أثار إغلاق مطار هيثرو بلندن الجمعة، بعد حريق بمحطة كهرباء فرعية، تساؤلات بشأن قدرة البنية التحتية البريطانية على التحمل وما إذا كانت البلاد قد استثمرت بما فيه الكفاية للحفاظ عليها، رغم أن بعض الخبراء قالوا إن انقطاع الكهرباء كان “حتمياً”، بالنظر إلى حجم الحريق في المحطة الفرعية، وفق ما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز”.
وأمرت الحكومة البريطانية السبت، بإجراء تحقيق عاجل لمعرفة كيفية تسبب الحريق في شل أحد أكثر المطارات ازدحاماً في العالم، وتعطيل أكثر من 1000 رحلة.
وتواجه الحكومة البريطانية ضغوطاً منذ سنوات لتحديث بنية النقل التحتية في البلاد، مثل الطرق والقطارات، ولكنها تواجه كذلك، ضغوطاً مالية شديدة، إذ أن الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية NHS تعاني من نقص التمويل، ما يعني أن أي مطالبات بإنفاق إضافي على البنية التحتية الكبرى ستسبب صعوبات سياسية لرئيس الوزراء، كير ستارمر، بينما يحاول أيضاً زيادة الإنفاق العسكري وسط نمو اقتصادي متباطئ.
“جرس إنذار”
وفي غضون ساعات من انقطاع الكهرباء عن المطار الجمعة، بدأ الخبراء الهندسيون في التساؤل عما إذا كان مطار هيثرو مدعوماً ببنية تحتية تليق بمركز عالمي رئيسي.
وكتب مارتن كوبال، أستاذ الفيزياء في جامعة بريستول، في منشور على الإنترنت أن الحريق كان بمثابة “جرس إنذار”، بشأن أنظمة الكهرباء في البلاد.
وقال كوبال، وهو رئيس الأكاديمية الملكية للهندسة في التكنولوجيا الحديثة، في مركز وسائل الإعلام العلمية: “لسوء الحظ، لا توجد مرونة في الشبكة الوطنية”.
وأضاف: “جزئياً، يعود ذلك إلى أننا لا زلنا نعتمد على التكنولوجيا القديمة في المحطات الفرعية التي تستخدم الأسلاك النحاسية لتوزيع الكهرباء بدلاً من التكنولوجيا الحديثة، والتي تستخدم المحولات الحالة الصلبة”.
هل كان يمكن تجنب شل المطار؟
وضرب الحريق واحدة من 3 محطات فرعية تقوم بتحويل وتوزيع الكهرباء إلى هيثرو. وقال توماس وولديبي، الرئيس التنفيذي لمطار هيثرو، لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC): “لدينا محطات فرعية أخرى، ولكن التبديل إليها يستغرق وقتاً”.
لكن البعض شكك في هذا، إذ قال جون بيتيجرو، الرئيس التنفيذي لشبكة الكهرباء الوطنية، لصحيفة “فاينانشيال تايمز”، إن المطار كان يمكن أن يعتمد على المحطات الفرعية الأخرى.
وأضاف أنه “سؤال لهيثرو، لماذا اتخذ المطار الإجراءات التي قام بها؟”. وقال: “فقدان محطة فرعية هو حدث فريد، لكن كانت هناك محطتان فرعيتان أخريان متاحتان”.
“كان ليحدث في أي مطار”
ويمتلك المطار مولدات ديزل وبطاريات لتشغيل الأنظمة الحيوية مثل أضواء المدارج. ولكن مسؤولو المطار قالوا إن هذه الاحتياطات الطارئة لا يمكنها تشغيل المطار بالكامل، وهو ما أغرق المطار في الظلام فعلياً، وقال بعض الخبراء إن أي مطار كان سيواجه نفس النتيجة في ظروف مشابهة.
وقال سيمون جالاجر، المدير العام في خدمات شبكات المملكة المتحدة، التي تقدم الاستشارات للعملاء بشأن قدرة شبكات الكهرباء على التحمل، إن معظم المطارات لا تمتلك قدرة احتياطية لتشغيل عملياتها بالكامل بعد قطع الاتصال عن الشبكة.
وأضاف أنه كان ليكون من الضروري وجود 20 مولد ديزل على الأقل، كل واحد بحجم حاوية شحن 40 قدماً، ويولد ميجاواط من الكهرباء لتشغيل المطار، وذكر أن هذا النظام سيؤمن الطاقة لمدة ست ساعات تقريباً قبل أن يحتاج إلى إعادة التزود بالوقود.
مطارات أميركية تعرضت لانقطاع الكهرباء
ووجد تقرير صادر عن مكتب المحاسبة الحكومي الأميركي في 2023 أن 24 مطاراً أميركياً تعرضت لـ321 انقطاعاً غير مخطط له دام أكثر من خمس دقائق بين عامي 2015 و2022.
وأدى انقطاع الكهرباء في عام 2017 إلى تعطيل العمليات في مطار هارتسفيلد-جاكسون الدولي في أتلانتا، وهو من بين أكثر المطارات ازدحاماً في العالم، مما أدى إلى إلغاء أكثر من 1000 رحلة. وتسبب انقطاع كهربائي آخر في 2023؛ بسبب عطل في لوحة كهربائية في إغلاق أحد صالات مطار جون كينيدي الدولي لمدة يوم كامل.
وقالت السلطات البريطانية إنها تتوقع نتائج أولية من التحقيق في غضون ستة أسابيع.
وأعلن مطار هيثرو السبت، أنه سيقوم بتشغيل جدول كامل من أكثر من 1300 رحلة الأحد، بينما تحاول شركات الطيران تصفية التأخيرات التي تسببت في تعطيل سفر عشرات الآلاف من الأشخاص. وقال المطار إن أكثر من 250 ألف راكب عبروا من خلال المطار “مع رحلات مغادرة في مواعيدها”، السبت.
وفي بيان لها، قالت وزيرة النقل، هايدي ألكسندر، إن هيثرو “يستخدم طاقة مدينة صغيرة، لذا من الضروري أن نحدد كيفية حدوث هذا الفشل الكهربائي، ونتعلم من هذا لضمان بقاء جزء حيوي من البنية التحتية الوطنية قوياً”.
