– كريستينا الشماس
“كوني قوية.. ستنتصرين على المرض”، هذه رسالة منى الحسين، ناجية من سرطان الثدي، وقفت بعزيمة أمام سيدات في فعالية للتوعية بالكشف المبكر عن سرطان الثدي، لتشاركهن رحلة انتصارها على المرض، الذي لم يستطع أن يتغلب عليها.
تحدثت منى الحسين، ل، عن رحلة علاجها وكيف اكتشفت المرض في أثناء الفحص الذاتي، فراجعت الأطباء الذين أكدوا ضرورة إجراء عملية جراحية.
بدأت منى رحلة العلاج بشجاعة رغم الخوف والتعب، لتكن النتيجة بعد عدد من الجرعات الكيماوية وجلسات الأشعة، الانتصار على سرطان الثدي.
وبيّنت منى أنها تعيش اليوم حياتها بشكل طبيعي، وتحرص على إجراء التحاليل والفحوص الدورية كل ثلاثة أشهر مع طبيبها.
اختتمت منى حديثها برسالة وجهتها لكل امرأة، “كوني قوية، لا تخافي، وأَجري فحصًا دوريًا، لأن الكشف المبكر ينقذ الحياة”.
الكشف المبكر يزيد نسب الشفاء
قال معاون المدير العام للشؤون الطبية في مستشفى “الزهراوي”، الدكتور قحطان حامد، ل، إن الاتجاه الطبي في السنوات الأخيرة أصبح يركز على التدخلات المبكرة، موضحًا أنه كلما كان التشخيص والعلاج أبكر، كانت النتائج الصحية أفضل ونسب الشفاء أعلى، خصوصًا في أمراض السرطان النسائية وسرطان الثدي.
وأشار حامد إلى أن المفهوم الخاطئ المنتشر بين بعض السيدات، هو عدم مراجعة الطبيب إلا بعد ظهور كتلة واضحة أو أعراض متقدمة، موضحًا أن المطلوب هو المراجعة الدورية وإجراء فحوصات المسح حتى دون وجود شكوى، إذ يتيح ذلك اكتشاف الحالات في مراحلها الأولى ويجعل العلاج أسهل وأقل خطورة.
ولفت حامد إلى أن السيدة تحتاج بعد التوعية إلى استقبال جيد وفحوص دقيقة وتوجيه واضح حول الخطوات التالية، مشددًا على أهمية التكامل بين التوعية وتقديم الخدمات الصحية لضمان فعالية الجهود الوقائية.
وأوضح أن الفحص الذاتي للثدي ضروري لكنه ليس كافيًا للكشف المبكر، لأن تقنية “الماموجرام” هي الاختبار الأدق القادر على كشف التغيرات قبل أن تشعر بها السيدة.
وأضاف حامد أن “الإيكو” يُستخدم عادة للفتيات دون الـ40 عامًا، بينما يبدأ التصوير الدوري بـ”الماموجرام” من عمر الـ40 وما فوق، مع تحديد مواعيد المتابعة بحسب حالة كل سيدة ونتائج الصورة.
وبيّن أن في حال ظهور أي اشتباه في الصور تُجرى خزعة وفحوص نسيجية لتحديد طبيعة الحالة، مؤكدًا أن هناك مسارًا طبيًا متكاملًا يبدأ من الفحص الشعاعي حتى التشخيص والعلاج الجراحي أو الطبي.
كما نوه إلى أن الخوف من أشعة “الماموجرام” غير مبرر، لأن جرعتها بسيطة جدًا ولا تسبب أي ضرر صحي، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء آمن ومدروس علميًا، ولا يؤثر على الجسم حتى مع تكرار التصوير خلال سنوات المتابعة.
أهمية الدعم النفسي
لا تزال سمر العلي في رحلة علاجها من سرطان الثدي، وتؤكد أن أكثر ما يقويها في هذه المرحلة، دعم عائلتها وأصدقائها الذين لم يتركوها لحظة، وأن ابتسامة ابنتها كانت كافية لتمنحها طاقة للاستمرار، وتشجعها على الاستمرار بالعلاج.
