قلة الأمطار تقضي على محاصيل في تل أبيض ورأس العين

تسببت قلة الأمطار هذا العام بخسائر مالية للمزارعين في منطقتي تل أبيض ورأس العين الحدوديتين مع تركيا، ما انعكس على نمو وإنتاج المحاصيل.
كان التأثير الأكثر لقلة الأمطار على محصول القمح، الذي يعتبر من المحاصيل الاستراتيجية والحيوية بالنسبة للمزارعين في المنطقة.
وخيّب الجفاف آمال المزارعين، وتركهم غارقين في الديون بعد استثمار في موسم فاشل منذ بدايته، ودفع تكاليف على تجهيز الأراضي وشراء المستلزمات الزراعية.
خسائر مالية
هذا العام، زرع عدنان السعيد (36 عامًا) من قرية مشرفة الشيخ في منطقة تل أبيض 110 دونمات من القمح، أملًا في تحقيق دخل جيد يؤمّن احتياجات أسرته.
استبشر عدنان بالأمطار التي هطلت في شباط الماضي، لكنها لم تكن كافية لإنقاذ الموسم، الذي تضرر بنسبة 75%.
وقال ل، إنه حاول استدانة مبلغ لسقاية أرضه باستخدام محرك يعمل على المازوت، لكن لم يوافق أحد على إقراضه، مضيفًا أنه حتى لو هطلت الأمطار بكميات كبيرة في نيسان الحالي، فلا مجال لإنقاذ الموسم، لأنه تضرر بالفعل.
أما وسام النعيمي، من مدينة رأس العين، فقد زرع 80 دونمًا من أرضه الزراعية، نصفها مروي والنصف الآخر بعلي، في محاولة لتخفيف الأعباء الزراعية، خصوصًا أن تكلفة الزراعة البعلية أقل من المروية.
ومع دخول فصل الشتاء، لم تهطل الأمطار سوى بكميات قليلة، ولم تكن كافية لاستكمال الموسم البعلي، ما أدى إلى تلف المحصول قبل حصاده، وتكبّده خسائر مالية قدّرها بـ25 مليون ليرة سورية.
وقال المزارع، إن الموسم المروي أيضًا لم يسلم من الأضرار، نظرًا لاعتماده على المحروقات مرتفعة الثمن، ومنظومات الطاقة الشمسية التي لم تعمل بكفاءة هذا العام، ما تسبب بتقصير بتوفير المياه للأراضي الزراعية.
وذكر أن الحل الوحيد للحفاظ على ما تبقى من المحصول، هو تأمين مادة المازوت بسعر مقبول للمزارع، لضمان استمرار الري وحماية الأراضي المروية من الجفاف.
ويعتمد مزارعو رأس العين وتل أبيض بشكل رئيس على الأمطار في ري محاصيلهم، وذلك بعد انقطاع وصول المحروقات من محافظة الحسكة، ومنع دخولها من قبل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها.
وتجاوز سعر برميل المازوت (200 ليتر) عتبة المليوني ليرة سورية، ما شكل عبئًا ثقيلًا على المزارعين، ودفع كثيرين منهم إلى تقليص المساحات المزروعة أو التحول إلى الزراعة البعلية كخيار أقل تكلفة.

تضرر المزارعون بسبب الجفاف في رأس العين وتل أبيض – 8 نيسان 2025 ()
الحل بتوفير المحروقات
المهندس الزراعي عيسى العلي، الذي يعمل في مجال الاستشارات الزراعية منذ 15 عامًا في مدينة تل أبيض، قال ل، إن الزراعة في المنطقة تعتمد على الأمطار، ومحركات سحب المياه من نهري “الجلاب” و”قاراموخ”، إضافة إلى الآبار الارتوازية.
وأوضح أن المحاصيل، وخاصة البعلية، تضررت هذا العام بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وقلة توفرها، إضافة إلى ضعف كفاءة منظومات الطاقة الشمسية، ما أدى إلى خسارة الموسم البعلي بالكامل نتيجة قلة الأمطار وعدم توفر بدائل فعالة.
وذكر أن الزراعة المروية تأثرت أيضًا، لأن منظومات الطاقة الشمسية لا تعمل بشكل جيد دون أشعة شمس قوية، في حين أن المحروقات أصبحت خيارًا مكلفًا للمزارعين.
ويرى أن الحل الوحيد لإنقاذ ما تبقى من الموسم الزراعي في المنطقة هو توفير المحروقات بسعر البرميل لا يتجاوز 450 ألف ليرة سورية للمزارع، أو تقديم قروض ميسّرة للمزارعين تتيح لهم توسيع مشاريع الطاقة الشمسية، بما يضمن توفير المياه الكافية للأراضي الزراعية.

سبب الجفاف خسائر مالية للمزارعين في رأس العين وتل أبيض – 8 نيسان 2025 ()
خسارة الموسم البعلي
مدير الزراعة والثروة الحيوانية في المجلس المحلي برأس العين، مجد كسار، قال ل، إن مساحة الأراضي المروية لهذا العام تقدر بـ250 ألف دونم، بينما تقدر مساحة الأراضي البعلية بـ200 ألف دونم.
وأوضح كسار أن الموسم البعلي في رأس العين انتهى بشكل كامل هذا العام بسبب قلة الأمطار والجفاف الذي أصاب المنطقة.
وأضاف أن الأراضي المروية تأثرت أيضًا نتيجة لارتفاع أسعار المحروقات وضعف قدرة منظومات الطاقة الشمسية على العمل في جميع الظروف، مما ألحق بها ضررًا جزئيًا.
وأشار إلى أن الحل الوحيد للمنطقة هو رفع الحصار المفروض من قبل “قسد” وفتح الطرقات لإيصال المحروقات إلى مدينة رأس العين لتوفيرها للمزارعين والحفاظ على ما تبقى من الموسم.
وتعتمد تل أبيض ورأس العين بشكل رئيس على قطاع واحد هو الزراعة، ما يضيق مجالات العمل ويحد من توفر وظائف متنوعة للسكان. كما أثر ضعف البنية التحتية والخدمات مع ضيق المساحة في قدرة المنطقة على استقطاب الاستثمارات، وأسهم كل ما سبق في ضعف القدرة الشرائية للسكان.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليهما الحكومة السورية، وتحيط بهما جبهات القتال مع “قسد”، وتعتبر الحدود التركية منفذهما الوحيد نحو الخارج.
اقرأ أيضًا: التصحّر يضرب مئات آلاف الدونمات في رأس العين وتل أبيض
مرتبط
المصدر: عنب بلدي