ـ أمير حقوق
أعلنت وزارة الخارجية الكندية إزالة سوريا من قائمتها للدول الأجنبية الداعمة للإرهاب بموجب قانون حصانة الدولة، موضحة أن هذه الإجراءات تأتي في أعقاب الجهود التي تبذلها الحكومة السورية لتعزيز استقرار سوريا، وبناء مستقبل شامل وآمن لمواطنيها، بحسب قالته في بيانها الذي نشرته في 5 من كانون الأول الحالي.
السفير الكندي بدمشق، غريغوري غاليغاندي، أكد ترحيب بلاده بالتقدم الذي أحرزته سوريا بمجال الإصلاح السياسي والاقتصادي.
بدورها، الخارجية السورية رحبت في بيان بقرار الحكومة الكندية رفع العقوبات المفروضة على سوريا، معتبرة أن هذه الخطوة تسهم في دعم جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، وتصب في مصلحة الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
ما مضمون العقوبات؟
بعد قرار كندا رفع العقوبات عن سوريا، شرعت الأوساط الاقتصادية بالتعريف عن العقوبات الاقتصادية الكندية التي كانت مفروضة على سوريا، وتحديد القطاعات التي فرضت عليها مجموعة من القيود الاقتصادية إثر تلك العقوبات.
العقوبات الكندية على سوريا تمحورت في الأساس حول الحظر التجاري والمالي، وخاصة فيما يتعلق بتوريد المنتجات السورية والتبادل التجاري بين البلدين، كما شملت العقوبات حظرًا مباشرًا على النفط السوري الذي كان يصدر سابقًا بكميات كبيرة إلى أوروبا بفضل جودته العالية، وفق ما قاله الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي.
وأضاف قضيماتي، في حديث إلى، أن العقوبات طالت أيضًا التعاملات المالية، حيث فُرض حظر على المصارف والمؤسسات الحكومية السورية، إلى جانب تجميد الأصول السورية الموجودة في كندا ومنع السفر.
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور علي محمد أن القطاعين المالي والتجاري كانا الأكثر تأثرًا، إذ شملت الإجراءات تجميد الأموال، ووقف التحويلات، وقطع التعامل مع المصارف السورية.
أما تجاريًا، فقد تضمنت العقوبات حظر استيراد السلع السورية وخاصة النفط والغاز والمنتجات الزراعية، بالإضافة إلى منع توريد السلع والخدمات الكندية إلى سوريا، ولا سيما المنتجات ذات الاستخدام التكنولوجي أو المرتبطة بالمجالين المدني والعسكري.
القطاعان المالي والتجاري كانا الأكثر تأثرًا بالعقوبات الكندية، إذ شملت الإجراءات تجميد الأموال، ووقف التحويلات، وقطع التعامل مع المصارف السورية.
د. علي محمد
خبير اقتصادي
انعكاسات رفع العقوبات
يبرز قرار كندا برفع العقوبات المفروضة على سوريا بوصفه خطوة تحمل أبعادًا اقتصادية وسياسية واسعة، ومع أن العقوبات شكلت لسنوات عائقًا مباشرًا أمام التعاملات الاقتصادية بين البلدين، فإن إزالتها اليوم تفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح وإعادة بناء العلاقات الاقتصادية، في وقت تتطلع فيه سوريا إلى استقطاب الاستثمارات وإعادة تنشيط قطاعاتها المتضررة.
يرى الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي، أن إزالة العقوبات ستفتح الباب لتأسيس مجلس اقتصادي سوري- كندي، على غرار مجالس مشابهة بين سوريا ودول غربية أخرى، معتبرًا أن هذا التطور سيؤدي إلى تعزيز الثقة وتقليل العزلة السياسية والاقتصادية التي عانت منها سوريا خلال السنوات الماضية.
كما سيسهم رفع العقوبات في توسيع العلاقات التجارية، وتسهيل تصدير السلع الكندية إلى سوريا والمنتجات السورية إلى كندا، بحسب تعبيره، مضيفًا أن سوريا يمكن أن تستفيد من الخبرات التعليمية الكندية، خصوصًا في ظل تدهور قطاع التعليم، إضافة إلى التعاون في التكنولوجيا والصحة والزراعة.
تنشيط الاستثمار
الدكتور علي محمد، ذكر أن إزالة العقوبات ستعني عمليًا استئناف العلاقات الاقتصادية بالكامل، وتنشيط الاستثمار، واستفادة سوريا من المنتجات الكندية المتعلقة بالمواد والأدوات التكنولوجية اللازمة لتطوير الصناعات المحلية.
كما توقع أن تستفيد سوريا من النفاذ إلى السوق الكندية عبر صادراتها النسيجية والغذائية، بينما تحصل الشركات الكندية على فرصة دخول سوق استثمارية غنية بالفرص في منطقة مهمة كالشرق الأوسط.
إزالة العقوبات ستعني استئناف العلاقات الاقتصادية، وتنشيط الاستثمار، وتعزيز التصدير التجاري المتبادل.
د. علي محمد
خبير اقتصادي
قطاع النفط أولها
حول القطاعات الاقتصادية التي يمكن أن تستفيد أكثر من غيرها برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، يتفق الخبيران أن قطاع النفط والطاقة سيكون من أبرز القطاعات التي ستتأثر إيجابًا، إذ يمكن أن يعود النفط السوري مستقبلًا كمصدر للتصدير، بما فيه إلى كندا، مع تطوير الحقول وتوسيع الاستكشافات، وذلك عبر مشاركة الشركات الكندية في عمليات الصيانة والاستخراج والمسح الجيولوجي.
كما يشيران إلى أهمية التعاون في التعليم بفعل التطور الكندي في هذا المجال، إضافة إلى إمكانية الاستفادة من الخبرات الكندية في التكنولوجيا والصحة، خاصة أن كندا قادرة على دعم سوريا بمعدات طبية وتقنيات اتصالات.
وفي القطاعات الزراعية والصناعية، يرجحان أن سوريا بيئة جاذبة للشركات الكندية والعربية، خصوصًا في ظل ارتباطها بالأمن الغذائي، بالإضافة إلى قطاعات السياحة والبنية التحتية، خاصة مع الخبرات الكندية في بناء الطرق والجسور ومحطات الكهرباء.
الخبيران يؤكدان أن إعادة الإعمار ستتأثر بشكل جيد من إزالة العقوبات، إذ يمكن أن تسهم الشركات الكندية في مجالات الإنشاءات والمعدات الصناعية والبنية التحتية والمواد اللازمة لإعادة البناء.
التبادل يعتمد على التسهيلات
مع اقتراب الحديث عن احتمالات عودة النشاط الاقتصادي بين سوريا وكندا إلى الواجهة، يبرز ملف التبادل التجاري بين البلدين كأحد الموضوعات التي تثير تساؤلات عديدة حول مستقبله وإمكاناته، فعلى الرغم من محدودية العلاقات التجارية تاريخيًا، فإن التغيرات السياسية والاقتصادية المحتملة، وفي مقدمتها موضوع العقوبات، تفتح الباب أمام قراءة جديدة لفرص التعاون.
أوضح الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي، أن حجم التبادل التجاري المقبل بين سوريا وكندا سيعتمد على التسهيلات المتبادلة، مشيرًا إلى أنه لا يمكن تحديد أرقام دقيقة في الوقت الحالي. ويعتقد أن رفع العقوبات سيجعل من سوريا بيئة استثمارية قابلة للتطوير في مختلف القطاعات.
تجارة محدودة تاريخيًا
بالمقابل، أشار الدكتور علي محمد إلى أن التبادل التجاري بين البلدين كان تاريخيًا ضعيفًا جدًا، وكانت أهم الصادرات السورية إلى كندا تتمثل في المنتجات الغذائية كالزيتون والزيت وبعض الصناعات النسيجية، بينما كانت الصادرات الكندية تتركز على المواد التكنولوجية.
ويرى أن الاستفادة الكبرى بعد رفع العقوبات ستكون في القطاع المالي، خصوصًا لوجود جالية سورية كبيرة في كندا ما يسهل التحويلات، بينما تحتاج بقية القطاعات إلى وقت أطول للاستفادة الكاملة.
التبادل التجاري بين سوريا وكندا قبل 2011
وفق إحصاءات التجارة الكندية لعام 2010 (على أساس بيانات World Trade Atlas):
صادرات كندا إلى سوريا في 2010: حوالي 60 مليون دولار كندي، شملت سلعًا مثل الحبوب، والآلات، ومنتجات الحديد والصلب.
واردات كندا من سوريا في 2010: حوالي 17 مليون دولار كندي، من بينها النفط الخام، ومواد غذائية، والبلاستيك.
خارطة طريق لتعزيز العلاقات الاقتصادية
الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي، رسم خارطة طريق لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، متضمنة عدة خطوات، منها:
- إقامة منتديات ومعارض تجارية مشتركة.
- تسهيل عبور البضائع الكندية عبر سوريا.
- تشجيع استثمارات الشركات العامة والخاصة في البلدين.
- تخفيض الجمارك بشكل متبادل.
- دعم مشاريع الطاقة المتجددة في سوريا.
وشدد قضيماتي على أن العلاقة بين سوريا وكندا يجب أن تقوم على التعاون المتبادل وتبادل الخبرات، وليس على مفهوم الاستغلال الاقتصادي، مشيرًا إلى أن سوريا اليوم هي الطرف الأضعف اقتصاديًا، وبالتالي فإن هدفها هو تحقيق أعلى استفادة ممكنة من هذه الشراكة، بما يخدم إعادة الإعمار ويدعم القطاع الخاص المحلي عبر شراكات مع الشركات الكندية، بما يضمن الحفاظ على حضور الشركات الوطنية السورية في مشاريع التنمية المقبلة.
أما الدكتور علي محمد فيقترح عدة خطوات لتعزيز العلاقات، هي:
- توقيع اتفاقيات ثنائية تجارية.
- إعفاءات ضريبية وتخفيض الرسوم الجمركية.
- تأسيس غرفة تجارة مشتركة.
- عرض الفرص الاستثمارية والتسهيلات.
- تنظيم معارض ومؤتمرات اقتصادية.
متى بدأت كندا بفرض العقوبات على سوريا؟
فرضت كندا عقوبات اقتصادية على سوريا لأول مرة في 24 من أيار 2011، ردًا على القمع الذي مارسه النظام السابق ضد المحتجين المدنيين مع اندلاع الثورة السورية.
العقوبات الكندية على سوريا شملت عدة إجراءات رئيسة تم توسيعها خلال السنوات التالية، من بينها:
- حظر السفر وفرض تجميد الأصول على أفراد وكيانات مرتبطة بالحكومة السورية.
- تجميد الأصول ومنع التعاملات المالية للأشخاص والهيئات المدرجة.
- حظر استيراد بعض المنتجات من سوريا.
- منع الاستثمارات الجديدة في سوريا.
- حظر الخدمات المالية.
- حظر تصدير سلع معيّنة يمكن أن تُستخدم في القمع.
وقد توسعت العقوبات في 2012 و2017 بتجميد أصول إضافية وحظر التعامل مع مزيد من الأفراد والكيانات المرتبطة بالنظام السوري السابق.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
