبغي لهذه القضية أن تصل إلى قاعة المحكمة أصلاً، فضلاً عن أن تنتهي بإدانة أمام هيئة المحلفين”.

وأوضحوا: “المدعي العام ديمقراطي، رفع هذه التهم في خضم انتخابات رئاسية محتدمة كان الرئيس ترمب خلالها المرشح الجمهوري الأبرز.. هذه التهم الموجهة ضد الرئيس ترمب كانت غير مسبوقة تماماً مثل سياقها السياسي”.

وامتدت المحاكمة سبعة أسابيع في شهري أبريل ومايو عام 2024، وحصل ترمب قبل أيام من عودته إلى البيت الأبيض في يناير على حكم بدون عقوبة سجن، ومع ذلك، تظل إدانتُه الجنائية المسجلة قائمة ما لم يتم إلغاء حكم هيئة المحلفين.

ويأتي الاستئناف كجزء من جهود متعددة المحاور يقوم بها ترمب لمحاولة إلغاء الإدانة بـ 34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير السجلات التجارية. 

ما هي قضية أموال الصمت؟ 

ويجري الحديث عن جهود ترمب لإخفاء ما يُعرف بقضية “أموال شراء الصمت” المدفوعة لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز.

وخلال المحاكمة، جادل المدعون بأن ترمب دفع عبر محاميه السابق مايكل كوهين 130 ألف دولار في الأيام الأخيرة من الانتخابات الرئاسية لعام 2016 لإسكات دانيلز عن سرد قصتها بشأن لقاء جنسي مزعوم معه. 

وخلصت هيئة المحلفين إلى أن ترمب أذن بمحاولة تزوير السجلات المتعلقة بتعويضات كوهين عن هذا الدفع.

تفاصيل الاستئناف

ووصف فريق ترمب القانوني الاستئناف بأنه “ضخم وقوي”، مؤكداً أن الرئيس سيواصل مواجهة ما وصفه بـ”الحملات السياسية” بينما يركز على مهمته لإعادة أميركا إلى ما يسميه عظمتها.

وجاء في مذكرة الاستئناف، المقدمة من فريق ترمب القانوني التابع لمؤسسة (Sullivan & Cromwell)، أن الرئيس “أُدين بعد محاكمة شهدت انتهاكات متكررة لحقوقه الدستورية والقانون الفيدرالي وقوانين ولاية نيويورك، أمام قاضٍ كان يتعيّن عليه التنحي عن القضية”.

وأضاف المحامون أن هيئة المحلفين سُمِح لها بأن تأخذ في الاعتبار بشكل غير قانوني أفعالًا رسمية للرئيس أثناء توليه المنصب، مشيرين إلى أن قانون الانتخابات الفيدرالي يعلو على القانون الولائي (قانون الولايات) الذي استند إليه المدعي العام لمنطقة مانهاتن، ألفين براج، في اتهاماته.

كما وجّه دفاع ترمب انتقادات للقاضي خوان ميرتشان، مؤكداً أن إدانة ترمب جاءت رغم ظهور أدلة تتعلق بأعمال رسمية للرئيس، بما في ذلك شهادة المساعدة السابقة هوب هيكس، وهو ما يخالف قرار المحكمة العليا بشأن الحصانة الرئاسية الذي صدر بعد أسابيع من الإدانة.

ويواصل ترمب محاولاته لنقل القضية من محكمة الولاية إلى المحكمة الفيدرالية، في مسعى لتهيئة ظروف قضائية أكثر ملاءمة له.

تعويض 230 مليون دولار

قبل إعادة انتخابه، طالب ترمب وزارة العدل بدفع تعويض يصل إلى 230 مليون دولار عن التحقيقات السابقة ضده. 

وتشير التقارير إلى أن هذه المطالبة طرحت داخلياً خلال مرحلة الانتقال الرئاسي، ولم تُتابع بعد انتخابات 2024، ويظل مصيرها غامضاً حتى الآن.

وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، التي كانت أول من كشف عن هذه المطالبة، أن “أي تسوية محتملة قد تُقرّ في نهاية المطاف من قِبل كبار المسؤولين في وزارة العدل، سواء ممن دافعوا عنه (ترمب) سابقاً أو ممن يدورون في فلكه السياسي”. 

وقال مسؤولون لموقع “أكسيوس” إن وزارة العدل أصبحت مليئة بمسؤولين موالين لترمب، لكن لم تُجر أي مناقشات داخلية بشأن مطالبه منذ حفل التنصيب، إلى أن أعاد ترمب فتح الموضوع خلال حديثه مع الصحافيين في المكتب البيضاوي، الأسبوع الماضي.

وقال حينها في البيت الأبيض،: “لقد تكبدت أضراراً كبيرة، وأي مبلغ سأحصل عليه سأقدمه للأعمال الخيرية”.

وأضاف مازحاً: “الآن يبدو الأمر غريباً بعض الشيء، أن أكون أنا من يدفع لنفسي، أليس كذلك؟”.

خلف الكواليس

أفاد مسؤولون بأن مطالب ترمب، التي قُدّمت خلال رئاسة جو بايدن، طُرحت داخل الدوائر الرسمية خلال مرحلة الانتقال الرئاسي، لكنها لم تُتابع بعد انتخابات عام 2024، ولم يؤكد المسؤولون مبلغ التعويض الدقيق.

وبحسب “نيويورك تايمز”، عندما كان ترمب خارج المنصب، قدّم شكاوى رسمية عبر إجراءات المطالبات الإدارية، وهي عادة الخطوة الأولى قبل رفع دعاوى قضائية.

وبحسب الصحيفة فإن الشكوى الأولى، التي قدّمها في أواخر عام 2023، طالب ترمب بتعويض عن التحقيق الذي أجرته إدارة التحقيقات الفيدرالية (FBI) والمدعي الخاص بشأن التدخل الروسي في انتخابات 2016 والعلاقات المحتملة مع حملة ترمب.

أما الشكوى الثانية، ففي صيف 2024، اتُهم مكتب التحقيقات الفيدرالي بانتهاك خصوصية ترمب أثناء تفتيش مقر إقامته في مارالاجو عام 2022 بحثاً عن وثائق سرية، كما اتهم ترمب وزارة العدل بالملاحقة القضائية الكيدية في قضية سوء التعامل مع الوثائق الحساسة.

شاركها.