لبنان في رمضان.. ارتفاع الأسعار مع تداعيات الحرب يرهق الجميع

في أول رمضان لهم بعد نهاية الحرب الإسرائيلية، وعودتهم إلى منازلهم المدمرة، جال علي سلوم بين المحال التجارية في سوق النبطية، جنوبي لبنان، من أجل تأمين مستلزمات الإفطار لعائلته، لكنه فوجئ بالأسعار.
وقال سلوم لـ”الشرق”: “سعر الخيار 150 ألف ليرة، ومع إضافة تكاليف العمال والمحل يباع بـ200 ألف، وقبل شهر كان سعرها 50 ألفاً، والطماطم كان الثلاثة كيلوجرامات منها بـ100 ألف، اليوم الكيلوجرام الواحد بـ100 ألف”.
وشنت إسرائيل حرباً على لبنان منذ 8 أكتوبر 2023 وحتى 27 نوفمبر 2024، أسفرت عن سقوط 3768 شخصاً وإصابة 15 ألفا آخرين، بحسب وزارة الصحة اللبنانية، إضافة إلى نزوح نحو 900 ألف شخص داخل لبنان، ولجوء أكثر من 500 ألف آخرين إلى دول مجاورة، خاصة سوريا.
وذكر البنك الدولي أن التقدير الأولي للأضرار والخسائر التي لحقت بلبنان يصل لنحو 8.5 مليار دولار، منها 2.8 مليار دولار خسائر بقطاع المباني مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية جزئياً أو كلياً.
وتشير جمعية تجار النبطية إلى أن حجم الدمار الكامل بالمحال التجارية في المدينة، بسبب الحرب، وصل إلى 40%، وأن نسبة المحال التي لحق بها دمار جزئي تبلغ 70%.
وتلفت الجمعية إلى أنها تحاول تنشيط السوق ومساعدة التجار على استئناف أعمالهم من جديد عبر عروض ترويجية وخفض في الأسعار.
لكن عضو الجمعية عماد ياسين يلوم مؤسسات الدولة لعدم تقديمها الدعم الكافي للمؤسسات الاقتصادية في النبطية، إضافة إلى غياب الأجهزة الرقابية الرادعة ما يشجع بعض التجار على رفع أسعار السلع.
وقال لـ”الشرق”: “لا توجد رقابة، وزارة الاقتصاد ينبغي أن تتفاعل وتنزل على الأرض، ولو فرضت جزاء على أحد الطامعين، خاصة أن هناك من يقول إن النبطية بلدة الغلاء، خصوصاً الخضار وفي شهر رمضان، فليطلبوا من تجار الخضار والفواكه، فهم أكثر من يرفعون الأسعار، أن يضعوا لائحة أسعار ليعرف المواطن ويقرأ ويلمس ذلك”.
ارتفاع الأسعار
من جهته أرجع عدنان رمال، عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي التابع لرئاسة مجلس الوزراء اللبناني، ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان إلى نوعين من الأسباب، بعضها مبرر وبعضها الآخر غير مبرر، على حد تعبيره.
ورأى رمال أن الأسباب المبررة تتمثل في “زيادة الطلب على أشياء كثيرة، خاصة بعد الحرب العدوانية التي حصلت على لبنان، فهناك سلع وأصناف عليها طلب كبير في وقت قصير، فارتفعت الأسعار نتيجة زيادة الطلب، وهناك أيضاً التضخم العالمي الذي حصل، وتكلفة الشحن التي زادت على شركات الشحن والحاويات”.
أما الأسباب غير المبررة بالنسبة لعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي فهي “زيادة الرواتب في القطاع الخاص وما يلحق بها من زيادات مباشرة بقطاعات تعليمية أو أخرى.. وهناك أيضاً ازدياد الطمع لبعض المحتكرين، ومن يستغلون الظروف كالحرب العدوانية التي صارت”.
ووفقاً لإدارة الإحصاء المركزي في لبنان، بلغ معدل التضخم السنوي لعام 2024 نحو 45.24% مقارنة بـ21.3% في عام 2023.
التضخم الشهري
وعلى صعيد التضخم الشهري، سجل مؤشر أسعار المستهلكين ارتفاعاً بنسبة 1.1% في يناير، مقارنة بالشهر السابق له، وهو أدنى مستوى خلال 4 أشهر، بعد أن بلغ معدل الزيادة 2.39% في ديسمبر 2024.
وأوضحت إدارة الإحصاء المركزي في لبنان، في تقريرها الصادر الشهر الماضي، أن أسعار الأغذية والمشروبات غير الكحولية ارتفعت بنسبة 20.9%.
ويقدر الحد الأدنى لأجور موظفي القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين في لبنان بنحو 200 دولار شهرياً، وسط مطالبات من جانب ممثلي العمال والمتقاعدين برفعه إلى 450 دولاراً، بما يتلاءم مع معدلات التضخم وغلاء المعيشة.