12 أكتوبر 2025Last Update :

صدى الإعلام – الكاتب: باسم برهوم – بما يتعلق بخطة الرئيس ترامب وعلاقتنا بها ربما نحتاج اللجوء إلى الاسئلة التي طرحها الفيلسوف الالماني شوبنهاور في القرن التاسع عشر، وهي أسئلة جوهرية، مثل لماذا نفكر؟ وكيف نفكر؟ ويمكن هنا تكييف هذه الاسئلة كالتالي: لماذا تعاملنا ورحبنا بخطة ترامب؟ وبالتالي كيف سنتعامل معها؟ ونضيف ماذا نريد من هذه الخطة؟

بخصوص السؤال الاول، الترحيب الفلسطيني بخطة نبع من إدراك ان من لا يدخل الخطة قد يخسر كل شيء، وايضا لأنها، وبعد التأييد العربي والإسلامي وحتى الأوروبي، اصبحت الخطة تمثل إرادة دولية.

بخصوص السؤال كيف نفكر بالخطة؟ علينا ان ندرك أن ما يميز خطة الرئيس ترامب ان كل طرف يمكنه ان يقرأها ويفسرها على طريقته. صحيح ان قراءة إسرائيل للخطة هي اكثر سهولة لأنها اقرب لما تريده تل أبيب، ولكن وبشكل عام هناك تلميح كاف لمسار قد يقود الى تسوية شاملة في الشرق الأوسط وان يكون ضمنه دولة فلسطينية، بمعنى ان هذا التلميح يكفي ان نبدأ نحن كفلسطينيين منه.

وإذا اتفقنا على هذه القراءة فما هو المطلوب فلسطينيا لنتعامل بشكل فعال مع الخطة والا نقدم اي ذريعة للقفز عن جوهر القضية أي إقامة الدولة الفلسطينية او القفز عن الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية؟

الخطوات المطلوبة ليست اختراعا وانما نحن والآخرون نتحدث بها، وكل ما نحتاجه هو ان نجد الطريقة الافضل لتنفيذها، والقيام بها يمكن ان نسير بخطوط متوازية، اي ان يتم العمل بها في الوقت نفسه.

الخطوة الاولى، تتعلق بإعادة ترتيب الاوضاع الداخلية، وخصوصا تحديد الموقف من حماس، او بطريقة اخرى ما هو المطلوب من حماس ليكون لها مكان في المستقبل؟ حماس بقيت طوال الوقت تطرح نفسها بديلا لمنظمة التحرير، او انها كيان موازٍ لها، والمسألة الاخرى هو هوية حماس وأجندتها وقرارها، على حماس ان تستجيب اولا لدعوة الرئيس محمود عباس بأن تنضم للمنظمة وان توافق على التزاماتها السياسية بشكل علني وواضح، وثانيا، أن تعيد حماس تقديم نفسها بهوية وطنية وان ينبع قرارها بالأساس من المصالح الوطنية، وتتحول الى حزب سياسي. وإذا قامت بذلك نكون قد قطعنا نصف الطريق لاعادة ترتيب الاوضاع، ويصبح بالامكان التعامل مع خطة ترامب بقرار فلسطيني واحد موحد، من شأنه تقوية الموقف الفلسطيني، ربما على حماس ان تدرك ان العالم من حولها قد تغير.

الخطوة الثانية، تتعلق بالاصلاحات التي اعلن الرئيس محمود عباس التزام دولة فلسطين بها. بخصوص هذه المسألة، بالضرورة ان نقوم بالإصلاحات على أساس انها حاجة ومصلحة وطنية فلسطينية، وان تكون هناك قناعة بأنها ضرورة قصوى، وإدراك أن القيام بها بشكل صحيح سيفوت الفرصة على إسرائيل للتهرب من تنفيذ حل الدولتين، وان يشكل تنفيذ الاصلاحات ورقة مهمة بيد حلفاء وأصدقاء الشعب الفلسطيني ليكون ضغطهم على الحكومة الإسرائيلية اكثر جدوى. والاصلاحات كعناوين باتت معروفة، اولها وأهمها ان تكون للشعب الفلسطيني سلطة واحدة، وسلاح واحد بيد الأمن الرسمي الفلسطيني، وقانون واحد، بالإضافة الى مسألة التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات وإجرائها بشكل دوري منتظم، ووضع دستور عصري، بالإضافة إلي مواءمة مناهج التعليم مع معايير اليونسكو، وأخيرا خلق نظام ضمان اجتماعي موحد للشعب الفلسطيني.

الحطوة الثالثة، ان نحافظ على الحلفاء، وان نمتلك علاقات سليمة وواضحة مع الدول العربية، وان نستغل بشكل فعال الزخم والدعم الدولي بكل أشكاله، وان يكون هناك تنسيق كامل وواضح مع الأشقاء في السعودية، ومصر والأردن وقطر والامارات، وتتسيق متواصل مع الدول الاوروبية والاتحاد الأوروبي الذي اتخذ مواقفا داعما لحل الدولتين.

الخطوة الرابعة، اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وبحث ما إذا أصبح الوقت مناسبا لتحويل كافة الفصائل إلى احزاب سياسبة، خصوصا إذا اتفقنا ان نضالنا ضد الاحتلال سيأخذ شكلا سلميا من الآن فصاعدا، وان الهدف مواءمة انفسنا مع نظام سياسي لدولة.

الخطوة الخامسة، الانفتاح على المجتمع الإسرائيلي وإعادة الثقة بإمكانية التعايش وابراز مزايا السلام وانه مفيد لكافة الاطراف ويوفر لهم الامن والاستقرار، ما يدفعنا للعمل وفق هذه الخطوات هو البيئة الدولية الايجابية التي تتشكل للمرة الاولى، وتتبنى بقناعة حل الدولتين وان نقنع إسرائيل بأن هذا الحل وحده يمكن ان يأتي بالسلام الدائم والشامل، وان تقتنع تل أبيب انه لم يعد بالإمكان تجاهل هذه النهاية لخطة الرئيس ترامب بعد ان اعترفت دول كان من الصعب تخيل قيامها بمثل هذه الخطوة، مثل بريطانيا وفرنسا وغيرها. وحقيقة ان هناك 151 دولة تعترف اليوم بالدولة الفلسطينية هي حقيقة من الصعب القفز عنها.

شاركها.