قصر البصر.. مشكلة تبدأ في الطفولة وتستمر مدى الحياة
د. أكرم خولاني
مشكلة قصر البصر هي إحدى مشكلات الرؤية الشائعة، التي تؤدي في حال عدم تصحيحها إلى صعوبة أداء المهام اليومية بكفاءة، وعدم الاستمتاع بممارسة الأنشطة، وتراجع التحصيل المدرسي والمهارات الأكاديمية، وينتج عن ذلك قلة الثقة بالنفس وضعف بالتفاعلات الاجتماعية.
ما المقصود بقصر البصر
قصر البصر أو الحَسَر (Myopia or Nearsightedness) هو مشكلة بصرية شائعة يعاني المصابون بها من عدم القدرة على رؤية الأشياء البعيدة بوضوح بينما يمكن رؤية الأشياء القريبة واضحة وحادة.
ويعد قصر البصر أحد عيوب الانكسار، حيث يتركز الضوء عند دخوله إلى العين أمام الشبكية بدلًا من تركزه عليها مما يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية، وهذا عكس ما يحدث في حالة مد البصر، ويحدث ذلك بسبب الزيادة في طول كرة العين وتسمى هذه الحالة “قصر البصر المحوري” وهو الأكثر شيوعًا، أو قد يحدث بسبب زيادة في الانكسار داخل العين نتيجة كون القرنية محدبة أكثر من اللازم وتسمى هذه الحالة “قصر البصر الانكساري”.
عادة ما يتطور قصر البصر في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ويستمر في التفاقم والازدياد مع نمو العين حتى الوصول إلى عمر 20-24 سنة، إلا أنه قد يحدث في أي عمر.
ما الأسباب
لا يعرف السبب الدقيق وراء حدوث التغيرات التي تؤدي لقصر البصر، ولكن يرجح أن العوامل الوراثية تلعب دورًا في ذلك.
ولكن هناك عوامل تجعل خطر الإصابة بقصر البصر أكبر، وأهمها:
- الجنس: النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بقصر البصر.
- العمر: يعد الأطفال بين عمر 6 و14 عامًا أكثر عرضة للإصابة بقصر البصر.
- التاريخ العائلي: تزداد احتمالية الإصابة بقصر البصر إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما مصابًا به
- الخداج: الخدّج، وخاصة المصابين بمرض شبكية العين الخاص بالخدّج، يكون احتمال إصابتهم بقصر البصر أكبر.
- بعض الأمراض: يمكن أن تتسبب بعض الحالات الطبية مثل داء السكري أو بداية إعتام عدسة العين في حدوث قصر البصر عند الكبار.
- نمط الحياة الخاطئ: قد يؤدي قضاء وقت طويل في العمل من مسافة قصيرة، كالقراءة أو العمل على الكمبيوتر أو ممارسة ألعاب الفيديو، إلى الإصابة بقصر البصر المؤقت، والذي قد يتطور إلى قصر بصر دائم مع تكرار إجهاد العين.
ما الأعراض
قد يكون العرض الوحيد لقصر البصر في بعض الحالات هو عدم رؤية الأشياء البعيدة بوضوح، وفي حال ظهور أعراض أخرى فقد تتضمن الأعراض العامة ما يلي:
- تشوش الرؤية عند النظر إلى الأشياء البعيدة.
- الحاجة إلى إغماض العينين جزئيًا من أجل الرؤية بوضوح.
- تقريب الكتاب من الوجه عند القراءة.
- الشعور بإجهاد في العين.
- الصداع.
وبالنسبة للأطفال فقد يلاحظ قصر البصر لديهم في عدم قدرة الطفل على قراءة ما يكتب على السبورة في المدرسة، على الرغم من قدرته على القراءة من الكتاب بوضوح، غير أن الأطفال الأصغر سنًا من 8 سنوات ربما لا يعبرون عن مواجهتهم صعوبة في الرؤية، ولكنهم قد ينتهجون السلوكيات التالية التي تشير إلى صعوبة الرؤية:
- يحولون أو يُغمضون أعينهم جزئيًا بصورة متكررة.
- يرمشون بأعينهم بصورة مفرطة.
- يفركون أعينهم كثيرًا.
- يقربون الكتب والأشياء كثيرًا من وجوههم.
- يجلسون قريبًا جدًا من التلفزيون أو الكمبيوتر.
- يطلبون الجلوس في المقاعد الأمامية في الصف.
- لا يهتمون بالرياضة أو الفعاليات الأخرى التي تتطلب رؤية جيدة إلى مسافات بعيدة.
وتجب الإشارة إلى أن بعض الأشخاص قد يشكون من تشوش الرؤية في الإضاءة الخافتة فقط، كما يحدث في أثناء القيادة ليلًا، حتى ولو كانوا يرون بوضوح في النهار، وذلك نتيجة ضعف تركيز الضوء، ويُطلق على هذه الحالة “حَسَر البصر الليلي”.
كيف يتم التشخيص
يُشخَّص قصر البصر عن طريق إجراء فحص العينين عند طبيب العيون، وتشمل الفحوصات:
فحص حدة الإبصار: يقيس مدى حدة الإبصار من على بعد معين، ويُجرى لكل عين على حدة، حيث تُغطى إحدى العينين ويُطلب من الشخص قراءة حروف أو رموز ذات أحجام مختلفة على مخطط فحص الرؤية، ثم يُكرر الأمر مع العين الثانية.
اختبار جهاز محرك الإبصار: في هذا الاختبار سيقرأ الشخص مخططًا لفحص الإبصار في أثناء النظر عبر جهاز به عدسات مختلفة للمساعدة في تحديد مقاس مناسب لتصحيح مشكلات الرؤية.
اختبارات أخرى للتأكد من سلامة العين: استجابة حدقة العين للضوء، وحركة العين، ومجال الرؤية الجانبية، وقياس ضغط العين، وتفحص حالة القرنية والحدقة والعدسة وجفني العين، وفحص أجزاء العين الداخلية (شبكية العين والعصب البصري).
ينطوي علاج قصر البصر على تصحيح الانكسار بجعل الضوء يتركز على شبكية العين مباشرة، ويمكن أن يتم ذلك بالطرق التالية:
العدسات التصحيحية:
يعالج ارتداء العدسات التصحيحية قصر البصر من خلال تعديل انحناء القرنية الزائد أو الطول الزائد للعين، وهي تشمل النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة، ويعتبر استخدام النظارات أو العدسات اللاصقة طريقة بسيطة وآمنة، وهو العلاج الأكثر شيوعًا.
تقويم القرنية بالعدسات الصلبة:
يتضمن العلاج ارتداء عدسات لاصقة صلبة عدة ساعات في أثناء النوم فقط، مما يسهم في تسطيح انحناء القرنية تدريجيًا وتحسن الرؤية البعيدة، وهذه العدسات غير مخصصة للارتداء في أثناء النهار.
العلاج الجراحي:
يتم اللجوء إلى الجراحة الانكسارية في حالات قصر البصر الشديد أو عند الرغبة في الحصول على حل نهائي لقصر البصر دون ارتداء النظارات أو العدسات اللاصقة، وتشمل أنواع الجراحة ما يلي:
جراحات الليزر (ليزيك):
تنطوي هذه الجراحة على استخدام الليزر لتغيير شكل القرنية بحيث يتم تصحيح مكان تركز الضوء في العين، وعادة ما تستغرق هذه الجراحة عدة دقائق فقط ولا تكون مؤلمة، ولكن قد يعاني الفرد من جفاف العين وتشوش الرؤية مدة أسابيع أو أشهر بعد العملية.
زراعة عدسة:
غالبًا ما يتم اللجوء إلى هذا الخيار في حالات قصر البصر الشديد، وفيه توضع عدسة تصحيحية داخل العين أمام عدسة العين أو يتم استبدال عدسة العين.
هل يمكن الوقاية من الإصابة بقصر البصر؟
لا توجد طريقة معروفة لمنع حدوث قصر البصر، واستخدام النظارات أو العدسات اللاصقة لا يؤثر على تقدم الحالة، ورغم أن هناك طرقًا مقترحة قد تبطئ من تفاقم الحالة فإنها تحتاج إلى دراسات إضافية لتحديد مدى فعاليتها، ومن هذه الطرق:
قطرات الأتروبين: تُستخدم عادة لتوسيع حدقة العين، ويمكن أن تساعد الجرعات المنخفضة منها على إبطاء تقدم قصر البصر.
العدسات اللاصقة ذات التركيز المزدوج: هي نوع من العدسات اللاصقة التي ثبت أن لها تأثيرًا في إبطاء تقدم قصر البصر.
العدسات اللاصقة الصلبة: يمكن وضعها خلال الليل لفترة مؤقتة لتصحيح تحدب القرنية، وقد أظهرت الدراسات أن هذا العلاج يمكن أن يبطئ تقدم قصر البصر.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي