وحد زعماء أوروبيون أصواتهم لحشد الدعم للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، بعد محادثات أميركية أوكرانية لمراجعة مقترح سلام، كان يميل مبدئياً لصالح روسيا، بينما توجه المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف إلى موسكو لإطلاع الكرملين على مجريات الأمور.

واستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحفاوة في باريس، وشارك الاثنان في مكالمة هاتفية مع حوالي 10 قادة أوروبيين آخرين من بينهم قادة بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وبولندا والاتحاد الأوروبي.

وقال زيلينسكي، في مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون عقب لقائهما، إن أولويات كييف في محادثات السلام هي الحفاظ على السيادة وتأمين ضمانات أمنية قوية، مضيفاً أن النزاعات على الأرض لا تزال المسألة الأكثر تعقيداً.

ودعا حلفاء أوكرانيا الغربيين إلى ضمان عدم مكافأة روسيا على الحرب التي بدأتها، وأعرب عن أمله في إجراء محادثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد زيارة مبعوث ترمب الخاص ستيف ويتكوف لروسيا هذا الأسبوع.

وقال ماكرون، للصحافيين، إن أوكرانيا هي وحدها التي يمكنها اتخاذ قرار بشأن أراضيها في مفاوضات السلام مع روسيا.

وقبل اجتماع ماكرون مع زيلينسكي، أعلن مكتب الرئيس الفرنسي أن الزعيمين سيناقشان شروط “سلام عادل ودائم”.

وذكر قصر الإليزيه، الاثنين، أن ماكرون ناقش الوضع في أوكرانيا مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، لكنه لم يضف مزيداً من التفاصيل.

ميلوني تدعو للتوافق

من جانبها، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الاثنين إن من المهم أن تتفق أوروبا والولايات المتحدة على كيفية تحقيق السلام في أوكرانيا، وذلك بعد المحادثات بين القادة الأوروبيين وزيلينسكي.

وأثنت ميلوني على “النهج البناء المستمر” الذي يتبعه زيلينسكي في محادثات السلام، وقالت، في بيان صادر عن مكتبها، إنها تأمل أن تقدم روسيا مساهمتها الملموسة في التوصل إلى اتفاق.

تفاؤل أميركي

في سياق متصل، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، الاثنين، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب “متفائلة للغاية” بشأن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مشيرة إلى “محادثات جيدة” جرت مع المسؤولين الأوكرانيين في فلوريدا، الأحد.

وأضافت ليفيت: “الإدارة تشعر بتفاؤل كبير”، وتابعت: “فقط بالأمس… كانت هناك محادثات جيدة جداً مع الأوكرانيين في فلوريدا”.

قضايا صعبة

وفي وقت سابق، أوضح زيلينسكي أن المفاوضين الأوكرانيين والأمريكيين لم يتوصلوا بعد إلى نسخة نهائية لخطة السلام الأميركية المقترحة، على الرغم من جولتين من المحادثات لتعديل الشروط التي أيدت في البداية مطالب روسيا الرئيسية في زمن الحرب.

وذكر زيلينسكي عقب المحادثات الأميركية الأوكرانية، التي جرت الأحد داخل منتجع جولف فاخر في فلوريدا بناه مبعوث ترمب وزميله قطب العقارات ستيف ويتكوف، أن هناك “بعض القضايا الصعبة التي لا يزال يتعين العمل عليها”.

ووصف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو المحادثات بين المسؤولين الأوكرانيين والأميركيين في فلوريدا، الأحد، بأنها “مثمرة”.

وأضاف روبيو أن واشنطن “واقعية بشأن مدى صعوبة هذا الأمر، لكنها متفائلة، خاصة بالنظر إلى حقيقة أننا أحرزنا تقدماً”.

وتابع: “هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به. هذا أمر حساس(…) هناك الكثير من الأجزاء المتغيرة، وبالتأكيد هناك طرفاً آخر معنياً هنا… يجب أن يكون جزءاً من المعادلة، وسيستمر ذلك في وقت لاحق من هذا الأسبوع، عندما يسافر السيد ويتكوف إلى موسكو”.

ويتكوف إلى روسيا

وغادر ويتكوف المحادثات الأميركية الأوكرانية للسفر إلى موسكو حيث سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء.

وأكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الاثنين، أن بوتين، سيلتقي ويتكوف.

