كيف سيعمل معبر رفح بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة؟
تجرى الاستعدادات في معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، لإدخال المساعدات الإنسانية، والسماح بعبور المرضى والمصابين، وذلك في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى الإعلان عنه، الأربعاء.
ونص الاتفاق بين إسرائيل وحركة “حماس” على أن يتم تشغيل معبر رفح، الذي يعد “شريان حياة” لسكان غزة البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون نسمة، “استناداً إلى مشاورات أغسطس 2024 مع مصر”، فما هي أبرز محاور هذه الاجتماعات وعلى ماذا تم الاتفاق؟
إدارة فلسطينية وإشراف أوروبي
وقالت مصادر لـ”الشرق”، إن مشاورات أغسطس الماضي، ركزت على بحث مستقبل إدارة معبر رفح من الجانب الفلسطيني، مشيرةً إلى أن مصر اقترحت أن تكون الإدارة “فلسطينية-فلسطينية” لممثلين من قطاع غزة، ومن السلطة الفلسطينية في رام الله.
ورفضت القاهرة وجود أي وفد إسرائيلي على المعبر، قبل أن تقبل بوجود ممثلين من الاتحاد الأوروبي، وفقاً لما كان معمولاً به في اتفاقية المعابر المبرمة عام 2005؛ لاسيما، وأن الأوروبيين لديهم خبرات سابقة في إدارة المعبر.
ذلك يعني أن حركة “حماس”، وإسرائيل لن يكون لهما أي تمثيل في إدارة المعبر من الجانب الفلسطيني، وتم الاتفاق على إدارته عبر لجنة إسناد فلسطينية، بالإضافة للجنة تضم ممثلين للاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بحسب ما ذكرته المصادر.
وبشأن وسائل إدارة المعبر من الجانب الفلسطيني، تم الاتفاق على أن يدار عبر الموظفين المدنيين الفلسطينيين المتواجدين قبل هجوم السابع من أكتوبر، وبإشراف أوروبي فقط، على أن يتم التنسيق مع مصر من الجهة الأخرى، بشأن نوعية الشاحنات التي ستدخل للمعبر.
إحياء مهمة مراقبة رفح
من جهتها، أفادت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، بأن التكتل يجري محادثات لإحياء مهمة مدنية لمراقبة معبر رفح، وقالت للصحافيين: “يجري مناقشات بشأن إعادة نشر بعثة المراقبة التابعة لنا في رفح لضمان الاستقرار على الحدود، حتى نكون مستعدين”.
وأشارت كالاس، التي التقت رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى في بروكسل، صباح الجمعة، وتحدثت عبر الهاتف مع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، إلى أن “إعادة الانتشار تتطلب دعوة من إسرائيل، والسلطة الفلسطينية، واتفاقية تعاون مع مصر”.
وأعربت عن جاهزية البعثة حالياً بـ”10 موظفين دوليين و8 موظفين محليين”، مضيفةً: “سنكون جاهزين أيضاً للمساعدة في إعادة الإعمار والتعافي”.
من جهته، أعرب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى خلال لقاء نظيره البلجيكي ألكسندر دي كرو في بروكسل، عن “جاهزية مؤسسات الدولة لتكثيف العمل في قطاع غزة فور وقف العدوان.. ودعوة الاتحاد الأوروبي لاستئناف عمل بعثته في معبر رفح، للمساندة في إدخال المساعدات الإغاثية للقطاع”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.
نقل المدنيين والجرحى
تضمن الاتفاق الذي نشرت نصه وكالة الأنباء القطرية “قنا”، على أن يكون معبر رفح جاهزاً لنقل المدنيين والجرحى بعد إطلاق سراح جميع النساء المدنيات والمجندات، وستعمل إسرائيل على تجهيز المعبر فور توقيع الاتفاق، كما ستعيد القوات الإسرائيلية انتشارها حول معبر رفح.
ويتطلب من هؤلاء الأفراد الذين يتم نقلهم عبر المعبر، الحصول على موافقة إسرائيل، ومصر.
وقبل ساعات من إعلان الاتفاق بشكل رسمي، قال مصدر أمني مصري لقناة “القاهرة الإخبارية”، إنه “جارٍ التنسيق بشأن فتح معبر رفح الفلسطيني أمام إدخال المساعدات الدولية، لتحسين الأوضاع في قطاع غزة”.
ودعا المصدر الأمني المصري، المجتمع الدولي لـ”دعم تنفيذ صفقة وقف إطلاق النار في غزة، والتنسيق بشأن إدخال أكبر قدر من المساعدات للقطاع فور دخول الاتفاق حيز النفاذ”.
وقال مصدر مصري رفيع المستوى للقناة، إن “مصر تستعد لإدخال أكبر قدر ممكن من المساعدات إلى قطاع غزة لدعم أهالي القطاع”.
