دافع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن وزيرة العدل بام بوندي، في محاولة لإخماد الغضب المتصاعد داخل قاعدته “لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى” (MAGA) بسبب قضية جيفري إبستين، التي توصف بأنها “أكبر فضيحة جنسية في أميركا”.
وانتقد ترمب في منشور مطول على منصته “تورث سوشيال”، ما وصفه بـ”الهجوم المنسق” ضد بوندي، قائلاً: “ما الذي يحدث مع أولادي؟ وفي بعض الحالات بناتي؟ الجميع يهاجمون بام بوندي، وهي تقوم بعمل رائع! نحن فريق واحد، فريق لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”، مضيفاً: “لا يعجبني ما يحدث”.
وطالب عدد من أبرز حلفاء ترمب في MAGA، بإقالة بوندي بسبب طريقة تعامل الإدارة مع التحقيق في قضية جيفري إبستين، الذي انتحر في زنزانته عام 2019.
وروّج ترمب وعدد من حلفائه، بمن فيهم الوزيرة بام بوندي، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل، ونائبه دان بونجينو، لنظريات مؤامرة تتعلق بقضية إبستين، خاصة قبيل انتخابات 2024.
وتعهد ترمب ومسؤولون في حملته بكشف حقيقة ملابسات قضية إبستين وأسباب وفاته، ووعدوا بنشر “قائمة العملاء”، التي يعتقد البعض أنها ستكشف عن ابتزاز إبستين لشخصيات بارزة، كما روجوا لاحتمال اغتياله بهدف إسكات أسراره.
ولكن بعد عودة ترمب إلى البيت الأبيض، بدأت تصريحاتهم تتغير، لتعلن وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي في بيان، هذا الأسبوع، أن لا وجود لقائمة عملاء، وأن إبستين انتحر في الواقع، وهو ما تسبب في غضب كبير بين أنصار “MAGA”، الذين انتقدوا بشدة موقف الإدارة الأميركية.
ترمب يهاجم الديمقراطيين
وقال ترمب في منشوره، السبت، إن “لدينا إدارة مثالية، حديث العالم كله، وهناك أشخاص أنانيون يحاولون إيذاءها”، منتقداً تكرار اسم إبستين “لسنوات مراراً وتكراراً”.
واتهم ترمب خصومه السياسيين ومنهم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ومسؤولين في إدارة سلفه جو بايدن، بالوقوف وراء تسريب ملفات مرتبطة بإبستين، مشيراً إلى أن الهدف منها هو تشويه صورة MAGA، رغم أن تلك الملفات “لا تحتوي على ما يضره”.
وشكك ترمب في دوافع عدم نشر ملفات اغتيال الرئيس السابق جون كينيدي، وزعيم حقوق السود مارتن لوثر كينج، مضيفاً: “لو كان في ملفات إبستين ما يضرنا، لنشروها فوراً”.
واعابر ترمب، أن إدارته تركز على أولويات كبرى مثل “تأمين الحدود، وترحيل المجرمين، الإصلاح الاقتصادي، أمن الطاقة، ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي”، معتبراً أن تلك الإنجازات “لا تكفي بعض الناس”.
كما وجّه دعوة مباشرة إلى مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كاش باتيل، للتركيز على “الفساد الحقيقي”، متهماً إدارة بايدن باستخدام ملف إبستين لصرف الانتباه عن “الانتخابات المزورة لعام 2020.. والتزوير الانتخابي”، على حد تعبيره.
وأمضت إدارة ترمب اليومين الماضيين في نفي تقارير تشير إلى أن نائب مدير FBI بونجينو يفكر في الاستقالة من منصبه، بعد خلاف مع وزيرة العدل في قضية إبستين.
كما نفى مدير FBI باتيل الاستقالة، وكتب على “إكس”: “نظريات المؤامرة ليست صحيحة، لم تكن كذلك أبداً”. وأضاف: “إنه لشرف لي أن أخدم رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب، وسأستمر في القيام بذلك طالما طلب مني ذلك”.
