قبل الإقالة.. تاريخ طويل من الخلافات بين نتنياهو وجالانت
أقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، وزير دفاعه يوآف جالانت، بعد سلسلة من الخلافات بشأن إدارة الحرب على قطاع غزة الفلسطيني ولبنان.
وتحدّث نتنياهو عن وجود خلافات كثيرة ظهرت بينه وبين جالانت فيما يتعلق بحرب إسرائيل على قطاع غزة ولبنان، موضحاً: “رافقت هذه الفجوات تصريحات وأفعال تخالف قرارات الحكومة، وقرارات المجلس الوزاري المصغر”.
وأشار إلى أنه “في خضم الحرب، هناك حاجة أكبر من أي وقت مضى إلى الثقة الكاملة بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وللأسف، رغم أن هذه الثقة كانت موجودة في الأشهر الأولى من الحرب وكانت هناك علاقة عمل مثمرة، إلّا أنها بدأت تتلاشى في الأشهر الأخيرة بيني وبين وزير الدفاع”.
في المقابل، أرجع جالانت أسباب الإقالة إلى أنها نتيجة خلافات بشأن 3 مواضيع، أولهما “إصراري القوي على أن كل شخص في سن التجنيد ملزم بالخدمة في الجيش الإسرائيلي”.
وأشار إلى أنه “لا يجب السماح بتمرير قانون تمييزي وفاسد في الكنيست يعفي عشرات الآلاف من المواطنين من تحمُّل العبء، لقد حان وقت التغيير”.
وأوضح أن السبب الثاني يتمثّل في “إعادة المحتجزين في قطاع غزة، وضرورة تشكيل لجنة تحقيق وطنية”، في إشارة إلى أحداث السابع من أكتوبر 2023.
وخلال الأسابيع الأولى من الحرب على غزة، قدمت قيادة إسرائيل “جبهة موحدة” عندما ردت على هجمات 7 أكتوبر 2023، ولكن مع استمرار الحرب وتوسعها إلى لبنان، ظهرت اختلافات سياسية رئيسية.
وفي حين دعا نتنياهو إلى استمرار الضغط العسكري على حركة “حماس”، اتخذ جالانت نهجاً مغايراً، قائلاً إن القوة العسكرية خلقت الظروف اللازمة للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي يمكن أن يعيد المحتجزين في قطاع غزة إلى ديارهم.
خلافات قديمة
العلاقة بين نتنياهو وجالانت نادراً ما كانت “ودية” وغالباً ما كانت “متوترة”، بسبب خلافات بشأن المفاوضات مع “حماس”، والاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، ومحاولة نتنياهو لفرض ما أسماه بـ”إصلاح شامل للقضاء” في عام 2023.
وتدهورت علاقة الجانبين عندما هدد نتنياهو بطرد جالانت في مارس 2023، بعد أن انتقد تشريع الحكومة لـ”إصلاح القضاء”. وكان مشروع القانون، الذي أثار احتجاجات شعبية واسعة النطاق في إسرائيل، سيمنح الائتلاف الحاكم نفوذاً أكبر في اختيار القضاة.
وكان جالانت من أول الوزراء الذين عارضوا نتنياهو، قائلاً: “الانقسام المتعمق يتسرب إلى الأجهزة العسكرية والأمنية، وهذا خطر واضح وفوري وحقيقي على أمن إسرائيل، لن أساعد في ذلك”.
فيما هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بطرد وزير دفاعه، لكنه تراجع عن موقفه بعد ضغوط، واستمرت الضغينة بين الرجلين ونمت منذ هجمات 7 أكتوبر 2023.
وفي أغسطس، قال جالانت للجنة مغلقة في الكنيست الإسرائيلي، إن هدف نتنياهو المتمثل في “النصر المطلق” في غزة هو مجرد “هراء”، ثم اتخذ نتنياهو خطوة غير عادية بإصدار بيان صحافي يتهم جالانت بتبنّي “سرد معادٍ لإسرائيل”.
كما انتقد جالانت إصرار نتنياهو على السيطرة على الممر الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر، المعروف باسم “ممر فيلادلفيا”، وقال إن إعطاء الأولوية للسيطرة على (الممر) على وقف إطلاق النار وصفقة المحتجزين، كان “عاراً أخلاقياً”.
عدم التوافق بشأن حرب غزة
وفي مايو، أعرب جالانت عن إحباطه إزاء فشل الحكومة في معالجة خطة اليوم التالي للحرب في غزة، وأراد الوزير الإسرائيلي في ذلك الوقت أن يعلن نتنياهو أن إسرائيل ليس لديها خطط لتولّي الحكم المدني والعسكري في القطاع الفلسطيني.
وكانت هذه إشارة علنية نادرة على الانقسامات داخل مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي بشأن اتجاه الحرب، وقال جالانت: “منذ أكتوبر، كنت أثير هذه القضية باستمرار في مجلس الوزراء، ولم أتلق أي رد”.
وردّ نتنياهو قائلاً إنه “ليس مستعداً لتبادل حماستان بفتحستان”، في إشارة إلى حركتَي “حماس” و”فتح”، ولفت رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أنه اختلف مع جالانت بشأن إدارة الحرب، واتهم وزير دفاعه (المُقال) بالإدلاء بتصريحات واتخاذ إجراءات تتناقض مع قرارات مجلس الوزراء.
ويأتي قرار الإقالة وسط ضغوط في ائتلاف نتنياهو بشأن تجنيد اليهود الحريديم. ووافق جالانت الاثنين، على تجنيد 7 آلاف آخرين.
وذكرت القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية أن قرار نتنياهو جاء مدفوعاً بقرار جالانت هذا الأسبوع بإرسال آلاف الإخطارات بالتجنيد إلى اليهود الحريديم.
تظاهرات في تل أبيب
وخرجت تظاهرات واسعة إلى الشوارع في تل أبيب احتجاجاً على قرار نتنياهو بإقالة جالانت.
وقال المنتدى الشعبي الذي يُمثّل عائلات المحتجزين إن “إقالة جالانت هي استمرار مباشر للجهود الرامية إلى نسف عقد صفقة لإعادة المحتجزين”، حسبما نقلت “تايمز أوف إسرائيل”.
ودعا المنتدى وزير الدفاع الجديد، يسرائيل كاتس، إلى تقديم “التزام صريح” بإنهاء الحرب، والتوصل إلى اتفاق لإعادة المحتجزين إلى ديارهم.
وكان جالانت أدلى مؤخراً بتصريحات بدت متناقضة مع الكثير من الخطاب الصادر عن الحكومة الإسرائيلية، داعياً إلى تقديم “تنازلات مؤلمة” لإعادة المحتجزين الإسرائيليين من غزة.