لبنان وجهة جديدة لعمال رأس العين وتل أبيض

– رأس العين
فشل الأربعيني مصطفى سليمان في العبور من مدينة تل أبيض إلى تركيا أكثر من سبع مرات عبر طرق “التهريب”، وفي كل مرة يتم القبض عليه وترحيله إلى سوريا.
حاول مصطفى البحث عن عمل في مدينة تل أبيض، لكن لم يجد سوى عمل المياومة غير الثابت، والذي لا يغطي احتياجات أسرته المكونة من ستة أفراد.
لم يتبقَ أمام الرجل من خيارات سوى الذهاب إلى لبنان بطرق غير نظامية (تهريب)، وسداد ديونه التي بلغت 40 مليون ليرة سورية (نحو 3650 دولارًا أمريكيًا)، تراكمت عليه خلال السنوات الخمس الماضية، بحسب ما قاله ل.
وذكر أنه تواصل مع أحد المهربين لإيصاله إلى دير الزور، ليكمل طريقه إلى حمص، ومن هناك إلى لبنان عبر طرق “التهريب”.
مصطفى واحد من كثيرين في رأس العين وتل أبيض، ممن وجدوا أنفسهم مضطرين للاتجاه نحو لبنان عبر مسارات “التهريب”، بحثًا عن فرص عمل لهم، وذلك بعد صعوبة المرور إلى تركيا.
ويضطر هؤلاء لخوض هذه الرحلات غير النظامية، رغم المخاطر الجسيمة التي تنطوي عليها، مثل الاعتقال وفرض الإتاوات من قبل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، خلال العبور من مناطق سيطرتها في الحسكة والرقة.
كان لبنان وجهة صعبة وغير مرغوب بها، لكن سقوط النظام السوري السابق، والإطاحة بحواجزه العسكرية، أعادها كوجهة لإيجاد فرص عمل، رغم خطورة الطريق.
الإغلاق باتجاه تركيا يدفع نحو لبنان
تراكمت الديون على عز الدين الشكري (39 عامًا) من مدينة رأس العين، نتيجة الخسائر الزراعية التي تكبدها خلال السنوات الخمس الماضية، ما أدى إلى وصول إجمالي ديونه إلى ما يقارب 7000 دولار أمريكي (نحو 77.5 مليون ليرة سورية).
لم يتمكن عز الدين من العبور إلى تركيا بسبب التشديد الأمني على الحدود التركية من قبل القوات التركية، ما حال دون تمكنه من السفر للعمل هناك وتسديد ديونه.
وقال ل، إنه كان يأمل أن يجد فرصة عمل في تركيا تساعده على تحسين وضعه المالي، ولكن مع القيود المفروضة، أصبح ذلك مستحيلًا.
وأضاف أنه ينوي التوجه إلى لبنان والبحث عن فرصة عمل هناك لسداد ديونه، إذ تواصل مع أحد المهربين لإيصاله إلى بيروت خلال نيسان الحالي بمبلغ مالي قدره 650 دولارًا أمريكيًا.
الأعمال المتاحة في تل أبيض ورأس العين تقتصر على الأعمال اليومية، وغالبها في الزراعة أو رعي الأغنام، ولا تتعدى الأجور اليومية 100 ألف ليرة سورية (نحو 9 دولارات أمريكية) في الحد الأعلى للأجر.
وتعتمد رأس العين وتل أبيض بشكل رئيس على الزراعة، ما يحد من تنوع الوظائف كما أن ضعف البنية التحتية والخدمات إلى جانب ضيق المساحة يحد من قدرة المدينتين على جذب الاستثمارات، بالإضافة إلى صعوبة وإغلاق طرق التهريب إلى تركيا.
تنسيق عمليات التهريب
يصل يوميًا عشرات الأشخاص إلى لبنان عبر طرق “التهريب” وذلك مع تنسيق مسبق مع مهربين يتولون نقلهم من منطقة إلى أخرى حتى وصولهم إلى بيروت.
مسؤول شبكة تهريب في مدينتي رأس العين وتل أبيض، قال ل، إن عشرات الأشخاص يأتون إليه يوميًا بهدف الوصول إلى لبنان بحثًا عن فرص عمل.
وأوضح أن العملية ليست سهلة، وتحتاج إلى تنسيق وتنظيم مسبق، وأهم ما فيها هو تأمين عبورهم من مناطق سيطرة “قسد” وإيصالهم إلى أشخاص يعملون مع الشبكة لاستكمال طريقهم نحو لبنان.
وأضاف أن تكلفة العبور انخفضت مقارنة بالفترات السابقة، إذ كان النظام السوري يفرض إتاوات تصل إلى 150 دولارًا للشخص الواحد، ما كان يرفع تكلفة التهريب حينها إلى نحو 1000 دولار أمريكي للفرد.
وذكر أنه يصل يوميًا إلى لبنان من تل أبيض ورأس العين بين 10 و20 شخصًا، وأن التكلفة الحالية تتراوح بين 600 و650 دولارًا أمريكيًا، تُخصص غالبيتها لتأمين مرورهم من مناطق سيطرة “قسد” وضمان عدم اعتقالهم خلالها.
إمكانيات محدودة أمام احتياجات كبيرة
المتحدث باسم المجلس المحلي في رأس العين، زياد ملكي، قال ل، إن المجلس عمل خلال السنوات الخمس الماضية على توفير فرص عمل للسكان ضمن الإمكانيات المتاحة.
وأوضح أن المجلس وفّر نحو 800 وظيفة ضمن قطاع الخدمات والإدارة في المجلس المحلي، إضافة إلى 1300 وظيفة في قطاع التعليم، بينما تجاوز عدد العاملين في الشرطة المدنية 1000 شخص.
وأضاف أن المجلس، في ظل غياب المنظمات الداعمة للمنطقة، تبنى دعم ذوي الدخل المحدود والفئات الأشد فقرًا ضمن الإمكانيات المتاحة لديه، حيث يُقدَّم شهريًا دعم مالي لنحو 100 شخص من الأيتام وذوي الإعاقة، فضلًا عن تقديم مبلغ قدره 575 ألف ليرة سورية لـ1500 شخص من سكان ريف رأس العين (المبلغ يدفع بالليرة التركية ويعادل 2000 ليرة تركية).
وأشار ملكي إلى أن قدرات المجلس محدودة، مؤكدًا أن غياب المنظمات بشكل كامل عن المنطقة يزيد من صعوبة الاستجابة لاحتياجات السكان.
تقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، وتسيطر عليهما الحكومة السورية، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قسد”، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي