قصف تركي يستهدف بنى تحتية شمالي سوريا
تركز القصف التركي شمال شرقي سوريا على بنى تحتية، ما أدى إلى إخراج بعضها عن الخدمة، إلى جانب غارات أخرى طالت مواقع عسكرية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وأفاد مراسلا في الحسكة أن القصف التركي استمر لليوم الثاني على التوالي، إذ طال اليوم، الخميس 24 من تشرين الأول، محطات نفطية، وأخرى كهربائية، أسفرت عن انقطاع خدمات الكهرباء عن مدن وقرى شرقي الحسكة.
وخرجت محطة “السويدية” عن الخدمة للمرة الثانية خلال هذا العام إثر قصف تركي أسفر عن مقتل ثمانية داخل المحطة، وفق ما نقلته قناة “روناهي” المقربة من “الإدارة الذاتية”.
وأعلنت “الإدارة الذاتية” أن منشأة توليد الكهرباء في محطة السويدية بكامل ملحقات ومتممات المنظومة الكهربائية من محولات وساحة التحويل باتت خارج الخدمة تمامًا، بعد الهجوم التركي الذي استهدفها مساء الأربعاء.
ووفق ما رصده مراسلا في الحسكة، أسفر استهداف المحطة عن انقطاع الكهرباء في مناطق واسعة من ريفي الحسكة الشمالي والشرقي، إذ انقطع التيار عن مدينة عامودا بالكامل، والقامشلي، وقرى وبلدات أخرى.
وتعتبر هذه المرة الثانية التي تخرج فيها “محطة السويدية” عن الخدمة خلال العام الحالي، إذ سبق وقصفتها طائرات تركية مطلع العام الحالي، أسفرت عن دمارها بالكامل، وفق ما أعلنته “الإدارة الذاتية” حينها.
ووفق مراسلة في الحسكة، تعرضت المحطة نفسها لأكثر من عشر غارات جوية منذ مساء أمس، وحتى لحظة إعداد هذا الخبر.
“الإدارة الذاتية” قالت من جانبها عبر بيان، إن الطائرات التركية هاجمت المراكز الحيوية والبنية التحتية، بما في ذلك محطة “السويدية” للطاقة، مخلفة 12 قتيلًا مدنيًا وعشرات الجرحى.
ووفق “الإدارة” تعرضت محطة توليد كهرباء في عين العرب- كوباني للقصف، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة وأريافها.
من جانبها قالت الرئيسة المشاركة لهيئة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية”، إلهام أحمد، إن “استهداف شمال شرقي سوريا كلما وقع حادث أمني في تركيا ينتهك القوانين الدولية”.
وأدانت عبر “إكس” الهجمات التركية “على المدنيين والبنية التحتية” ووصفتها بـ”الإجرامية”.
بعد هجوم أنقرة
منذ أمس الأربعاء، صعّدت تركيا من هجماتها الجوية مستهدفة مواقع “قسد” شمال شرقي سوريا، عقب ساعات من هجوم وصفته أنقرة بـ”الإرهابي” استهدف شركة خاصة بالصناعات العسكرية بالعاصمة التركية أنقرة.
وقالت وزارة الدفاع التركية إن قواتها دمرت 32 موقعًا لـ”إرهابيين” في عملية جوية على شمالي العراق وسوريا.
وأضافت أن الهجوم جاء “تماشيًا مع حق الدفاع عن النفس، وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة”.
وقال وزير الدفاع التركي يشار جولر، عقب الهجوم، إن “العمال الكردستاني” هو المسؤول عن هجوم أنقرة.
وأضاف وفق ما نقلته وسائل إعلام تركية، “إننا نعطي حزب العمال الكردستاني العقوبة التي يستحقونها في كل مرة، لكنهم لا يصبحون أكثر ذكاء أبدًا”.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى اللحظة.
وسبق أن شنت تركيا حملات قصف جوي مشابهة، بعد هجمات اتهم بها “العمال الكردستاني”، أحدها وقع في شارع الاستقلال بمدينة اسطنبول التركية، والآخر استهدف تجمعًا لمقار حكومية في العاصمة أنقرة.
وتعد تركيا “قوات سوريا الديمقراطية” امتدادًا لـ”العمال الكردستاني” بسبب هيمنة “وحدات حماية الشعب”، على القرار العسكري فيها، وهي الجناح العسكري من “حزب الاتحاد الديمقراطي” المقرب من “العمال”.
اقرأ أيضًا: هل تبتعد “الإدارة الذاتية” عن “العمال الكردستاني” لإرضاء تركيا
بعد أطروحات للحوار
كانت “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا، وجناحها العسكري “قسد”، أبدت استعدادًا للحوار مع جميع الأطراف، يشمل ذلك تركيا.
لم يكن إبداء الاستعداد للحوار تغيرًا جذريًا، إذ لطالما قالت “الإدارة الذاتية” إنها مستعدة للحوار، وتهدف للوصول إلى حل يرضي الأطراف، لكن هذه التعليقات كانت مشروطة دائمًا.
وفي أحدث تذكير لأطروحات الحوار، قال قائد “قسد” مظلوم عبدي، عبر حسابه في “إكس” إن تركيا تقصف مناطق سيطرة قواته “بشكل عشوائي دون مبرر”، مستهدفة المراكز الخدمية والصحية والمدنيين.
وأضاف أن ما يحدث هو “جريمة حرب حقيقية”، مشيرًا إلى أن “قسد” أبدت مرارًا جاهزيتها للحوار، لكنها تؤكد أن قواتها مستعدة للدفاع عن شعبها وأرضها.
ومن جانب تركيا، مرّت سياسة أنقرة بانعطافات عديدة في سوريا، من دعم “التحول الديمقراطي” إلى استراتيجية أمنية- عسكرية تركز على حماية حدودها ومحاربة “الإرهاب” من خلال التدخل العسكري المباشر ودعم “الجيش الوطني السوري” ضد “قسد”، ووصولًا للتقارب مع النظام.
وتعي “الإدارة الذاتية”، وفق تقدير موقف نشره مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، أنها لم تعد تملك رفاهية المناورة بين الأطراف الإقليمية والدولية، فهي تدرك أن تغير السياسة التركية للتحالف مع النظام السوري ضدها، هو تغيير استراتيجي وليس تكتيكي.
وسيقلل أي تحالف ضدها من خياراتها المتاحة ويضعها في مواجهة “تحديات صعبة”، لا سيما أنه سيقطع الطريق أمام أي اتفاق مستقبلي بينها وبين النظام، ما دفعها لطلب الحوار بحثًا عن مناورة جديدة.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي