وثقت “الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان” اليوم، الاثنين 15 كانون الأول، ما لا يقل عن 17,438 حالة اعتقال تعسفي و2,463 حالة تعذيب منسوبة إلى “الفرع 300” التابع لنظام الأسد، بينهم شخصيات من جنسيات أجنبية.
وقالت الشبكة إن تقريرها اعتمد على وثائق ومراسلات أمنية وشهادات ناجين وذوي ضحايا، محلّلًا هذه المصادر وفق المعايير الدولية للتوثيق ومرجعيات القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.
وأوضحت الشبكة أن “الفرع 300″، اعتمد على اعتقالات واسعة من دون مذكرات قضائية، طالت ناشطين وصحفيين وموظفين حكوميين، كثير منهم مرّ عبر الفرع قبل تحويلهم إلى فروع أخرى أو سجن صيدنايا، مشيرة إلى دوره في توجيه الفروع الأخرى لتنفيذ هذه الاعتقالات.
وأكدت أن جلسات التحقيق ركزت على التمويل الخارجي والعلاقات مع الإعلام والمنظمات الحقوقية، وغالبًا ما ترافقت مع ممارسات تعذيب جسدي لإجبار المعتقلين على توقيع اعترافات معدة مسبقًا.
وشملت انتهاكات “الفرع 300” بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، الحرمان من الرعاية الصحية والحرمان من المحاكمة العادلة، والابتزاز المالي لأهالي المعتقلين ومراقبة الاتصالات دون إذن قضائي.
“الفرع 300” كان يتبع بشكل مباشر لإدارة المخابرات العامة التي تولى قيادتها منذ عام 2011 ثلاثة ضباط هم اللواء زهير حمد (2011- 2012)، واللواء محمد ديب زيتون (2013- 2019)، واللواء حسام محمد لوقا (2020- 2024).
وعلى الرغم من تصنيف الإدارة رسميًا كجهاز مدني، أشارت الشبكة إلى أن معظم قيادتها من الضباط العسكريين المنتدَبين من وزارتي الدفاع والداخلية.
ونوه التقرير إلى أن البنية الهيكلية للأجهزة الأمنية في نظام الأسد، كانت تتألف من أربعة أجهزة استخبارات رئيسية، تشمل المخابرات العامة والمخابرات العسكرية والمخابرات الجوية والأمن السياسي، وتتفرع عنها عشرات الفروع في جميع المحافظات.
وتخضع هذه الأجهزة مباشرة لمكتب الأمن الوطني في دمشق الذي يرفع تقاريره إلى رئيس الجمهورية، ما يمنحها نفوذًا واسعًا يتجاوز السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ووفقًا للتقرير لعب الفرع 300 دورًا مركزيًا في منظومة القمع الأمنية بعد عام 2011، وتمثلت أبرز مهامه في:
- مراقبة الأجانب والمغتربين والمؤسسات المتصلة بالخارج.
- متابعة الدبلوماسيين والعاملين في المنظمات الدولية والمغتربين.
- رصد دخول الأجانب وتحركاتهم داخل البلاد.
- مراقبة المؤسسات الحكومية والخاصة ذات الصلات الخارجية.
- ملاحقة أنشطة الأحزاب والشخصيات السياسية المرتبطة بالخارج، بما في ذلك رصد اجتماعات الحزب الشيوعي اللبناني والمعارضين السوريين في بيروت.
- متابعة السوريين المتعاملين مع منظمات دولية وحقوقية وإعلامية خارجية، واقتراح اتخاذ إجراءات عقابية ضدهم.
- جمع المعلومات والتنسيق مع الفروع الأخرى، مثل الفرع “255” و”279″ و”251″، لتحليل النشاط المدني والسياسي وتحويل الموقوفين إلى فروع التحقيق المركزية.
- رفع تقارير لاتخاذ إجراءات اعتقال ومنع سفر ومصادرة أموال.