“تعلمت أن أحب جسمي حتى بندبته، وتعلمت أن القوة ليس بالشكل، القوة هي أن تبتسمي رغم كل التعب”، قالت سمر.
واعتبرت سمر أن إصابتها بالسرطان ليس سوى تجربة ستنتصر عليها، “يمكن أن يكون الطريق صعبًا، لكنه ليس مستحيلًا، يوجد أمل بالشفاء، وكل وجع اليوم هو بداية فرح غدًا”، بحسب تعبيرها.
ووصفت أمينة محمد لحظة إخبارها بإصابتها بسرطان الثدي بـ”لحظات حبست أنفاسها بالخوف والدموع”، لكن تلقيها للدعم النفسي والعاطفي من عائلتها، رسم لها الأمل من جديد.
فقدت أمينة شعرها، لكنها لم تفقد إيمانها، “كل جلسة علاج كانت مؤلمة، لكن كنت أرجع أقول الحمد لله، أهم شيء إني أقاتل ومستمرة”، قالت أمينة.
الآن، ومع اقترابها من نهاية العلاج، تشعر أمينة بأنها ولدت من جديد، وتتعلم يومًا بعد يوم أن الحياة لا تتوقف عند المرض، بل تبدأ من مواجهته.
أشارت الاختصاصية النفسية مريم أبو عطوان، في حديث ل، إلى أهمية الدعم العاطفي والنفسي للسيدات المصابات بسرطان الثدي خلال رحلة العلاج، مؤكدة أن الاستماع والاحتضان والتعاطف عناصر أساسية تساعد المريضة على التكيف مع مشاعر الخوف والقلق من الانتكاسة، ما يجعل رحلة العلاج أكثر أملًا ويسرع من عملية الشفاء.
لفتت أبو عطوان إلى أنها تركز على تصحيح المفاهيم الخاطئة حول المرض، إذ تعتقد بعض السيدات أن التشخيص بسرطان الثدي يعني نهاية الحياة، في حين توضح أن الأمر يمثل بداية جديدة لاكتشاف الذات وبناء القوة الداخلية، وفرصة للتصالح مع الجسد وتقدير الصمود.
هناك وصمة اجتماعية لا تزال تلاحق المرضى، إذ يُنظر إليهم على أنهم فاقدو الأمل، رغم أن التشخيص المبكر يزيد فرص الشفاء، وفق الاختصاصية أبو عطوان، مشددة على أن الدعم النفسي يلعب دورًا محوريًا في تمكين المريضة من تقبل المرض والاستمرار بالعلاج بثقة وتفاؤل.
وبيّنت أن من أهم أهداف حملات الدعم تعزيز الروابط الاجتماعية بين المريضة وأسرتها، مشيرة إلى أن جلسات العلاج تمتد لتشمل العائلة لتعليمها كيفية احتضان المريضة والتعامل معها دون أحكام، لأن عدم تقبل المحيطين ينعكس سلبًا على المريضة نفسها.
بعض السيدات يشعرن بالخوف من الفحص الذاتي أو مراجعة المراكز الطبية، لذلك تعمل الفرق النفسية والطبية على تقديم الفحص السريري في المراكز المتخصصة، مع ضمان الخصوصية الكاملة، ومساعدة السيدات على تعلم الفحص الذاتي في المنزل، لتشجيعهن على الكشف المبكر دون خوف أو تردد، بحسب الاختصاصية النفسية مريم أبو عطوان.
فعالية لرفع الوعي ودعم السيدات
نظم مستشفى “الزهراوي”، في 22 من تشرين الأول الحالي، فعالية حضرتها، ضمت عددًا من السيدات المصابات بالسرطان اللواتي اكتُشفت إصابتهن في المستشفى، سواء خلال الحملة التي انطلقت في تشرين الأول أو قبلها، إلى جانب سيدة متعافية من المرض شاركت تجربتها لتقديم الدعم النفسي للمصابات.
قالت الدكتورة سلام سليمان، المسؤولة عن تنظيم حملة التوعية والكشف المبكر عن سرطان الثدي في مستشفى “الزهراوي”، إن الفعالية الأخيرة جاءت ضمن سلسلة نشاطات ينظمها المستشفى تحت رعاية وزارة الصحة بهدف رفع الوعي حول الكشف المبكر عن سرطان الثدي.
اعتبرت سليمان أن تجربة السرطان صعبة ومؤلمة، خصوصًا لارتباط الثدي بمعاني الجمال والأنوثة، لكنها شددت على أن الإرادة والتفاؤل قادران على تجاوز المحنة والانتصار على المرض.
أشارت سليمان إلى وجود اختصاصيات نفسيات يقدمن الدعم للسيدات خلال الحملة، مبينة أن هذه الخدمة تقدم مجانًا طوال شهر تشرين الأول، ضمن عيادة المستشفى التي تتابع الحالات.
أجهزة مستشفى “الزهراوي” تعد الأحدث في سوريا، وتقدم خدماتها بأسعار رمزية، إضافة إلى وجود كادر طبي متعاون يتعامل مع السيدات “كأفراد من عائلته”، ويبدأ بتقديم الدعم لهن منذ اللحظة الأولى لإجراء التصوير بـ”الإيكو” أو “الماموجرام”، قالت الدكتورة سلام سليمان.
وحول الإحصاءات، أوضحت أن الحملة لا تزال مستمرة، لذلك لم يُجمع العدد النهائي للإصابات بعد، مشيرة إلى أن هناك حصيلة أسبوعية تُظهر وجود إصابات.
حملة “بينك بينك” التوعوية
تحدثت مديرة فريق “expo pregnancy”، ريم حسن، أن الفريق أطلق هذا العام، بالتعاون مع مؤسسة “عمرها”، حملة بعنوان “بينك بينك”، بهدف نشر الوعي حول أهمية الكشف المبكر، مشيرة إلى أن أحد أنشطة الحملة استهدف السيدات الناجيات والمصابات ومن لديهن خطر الإصابة، ليشكل مساحة للتبادل النفسي والدعم المعنوي بين النساء اللواتي خضن تجارب متشابهة.
لفتت حسن إلى أن الفريق يقدم خدمات دعم نفسي مجانية للسيدات، سواء عبر الإنترنت أو من خلال لقاءات مباشرة، مؤكدة أن الدعم النفسي يشكل ركيزة أساسية في التعامل مع المرض.
وذكرت أن الرسالة الأساسية التي تسعى لإيصالها هي أن لكل سيدة الحق في معرفة جسدها والتعامل معه بوعي وثقة.
الوصمة الاجتماعية تجاه المصابات لا تزال موجودة وإن كانت أقل من السابق، وفق مديرة فريق “expo pregnancy”، مؤكدة أن إيمان المرأة بنفسها والدعم المحيط بها يمنحانها القوة لتجاوز هذه النظرة ومواجهة المرض بشجاعة.
أعراض مبكرة
المسؤولة عن الحملة في مستشفى “الزهراوي”، الدكتورة سلام سليمان، استعرضت ل خطوات الكشف المبكر عن سرطان الثدي التي تبدأ بالفحص الذاتي للثديين، الذي يساعد في التعرف على ملمس وطبيعة الثديين، ويتم إجراؤه كل شهر في الأسبوع الثاني بعد الدورة الشهرية، أو في أي وقت من الشهر في حال انقطاع الدورة الشهرية لدى السيدة، مشيرة إلى ضرورة المسارعة في طلب الاستشارة الطبية عند ملاحظة أي تغير جديد وغير متناظر عند فحص الثديين.
وقالت سليمان، إن العلامات التي تستوجب الاستشارة الطبية هي:
-
تغيّر شكل أو تناظر الثديين المتعلق بالحجم.
-
تجعد جلد الثدي، وتغير لونه.
-
تغير في شكل حلمة الثدي.
-
ظهور إفرازات غير طبيعية.
-
وجود كتلة قاسية غير قابلة للحركة.
-
ملاحظة كتل أو عقد تحت الإبط.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
