– نادين جبور

تشهد قاعات الدراسة إقبالًا متزايدًا من طلاب المدارس والجامعات، ولا سيما العاملين منهم، وسط تراجع مستوى الخدمات الأساسية في المنازل، خصوصًا الكهرباء والإنترنت. هذا الواقع يدفع العديد منهم إلى البحث عن بيئة منظمة تلبي احتياجاتهم الأساسية، وتساعدهم في التركيز على إنجاز مهامهم الدراسية أو المهنية.

وتُقدِّم هذه القاعات، المنتشرة في دمشق وريفها، بديلًا عمليًا للراغبين في الدراسة أو العمل ضمن بيئة مناسبة، في ظل الانقطاعات المتكررة للكهرباء والمياه، وضعف خدمة الإنترنت، فضلًا عن الضجيج في كثير من المنازل والأحياء.

تتنوع هذه القاعات من حيث أنماطها وخدماتها، فمنها ما يُعرف بـ”قاعات الهدوء” التي تركّز على الصمت التام، وأخرى تتيح المناقشات الجماعية أو تقديم الدروس الخصوصية، بالإضافة إلى قاعات مخصصة للحجوزات الجماعية أو الاجتماعات.

ولا تقتصر فئة المستفيدين من هذه القاعات على الطلاب، إذ يرتادها أيضًا باحثون، ومبرمجون مستقلون، ومصمّمون، ورواد أعمال ناشئون.

سعيد، وهو مصمم “غرافيك”، يتردد على هذه القاعات ثلاث مرات أسبوعيًا، نظرًا لصعوبة العمل من المنزل بسبب انقطاع الكهرباء وغياب الهدوء، بينما يجد في هذه القاعات بيئة مجهّزة بكافة الخدمات التي يحتاج إليها، وفق ما قاله ل.

الإقبال حسب المواسم

تشهد القاعات ازدحامًا واضحًا خلال أشهر محددة من العام، أبرزها أيار وحزيران وتموز، وتشرين الأول وتشرين الثاني، وهي فترات تتزامن مع امتحانات طلاب الجامعات الحكومية والخاصة، وامتحانات الشهادة الثانوية.

وأوضحت موظفة استقبال في قاعة دراسية بمنطقة المزة، أن إدارة القاعة تخصص، قبيل امتحانات “البكالوريا”، قاعة مستقلة لطلاب الشهادة الثانوية نظرًا لأعدادهم الكبيرة.

وأشارت إلى أن الضغط الأكبر يأتي عادة من طلاب الكليات العلمية وطلاب “البكالوريا”، خاصة خلال الشهر الذي يسبق الامتحانات. أما في فترات العطلة الصيفية، فينخفض عدد الروّاد، باستثناء بعض العاملين والطلاب المتفوقين الذين يواصلون الدراسة على مدار العام.

كثير من الطلاب يفضلون الدراسة في القاعات بدلًا من المنازل، بحسب موظفة الاستقبال، لما توفّره من أجواء تشجع على التركيز، حيث يكون الجميع من حولهم منشغلين بالدراسة، ما يعزز من الحافز ويُقلّل من الشعور بالملل.

خدمات متكاملة بأسعار متفاوتة

توفّر القاعات خدمات متعددة تشمل الكهرباء المستمرة، والإنترنت الجيد (نسبيًا)، والتدفئة الشتوية، والتكييف الصيفي، إلى جانب “بوفيه” وأماكن للاستراحة.

أما من ناحية الأسعار، فتختلف بحسب عدد الساعات والموقع، ففي قاعات دمشق، تتراوح الأسعار بين 2500 و5000 ليرة سورية للساعة الواحدة، في حين تتراوح في ريف دمشق بين 3000 و8000 ليرة، لكن ما يميز بعض القاعات أن الوقت غير محدد بالساعة، بل يكون مفتوحًا.

كما تُتاح خيارات للاشتراك الأسبوعي أو نصف الشهري أو الشهري، وتتضمن هذه الاشتراكات خصومات على السعر الإجمالي. وتتوفر أيضًا إمكانية حجز قاعة كاملة، حيث تبدأ الأسعار من 30,000 ليرة للساعة للقاعات الصغيرة، وقد تصل إلى 50,000 للقاعات الأكبر التي تتسع لنحو 25 شخصًا.

خالد، وهو طالب في كلية الطب، يعتبر الأسعار مقبولة مقارنة بالخدمات المتاحة، خاصة أن وجود الكهرباء والإنترنت بشكل مستمر أمر غير مضمون في المنازل.

مصدر تمويل القاعات

تعتمد معظم القاعات الدراسية على اشتراكات الطلاب كمصدر رئيس للتمويل، دون تلقي دعم حكومي أو خارجي.

وأوضح محمد الميداني، مدير قاعات “المطالعة الدمشقية” في منطقة السبع بحرات بدمشق أن الاشتراكات تسهم بشكل كبير في تغطية التكاليف، خصوصًا في ظل صعوبات تأمين الكهرباء، والمحروقات، وخدمة الإنترنت المستقرة.

وفي جرمانا، ذكرت حلا بركات، مديرة قاعة دراسية، أن بعض القاعات التابعة لمؤسسات دينية أو مجتمعية (كالكنائس أو الجوامع) تحصل على تمويل عبر التبرعات، ما يمكّنها من تقديم خدماتها بأسعار رمزية أو شبه مجانية في بعض الحالات.

تحديات البقاء

تواجه إدارات القاعات الدراسية تحديات كبيرة تتعلق بتأمين البنية التحتية الأساسية، وهي ضرورية لضمان استمرارية العمل بجودة مقبولة.

وأشارت إحدى الإدارات في منطقة الروضة إلى أن الانقطاع المتكرر للكهرباء، وعدم توفر المياه بشكل دائم، يشكّلان عبئًا يوميًا، إلى جانب بطء خدمة الإنترنت، التي تُعد ضرورية لإنجاز المهام الدراسية والمهنية.

ولا تقتصر التحديات على الجانب الخدمي، بل تمتد إلى الجانب الاقتصادي، حيث يشكّل الارتفاع المستمر في تكاليف التشغيل ضغطًا إضافيًا، لا سيّما أسعار المحروقات اللازمة لتشغيل المولدات، واشتراكات الإنترنت، إلى جانب نفقات التدفئة والتكييف والصيانة الدورية.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.