وكان دور ويتكوف في جهود السلام قد خضع للتدقيق الأسبوع الماضي، عقب تقرير يفيد بأنه وجّه مستشار بوتين للشؤون الخارجية حول كيفية إقناع الرئيس الروسي بخطة ترمب للسلام في أوكرانيا. وقد قلّلت كل من موسكو وواشنطن من أهمية هذه المعلومات، حسبما ذكرت CNN.

وكان من شأن الخطة الأميركية المبدئية المكونة من 28 نقطة فرض قيود على حجم الجيش الأوكراني، ومنع كييف من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أو استقبال قوات غربية، وإلزام أوكرانيا بالتخلي عن الأراضي.

وتقول أوكرانيا إن ذلك سيكون بمثابة استسلام، وسيتركها عرضة للغزو في نهاية المطاف من روسيا التي غزتها في عامي 2014 و2022.

وعقب نشر الخطة المبدئية، استقبلت جنيف محادثات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، قبل أن يعلنا عن صياغة مسودة محدثة لخطة السلام مع روسيا تتضمن 19 بنداً مع إبقاء القضايا الأكثر حساسية رهن قرار رئيسي البلدين.

لكن لم يعلن المسؤولين الأميركيين والأوكرانيين بعد عن أي تعديلات اتفقوا عليها حتى الآن على الخطة المكونة من 28 نقطة التي قدمتها واشنطن إلى كييف قبل أقل من أسبوعين.

القضايا الأكثر إشكالية

ونقلت شبكة CNN الأميركية عن مصدر قوله إن المحادثات الأميركية الأوكرانية في فلوريدا، الأحد، كانت “مركزة للغاية”، وإن الجانبين ناقشا “الجوانب الأكثر إشكالية في مقترحات السلام بالتفصيل”، ولمح إلى إمكانية تحقيق تقدم مبدئي في بعض المجالات.

وكان أحد الجوانب الأكثر إشكالية في الاقتراح الأميركي الأصلي للسلام، المكوَّن من 28 نقطة، هو الشرط الذي يلزم أوكرانيا بالتخلي رسمياً عن طموحها المنصوص عليه في الدستور، والمتمثل في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وهو مطلب روسي رئيسي لإنهاء الحرب، غير أن المسؤولين الأوكرانيين يواصلون رفضه.

وأضاف المصدر أن “المفاوضين ناقشوا سيناريو محتملاً يتم بموجبه منع أوكرانيا فعلياً من الانضمام إلى الناتو من خلال ترتيبات يتعين التفاوض عليها مباشرة بين الدول الأعضاء في الحلف وموسكو”، وذكر أنه “لن يتم دفع أوكرانيا إلى رفض هذا الطموح رسمياً من الناحية القانونية”.

واستدرك المصدر: “لكن إذا كان لدى الولايات المتحدة شيء تتفق عليه مع روسيا على المستوى الثنائي، أو إذا كانت روسيا تريد الحصول على بعض الضمانات من حلف شمال الأطلسي على المستوى المتعدد الأطراف، فإن هذا لا يعني إشراك أوكرانيا في عملية صنع القرار”.

وأكد المصدر لشبكة CNN أن القرار النهائي بشأن ما قد يكون تسوية حساسة للغاية لم يتم اتخاذه بعد، وسوف يتخذه في نهاية المطاف الرئيس الأوكراني.

ومن بين الإشكاليات مطلب الكرملين، الذي وجد طريقه أيضاً إلى اقتراح السلام الأميركي المكون من 28 نقطة، بأن “تتنازل أوكرانيا عن أراض في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا التي ضمتها روسيا، ولكن لم تسيطر عليها بعد”.

وتقترح الخطة الأميركية أن تصبح منطقة دونباس، التي تضم “حزاماً حصيناً” من المدن والبلدات المحصنة بشدة، منطقة روسية منزوعة السلاح، تديرها موسكو، ولكنها لن تنشر قوات عسكرية فيها.

واعتبر المصدر أن “فكرة التخلي عن السيطرة للروس من شأنها إضعاف دفاع أوكرانيا بشكل كبير، ويجعل احتمال وقوع المزيد من العدوان أكثر احتمالاً، ويقلل بشكل كبير من قدرة أوكرانيا، هذا خارج نطاق الدراسة”.

وأضاف المصدر “لكن هذا لا يعني أنه لا توجد طرق محتملة للحفاظ على الأحكام الدستورية والحفاظ على أمن أوكرانيا”. لكن المصدر رفض مناقشة الخيارات المحددة التي يجري مناقشتها، قائلاً إن القضية “حساسة للغاية”.

