أعلن مكتب المدعي العام في روسيا أن هجوماً إلكترونياً استهدف شركة الطيران الروسية الحكومية “إيروفلوت”، وتسبب في انقطاع شامل لأنظمة حواسيب الشركة يوم الاثنين، مما أجبرها على إلغاء أكثر من 100 رحلة وتأجيل أخرى، حسب ما أفادت مجلة “بوليتيكو”.
وأعلنت مجموعة القراصنة الأوكرانية “سايلنت كرو”، ومجموعة القراصنة البيلاروسية الناشطة “أنصار الإنترنت البيلاروسية”، المعارضة لحكم الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، مسؤوليتهما عن الهجوم الإلكتروني.
وأظهرت مجموعة صورٌ نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تجمع مئات الركاب في مطار شيريميتيفو بموسكو، مقر “إيروفلوت”، كما تسبب الانقطاع في تعطيل رحلات شركتي “روسيا”، و”بوبيدا” التابعتين لشركة “إيروفلوت”.
وفي حين أن معظم الرحلات المتأثرة كانت رحلات داخلية، إلا أن الاضطراب أدى أيضاً إلى إلغاء بعض الرحلات الدولية إلى بيلاروس، وأرمينيا، وأوزبكستان.
في بيان صدر في وقت مبكر من صباح الاثنين، حذرت “إيروفلوت” المسافرين من أن أنظمتها الإلكترونية تواجه صعوبات غير محددة، وأن اضطرابات قد تنجم عن هذه المشاكل.
وأكد مكتب المدعي العام الروسي لاحقاً أن هجوماً إلكترونياً تسبب في انقطاع الخدمة، وأنه فتح تحقيقاً جنائياً.
وزعمت مجموعة “سايلنت كرو” أنها اخترقت شبكة شركة “إيروفلوت” لمدة عام، ونسخت بيانات العملاء والبيانات الداخلية، بما في ذلك التسجيلات الصوتية للمكالمات الهاتفية، وبيانات حول الموظفين، وغيرها من الاتصالات التي تم اعتراضها.
وجاء في منشور لمجموعة “سايلنت كرو” على “تليجرام”: “جميع هذه الموارد الآن مُدمّرة أو لا يمكن الوصول إليها، وقد تتطلب استعادتها عشرات الملايين من الدولارات.. الضرر استراتيجي”، وقالت “بوليتيكو” إنها لم تتمكن من التحقق من هذه الادعاءات بشكل مستقل.
كما نشرت القناة نفسها لقطات شاشة تُظهر الأنظمة الداخلية لشركة “إيروفلوت”، وألمحت إلى أن “سايلنت كرو” قد تبدأ بمشاركة البيانات التي استولت عليها في الأيام المقبلة.
وكانت مجموعة القراصنة البيلاروسية “أنصار الإنترنت البيلاروسية” قد أعلنت سابقاً مسؤوليتها عن عدد من الهجمات الإلكترونية، وقالت في أبريل 2024 إنها تمكنت من اختراق شبكة جهاز الأمن الرئيسي في بيلاروس (كي جي بي).
تعطيل الحياة اليومية
وقالت يوليانا شاميتافيتس، منسقة المجموعة: “هذا هجوم واسع النطاق للغاية، وهو من أكثر الهجمات إيلاماً من حيث العواقب”، وأضافت أن المجموعة كانت تُعدّ للهجوم منذ عدة أشهر، وتمكنت من اختراق شبكة “إيروفلوت” من خلال استغلال ثغرات أمنية مختلفة.
وبيلاروس حليف وثيق لروسيا، وسمح لوكاشينكو، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لأكثر من 30 عاماً واعتمد على الدعم والمساعدات الروسية، لموسكو باستخدام أراضي بلاده لشن غزو شامل لأوكرانيا في 24 فبراير 2022، ونشر بعض الأسلحة النووية التكتيكية الروسية في بلاده.
وواجهت مطارات روسيا تأخيرات متكررة خلال الصيف نتيجة هجمات الطائرات الأوكرانية المسيرة، مما أدى إلى توقف الرحلات الجوية وسط مخاوف أمنية، وعلى مدار الأشهر الماضية، بذلت أوكرانيا والجماعات التي تدعمها جهوداً لتعطيل سير الحياة اليومية في روسيا.
واستهدفت طائرات أوكرانية مُسيّرة مناطق مُحيطة بالمطارات الروسية، مُحدثةً فوضى في مباني المسافرين خلال موسم العطلات.
وأصبحت الهجمات وإغلاق المطارات أحداثاً شبه يومية في المدن الروسية الكبرى، مُسببةً مئات التأخيرات والإلغاءات في الرحلات الجوية، ما أثر على آلاف المسافرين.
وفي الأسبوع الماضي، تأخرت رحلات أكثر من 50 قطار ركاب جنوب وسط روسيا بعد هجوم بطائرة مسيرة على محطة رئيسية، وفقاً لبيان لشركة السكك الحديدية الروسية، ويوم الخميس، هاجمت طائرات مسيرة مدينة سوتشي السياحية الروسية على البحر الأسود، مما أسفر عن مصرع شخصين وإجبار الفنادق على إخلاء نزلائها.
حملة مدروسة
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن بعض المحللين قولهم إن هذه الإجراءات بدت جزءاً من حملة مدروسة وواسعة النطاق.
وقال فاليري شيرييف، وهو محلل عسكري روسي مستقل: “تكشف تصرفات أوكرانيا عن ملامح جهد متتابع مُخطط له”. وأضاف: “مع بداية موسم السياحة، حيث يسافر العديد من الروس لقضاء العطلات، تتعطل الرحلات الجوية مراراً وتكراراً”.
وتطلق روسيا آلاف الطائرات المسيرة على أوكرانيا في هجمات تصاعدت بشكل مطرد في الأشهر الأخيرة، حتى مع بدء محادثات وقف إطلاق النار في الربيع.
وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت جماعة “سايلنت كرو” مسؤوليتها عن هجمات استهدفت قاعدة بيانات عقارية روسية، وشركة اتصالات حكومية، وقسم تكنولوجيا المعلومات في مدينة موسكو، من بين أهداف أخرى.
وفي حديثه عن هجوم “إيروفلوت”، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن “القرصنة تهديد لا يزال قائماً لجميع الشركات الكبرى”.