- التنسيق الاستخباراتي- الأمني، من خلال ربط الفروع الداخلية والخارجية.
وأشارت الشبكة إلى الفرع “300” كان يستخدم أدوات مراقبة تقنية متقدمة، مثل تتبع الاتصالات الدولية وتحليل التحويلات المالية، لتوسيع الرقابة الأمنية العابرة للحدود.
وأكدت الشبكة أن ممارسات الفرع “300” تميزت بعنصرين رئيسيين تمثلا في:
- الطابع الاستنسابي للاعتقالات والاستجوابات من خلال توسيع مفهوم الاشتباه بالتعامل مع جهات أجنبية، ليشمل أي نشاط معارض أو تواصل مع الخارج، دون أدلة ملموسة.
- التنسيق الأمني العمودي من خلال تحويل المعتقلين إلى مراكز احتجاز أخرى بعد التحقيق الأولي، وإصدار مقترحات مباشرة لفروع أخرى لإجراء اعتقالات أو متابعة ملفات محددة.
أكثر من 200 ألف قتيل
أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في 8 من كانون الأول الحالي، تقريرًا يتضمن تحديثًا لحصيلة انتهاكات النظام السابق، وذلك بمناسبة مرور عام على سقوط الأسد.
ويعرض التقرير حصيلة محدثة لانتهاكات النظام السابق تتضمن ما أمكن توثيقه خلال العام الماضي، في ضوء الوصول إلى مناطق وضحايا جدد، وتراجع منسوب الخوف عقب سقوط الأسد.
ووثّقت “الشبكة” حصيلة انتهاكات النظام السابق منذ عام 2011، إذ قُتل 202,021 مدنيًا، بينهم 23,138 طفلًا و12,036 سيدة، إضافة إلى مقتل 662 من الكوادر الطبية، و559 من الكوادر الإعلامية.
ولا يزال 160,123 شخصًا مختفيًا قسريًا، بينهم 3,736 طفلًا و8,014 سيدة، كما قُتل تحت التعذيب 45,032 شخصًا، بينهم 216 طفلًا و95 سيدة.
وسجّلت “الشبكة” 566 اعتداء على منشآت طبية، و1,287 اعتداء على مدارس وروضات أطفال، و1,042 اعتداء على أماكن عبادة. كما وثّقت استخدام النظام 81,954 برميلًا متفجرًا تسببت في مقتل 11,092 مدنيًا، وشنَّ 217 هجومًا كيميائيًا خلّفت 1,514 قتيلًا و11,080 مصابًا، إضافة إلى 254 هجومًا بالذخائر العنقودية أدت إلى مقتل 835 شخصًا، و52 هجومًا بأسلحة حارقة.
وأسهمت هذه الانتهاكات في نزوح 6.8 مليون شخص، ولجوء نحو سبعة ملايين آخرين إلى خارج البلاد، وفق التقرير.
وامتدت شبكة المتورطين في انتهاكات نظام بشار الأسد لتشمل أجهزة أمنية وعسكرية، وقضاءً موظفًا لخدمة القمع، ومؤسسات مدنية سهَّلت الإخفاء القسري والتلاعب بالسجلات، إضافة إلى شخصيات اقتصادية وثقافية وفنية وفرت غطاءً اجتماعيًا وسياسيًا للنظام، بحسب “الشبكة”.
وقد وثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قرابة 16,200 متورط، بينهم 6,724 من القوات الرسمية و9,476 من عناصر الميليشيات الرديفة، شاركوا في الاعتقال والتعذيب والقصف.
كما لعب قضاة ومحاكم استثنائية دورًا محوريًا في شرعنة الانتهاكات، وأسهم موظفون مدنيون في إخفاء مصير المعتقلين ونهب الممتلكات، فيما ساعد رجال أعمال وفنانون وإعلاميون في تلميع صورة النظام وتطبيع جرائمه أمام الرأي العام المحلي والدولي.
وجددت “الشبكة” المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم ضمن مسار عدالة انتقالية متكامل.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي
