أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض عقوبات على أكبر شركتين للنفط في روسيا، وهما “لوك أويل”، و”روسنفت”، في إطار أشد الإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضد الشركات الروسية منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
وتسبب ذلك في قفزة 5% لأسعار النفط العالمية، الخميس، ودفع الهند للنظر في خفض وارداتها من النفط الروسي، وفق وكالة “رويترز”.
وتستهدف العقوبات شركتي النفط العملاقتين “روسنفت”، و”لوك أويل” اللتين يمثل إنتاجهما معا أكثر من 5% من إنتاج النفط العالمي.
والعقوبات الجديدة مؤشر على تحول كبير في موقف ترمب الذي كان يقول حتى الأسبوع الماضي إنه سيعقد قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في بودابست قريباً سعياً لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وفي حين أن حجم الضرر المالي الواقع على روسيا ربما يكون محدوداً على المدى القصير، فإن هذه الخطوة مؤشر قوي على نية ترمب الضغط على موارد موسكو المالية والسعي لإجبارها على إبرام اتفاق سلام.
ضغط على عوائد النفط
ذكرت مصادر تجارية لـ”رويترز”، أن هذا الإجراء دفع بالفعل شركات نفط حكومية صينية كبرى إلى تعليق مشترياتها من النفط الروسي على المدى القصير.
ومن المقرر أن تخفض شركات التكرير في الهند، أكبر مشتر للنفط الروسي المنقول بحراً، وارداتها من النفط الخام بشكل كبير.
ومن شأن تراجع الطلب من أكبر دولتين تشتريان النفط الروسي أن يفرض ضغوطاً على إيرادات موسكو النفطية، وسيجبر أكبر مستوردي الخام عالمياً على البحث عن مصادر إمداد بديلة، وهو ما سيرفع الأسعار.
لكن في أحدث تحولاته في ما يتعلق بهذا الصراع، قال ترمب، الأربعاء، إن القمة التي كان يتم التخطيط لها أُلغيت، لأنها لن تحقق النتيجة التي يريدها، وأبدى إحباطه من أن “محادثاته الجيدة” الكثيرة مع بوتين “لم تسفر عن شيء”.
وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: “ألغينا الاجتماع مع الرئيس بوتين.. لا يبدو ذلك مناسبا بالنسبة لي.. لم نشعر أننا سنحقق النتيجة التي يجب أن نصل إليها.. لذلك ألغيته، لكننا سنفعل ذلك في المستقبل”.
ووصفت روسيا العقوبات الأميركية الجديدة بأنها غير مؤثرة، وأشارت إلى أنها ما زالت متمسكة بشروطها لإنهاء حربها في أوكرانيا، وهي شروط تعدها كييف وكثير من الدول الأوروبية استسلاماً.
ويحتدم الصراع، فيما يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في بروكسل، الخميس، لبحث تمويل أوكرانيا، مع تزايد القوة الدافعة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتقديم قرض 140 مليار يورو (163 مليار دولار) لكييف.
وقالت موسكو إنها ستوجه “رداً قاسياً”، إذ صودرت هذه الأصول.
روسيا تتجاهل تأثير العقوبات
وفي مسعى آخر لحرمان موسكو من الإيرادات، وافق الاتحاد الأوروبي على الحزمة التاسعة عشرة من العقوبات التي تتضمن حظراً على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي.
وبعد أن كان الاتحاد الأوروبي يعتمد في أغلب احتياجاته من الطاقة على روسيا، فقد تخلى عن 90% تقريباً من هذه الواردات منذ 2022، إلا أن التكتل استورد طاقة روسية بأكثر من 11 مليار يورو في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري.
ويمثل الغاز الطبيعي المسال الآن أكبر واردات الاتحاد الأوروبي من الطاقة الروسية.
وأدرج الاتحاد الأوروبي أيضا 3 شركات صينية في قائمة العقوبات الروسية، وعزا ذلك إلى أنها من أكبر المشترين للنفط الخام الروسي، وتوفر إيرادات “كبيرة” لموسكو. وتوعدت بكين بالرد بإجراءات لم توضحها بعد.
وتحدث وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، لدى كشفه عن العقوبات على قطاع النفط بوضوح عن أن واشنطن تستهدف قدرة روسيا على تمويل الحرب وأنها على استعداد لاتخاذ المزيد من الإجراءات.
وتشكل إيرادات النفط والغاز قرابة ربع ميزانية روسيا، وهي أهم مصدر تمويل لحرب موسكو في أوكرانيا التي تقترب من دخول عامها الرابع.
غير أن مصدر الإيرادات الرئيسي لموسكو هو فرض ضرائب على الإنتاج لا على الصادرات، وهو ما قد يخفف الأثر المباشر للعقوبات على مالية الدولة.
وقللت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، من شأن التأثير المحتمل، قائلة إن موسكو أوجدت لنفسها ما قالت إنها “حصانة قوية” من مثل هذه القيود.
زيلينسكي يحث على مزيد من الضغط
شكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الولايات المتحدة على العقوبات الجديدة، قائلاً إنها “مهمة للغاية” لكن هناك حاجة إلى مزيد من الضغط على موسكو لدفعها إلى الموافقة على وقف إطلاق النار.
وقفزت أسعار النفط بأكثر من 5%، الخميس، في ظل مخاوف من أن تتسبب العقوبات في تعطل جزء من الإمدادات العالمية.
وقالت مصادر في قطاع النفط الهندي لـ”رويترز”، إن شركات التكرير الهندية تتجه لخفض وارداتها من النفط الروسي بشدة.
ويقول محللون إن العقوبات الجديدة قد تجبر روسيا على تخفيض أسعار نفطها في الأسواق العالمية أكثر للتعويض عن المخاطر التي قد تنطوي عليها العقوبات الثانوية الأميركية، لكن في المقابل قد يكون التأثير أقل حدة إذا ارتفعت أسعار النفط العالمية.
وبعد قمة أغسطس مع بوتين في ألاسكا، تخلى ترمب عن مطلبه بوقف فوري لإطلاق النار في أوكرانيا ووافق على خيار موسكو المفضل بالتوجه إلى التفاوض المباشر للتوصل إلى تسوية سلمية شاملة.
وخلال الأيام القليلة الماضية، عاد ترمب إلى مسألة وقف إطلاق النار الفوري، وهو ما تدعمه كييف، لكن موسكو، التي تتقدم قواتها بثبات في ساحة المعركة، أعلنت مراراً معارضتها هذا الإجراء.
وأعلنت روسيا رفضها وقف إطلاق النار لأنها ترى أنه سيكون مجرد توقف مؤقت قبل استئناف القتال، مما يمنح أوكرانيا الوقت والمساحة لإعادة تسليح نفسها في وقت تقول فيه موسكو إنها تملك زمام المبادرة في ساحة المعركة.