وختم ترمب رسالته بالدفاع مجدداً عن بام بوندي، قائلاً: “دعوا بام تقوم بعملها، إنها رائعة! نحن ننقذ بلادنا ونعيدها إلى عظمتها، لا نحتاج لإضاعة الوقت على جيفري إبستين، شخص لا يهتم به أحد”.
تاكر كارلسون: جيفري إبستين عمل لصالح إسرائيل
وقال المذيع الأميركي تاكر كارلسون، إن جيفري إبستين كان يعمل لصالح الحكومة الإسرائيلية، مشيراً إلى أن “كل شخص في واشنطن” يعتقد نفس الشيء.
وأضاف كارلسون، خلال تجمع للمحافظين في فلوريدا، مساء الجمعة: “لم أقابل أحداً لا يعتقد ذلك”، ملمحاً إلى أن إبستين ربما كان يدير “عملية ابتزاز”.
وانتقد كارلسون البيان الذي أصدرته وزارة العدل، وقال: “السؤال الحقيقي هو: لماذا كان يفعل ذلك، ولصالح من، ومن أين جاءت الأموال؟”.
وأضاف: “أعتقد أن الإجابة الحقيقية هي أن جيفري إبستين كان يعمل نيابة عن أجهزة استخبارات، وربما ليست أميركية. ولدينا كل الحق في أن نسأل، نيابة عن من كان يعمل؟”.
وتابع كارلسون: “الآن، لا يُسمح لأحد بأن يقول إن الحكومة الأجنبية هي إسرائيل، لأننا بطريقة ما تم إخضاعنا للاعتقاد بأن ذلك أمر سيء، لا يوجد خطأ في قول ذلك، لا يوجد معاداة للسامية في قول ذلك، لا يوجد حتى شيء معاد لإسرائيل في قول ذلك”.
وأصبح كارلسون أحد أبرز الأسماء في حركة MAGA الغاضبين من استنتاجات وزارة العدل، وقد أصر في السابق على وجود سبب “واضح” وراء “تستر” وزيرة العدل بام بوندي على “قائمة العملاء”.
“قائمة عملاء” جيفري إبستين
ويأتي هذا التصعيد من ترمب في وقت تتزايد فيه الضغوط الإعلامية والسياسية بشأن نشر مزيد من الوثائق المرتبطة بإبستين، وسط مطالب من الرأي العام بالكشف الكامل عن قائمة علاقاته وشبكة المتورطين المحتملين.
وأثير اسم جيفري إبستين لأول مرة عام 2005، بعدما فتح تحقيق في بالم بيتش بولاية فلوريدا، إثر اتهامه بدفع أموال لفتاة تبلغ من العمر 14 عاماً مقابل الجنس. وجرى اعتقاله عام 2006، وكان حينها ممولاً ثرياً ومشهوراً بعلاقاته الواسعة مع المشاهير والسياسيين والمليارديرات والنجوم الأكاديميين.
وكانت وزارة العدل الأميركية قالت، الاثنين، إن إبستين، لم يحتفظ بـ”قائمة عملاء”، مشيرة إلى أنه لن يتم كشف مزيد من الملفات المتعلقة بهذه القضية، وذلك رغم وعود سابقة بوندي بكشف أسرار جديدة.
ويمثل الإقرار بعدم وجود قائمة عملاء لإبستين، تراجعاً علنياً عن نظرية روج لها مسؤولون في الإدارة الأميركية
وكانت وزيرة العدل أشارت في مقابلة مع FOX NEWS، في وقت سابق من هذا العام، إلى أن ملفات إبستين “موجودة على مكتبي” للمراجعة.
ولمّحت بوندي لأسابيع إلى نيتها الكشف عن المزيد من الوثائق، قائلة إن “الإدارة الحالية جديدة وكل شيء سيُعرض أمام الجمهور”، قبل أن تتراجه هذا الأسبوع.
وأثارت هذه القضية جدلاً واسعاً بعدما دُعي عدد من المؤثرين المحافظين إلى البيت الأبيض في فبراير، حيث حصلوا على ملفات معنونة بـ”ملفات إبستين: المرحلة 1″، وموسومة بأنها “سرية”، رغم أن كثيراً من محتواها كان متاحاً للعامة بالفعل، ما دفع شخصيات محافظة مؤثرة إلى انتقاد بوندي بشدة.