وفي ظل التلميحات إلى إمكانية التوصل إلى تسويات مع أوكرانيا من جانب المفاوضين الأميركيين، فإن التحدي التالي والأكبر في الدبلوماسية المكوكية الأميركية، ربما يكون إقناع روسيا بقبول هذه التسويات.

منعطف صعب

جاءت المفاوضات المكثفة في منعطف صعب بالنسبة لكييف، التي تخسر أرضاً على الجبهة بينما تواجه أكبر فضيحة فساد في الحرب.

فقد استقال مدير مكتب زيلينسكي أندريه يرماك، الذي كان يقود أيضاً الوفد الأوكراني في محادثات السلام، الجمعة، بعد أن فتش محققو مكافحة الفساد منزله. كما تمت إقالة وزيرين في الحكومة وتم تسمية شريك تجاري سابق لزيلينسكي كمشتبه به.

وقال ترمب، للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية، الأحد: “لدى أوكرانيا بعض المشاكل الصغيرة الصعبة”، في إشارة إلى فضيحة الفساد. وكرر وجهة نظره بأن كلاً من روسيا وأوكرانيا تريدان إنهاء الحرب، وقال إن هناك فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق.

ولم تظهر روسيا أي علامة على التراجع عن مطالبها الكبيرة بينما تواصل قواتها إحراز تقدم بطيء على خط الجبهة البالغ طوله 1200 كيلومتر.

ضربات أوكرانية

من جانبها، تشن أوكرانيا ضربات بعيدة المدى لاستهداف صادرات النفط الروسية.

وأدان المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الاثنين، الضربات الأوكرانية على البنية التحتية النفطية الروسية خلال عطلة نهاية الأسبوع، بما في ذلك الهجوم على محطة نفط مملوكة لشركة خط أنابيب بحر قزوين، وهجوم آخر استهدف ناقلتين في المياه التركية.

وأوقفت محطة نفط رئيسية قرب ميناء نوفوروسيسك عملياتها، السبت، بعد أن تسبب هجومٌ شنته قوارب مُسيّرة في إتلاف إحدى نقاط الإرساء الثلاث، وفقاً لبيان صادر عن شركة CPC، المالكة للمحطة. 

وجاء ذلك بعد يوم من استهداف طائرات مُسيّرة تابعة للبحرية الأوكرانية ناقلتي نفط في البحر الأسود، أُفيد بأنهما جزء من “أسطول الظل” الروسي المُتحايل على العقوبات.

وأكدت أوكرانيا، السبت، أنها نفذت الهجمات. ووصف بيسكوف الحادثتين بأنهما “مثيرتان للغضب”.

“هجوم روسي”

في المقابل، أدودى هجوم صاروخي روسي، الاثنين، بحياة 4 أشخاص وإصابة 40 آخرين، 11 منهم في حالة حرجة، في مدينة دنيبرو بشرق أوكرانيا، وفقاً لرئيس الإدارة الإقليمية فلاديسلاف هايفانينكو.

وقالت القوات الجوية الأوكرانية إن “روسيا أطلقت 89 طائرة بدون طيار هجومية وتضليلية ليل الأحد قبل الهجوم على دنيبرو، وتم إسقاط أو تشويش 63 طائرة بدون طيار منها”.

وبحسب التقرير الشهري للقوات الجوية الذي نشر، الاثنين، أطلقت روسيا في نوفمبر 100 صاروخ من أنواع مختلفة و9588 طائرة استطلاع وهجومية على أوكرانيا.

وقالت روسيا، الاثنين، إن قواتها سيطرت على مستوطنة أخرى في شرق أوكرانيا، وهي كلاينوف في إقليم دونيتسك. ولم تتمكن “رويترز” من التحقق من صحة التقرير بشكل مستقل.

وتقول موسكو إنها على وشك الاستيلاء على مدينة بوكروفسك المدمرة، وهي أكبر مكسب لها منذ ما يقرب من عامين.

وفي الوقت نفسه، تقصف المدن الأوكرانية ليلاً بضربات بعيدة المدى، تستهدف بشكل أساسي البنية التحتية للطاقة، تاركة الأوكرانيين في برد وظلام متكرر مع حلول الشتاء الرابع في الحرب

شاركها.