في مصر.. الحرية مشروطة بالصمت أو السحق

وطن في مصر، لم تعد الحرية تُمنح بعد انتهاء سنوات السجن، بل باتت مشروطة بالصمت الكامل. آخر الأمثلة الصادمة جاءت مع الناشط السياسي أحمد دومة، الذي أفرج عنه بعد أكثر من عقد خلف القضبان، ليجد نفسه ملاحقًا مجددًا لمجرد شهادته على جريمة ارتكبها ضابط بحق سجين.
أحمد دومة، الذي كان يأمل أن يكون الإفراج بداية لعودة طبيعية إلى الحياة، وجد نفسه متهمًا بتهم معلبة: نشر أخبار كاذبة، وتكدير السلم العام، والإضرار بمصالح البلاد. رسالة الأمن المصري كانت واضحة: الصمت مقابل الحرية المؤقتة، وأي خروج عن النص يعني العودة للسجون.
ولم يكن دومة وحده، بل سقط أحمد أبو الفتوح، نجل المعارض البارز عبد المنعم أبو الفتوح، في الفخ نفسه، بعد أن تجرأ على كشف تعذيب والده المعتقل. وبدلًا من التحقيق في الانتهاكات، ألقت السلطات القبض عليه باتهامات فضفاضة، أمام محاكم استثنائية تفتقر إلى أبسط معايير العدالة.
تقارير حقوقية محلية ودولية دقت ناقوس الخطر، محذرة من تحول النيابة العامة إلى أداة بطش سياسي، بدلًا من أن تكون حامية للحقوق والحريات. القضاء الذي كان يومًا ملاذًا للمظلومين، أصبح اليوم خصمًا لمن يرفع صوته.
سياسة “العفو المشروط” تحكم المشهد المصري: من يكتب يُعتقل، ومن يشهد يُعاقب، ومن يحلم يُسحق. الحرية لم تعد حقًا بل منة قابلة للسحب، والمواطنة باتت مشروطة بالولاء الكامل للسلطة.
في “مملكة الفرعون الصغير”، كما يسميها ناشطون، لم يعد هناك مكان لأحلام التغيير أو لصرخات المطالبة بالعدالة. فمن ينجو من قيد السجن، يقع في شراك صمت أكثر قسوة ووحشية. إنها معركة النفس الطويل بين سلطة تخشى الكلمات، وشعب يرفض أن ينسى حقه في الحرية.
بث مباشر يهز مصر.. ناشط حاول إنهاء حياته بعد سنوات من التعذيب في سجون السيسي