ويشمل الاتفاق الذي ستضمن تنفيذه القاهرة، والدوحة، وواشنطن، السماح بدخول 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة كل يوم من أيام وقف إطلاق النار، 50 منها تحمل الوقود، مع تخصيص 300 شاحنة لشمال القطاع.
شريان حياة
ومنذ بداية الحرب قبل 15 شهراً، كان معبر رفح وهو الوحيد في القطاع الذي لا تديره إسرائيل، يشكل شريان الحياة الرئيسي للفلسطينيين مع العالم الخارجي.
وسيطرت إسرائيل على جميع المنافذ البحرية إلى غزة، وعلى معظم حدودها البرية، كما شددت القيود التي تفرضها على القطاع، لتفرض عليه حصاراً شاملاً، وأعلن الجيش الإسرائيلي في 7 مايو 2024، أنه سيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
وسبق أن توسطت قطر في اتفاق بين مصر، وإسرائيل، و”حماس” بالتنسيق مع الولايات المتحدة للسماح بعمليات إجلاء محدودة، وغادر القطاع المجموعة الأولى من المصابين عبر معبر رفح في الأول من نوفمبر 2023، أي بعد نحو 3 أسابيع من بدء الحرب، تلتها الدفعة الأولى من حاملي جوازات السفر الأجنبية.
ولم تكن إسرائيل تسيطر بشكل مباشر على المعبر قبل 7 مايو 2024، لكنها كانت تراقب كل الأنشطة في جنوب غزة من قاعدة كرم أبو سالم العسكرية، وعبر غيرها من وسائل المراقبة، وهذه أول عودة للقوات الإسرائيلية إلى معبر رفح منذ انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005.
دور أوروبي
وشُيد معبر رفح الحدودي بناء على “معاهدة السلام” التي وقعتها مصر مع إسرائيل عام 1979، وبقي تحت إدارة هيئة المطارات الإسرائيلية حتى 11 سبتمبر 2005، قبل أن تنسحب إسرائيل من قطاع غزة، ويشرف مراقبون أوروبيون على الحركة في المعبر، بعد توقيع اتفاقية المعابر بين السلطة الفلسطينية، وإسرائيل.
الاتفاقية السابقة المعروفة باسم “الاتفاق بشأن الحركة والوصول” (AMA)، التي وقعت في 15 نوفمبر 2005 (خلال فترة سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة)، تنص على آلية لتشغيل معبر رفح بين الجانبين المصري والفلسطيني. وتشير إلى أن الاتحاد الأوروبي ممثلاً في بعثة حدودية، يكون طرفاً ثالثاً يشرف على تطبيق والالتزام بالقواعد والآليات المعمول بها في الاتفاق.
ووفقاً للاتفاق، تشرف مصر على إدارة الجانب المصري، والسلطة الفلسطينية عن إدارة الجانب الفلسطيني، على أن يراقب الاتحاد الأوروبي التزام الطرف الفلسطيني تنفيذ الاتفاق، كضامن أمام الجانب الإسرائيلي، كون قطاع غزة يخضع لسلطة الاحتلال، مع مشاركة البيانات مع إسرائيل التي تملك حق الاعتراض على مرور أي شخص أو سيارة، وتشكيل مكتب اتصال لحل النزاعات، تكون الولايات المتحدة عضواً فيه، لتسهيل حل النزاعات “على وجه السرعة”.
ووافق مجلس الاتحاد الأوروبي في 21 نوفمبر 2005، على أن يكون الطرف الوسيط / الضامن في اتفاق إدارة المعبر، كما ورد في اتفاقية المبادئ الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولهذا الغرض أسس الاتحاد حينها “مهمة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية” والمعروفة باسم EUBAM Rafah.
وبدأت العمليات التشغيلية للمهمة في معبر رفح في 24 نوفمبر 2005، فيما توقف العمل في الاتفاق، وانسحب الاتحاد الأوروبي من المعبر، في يونيو 2007، عقب سيطرة حركة “حماس” على قطاع غزة.
وبين نوفمبر 2005 ويونيو 2007، ساهمت المهمة الأوروبية في مراقبة عبور نحو 444 ألفاً من معبر رفح، وفي 23 مايو 2011، أكد المجلس الأوروبي استعداد الوحدة للانتشار مرة أخرى واستئناف عملياتها، وفي 28 مايو 2011 أعيد فتح المعبر من الجهة المصرية، وبات يعمل خارج نطاق الاتفاق، ولم يطلب أي من الأطراف من الاتحاد الأوروبي إعادة الانتشار رسمياً، وفقاً للموقع الرسمي للمهمة.
وأتى الاتفاق الذي عرف بـ”اتفاق تسهيل مرور البضائع والأفراد”، عقب الانسحاب الإسرائيلي من غزة في 1 سبتمبر 2005، أو ما يعرف بـ”خطة فك الارتباط الأحادية الإسرائيلية”، والتي أخلت إسرائيل بموجبها مستوطنات ومعسكرات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة.