لتصحيح العلاقات بين لبنان وسوريا.. نواف سلام إلى دمشق للقاء الشرع

يزور رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، سوريا اليوم الاثنين، لبحث فتح مسار جديد لتصحيح العلاقات، على قاعدة احترام الدولتين لسيادة بعضهما البعض، وفتح مسار جديد حول تكريس الاستقرار وتثبيته، بحثاً عن الدخول في استثمارات على قاعدة المصالح المشتركة بين البلدين، وفق ما أكدته مصادر رسمية لبنانية.
وقالت وسائل إعلام لبنانية إن الزيارة ستكون تمهيدية لزيارات لاحقة من قبل وزراء معنيين ومختصين بملفاتهم، مثل طرق التجارة، والترانزيت، والزراعة، واستجرار النفط والغاز، وكل ما يمكن أن يبنى عليه كمصالح مشتركة، بالإضافة إلى البحث بضبط الحدود، وإغلاق المعابر غير الشرعية، وضبط المعابر الشرعية، فضلاً عن تكثيف التفتيش، ومنع حصول أي اشتباكات وعمليات تهريب.
وأكدت أنه ستكون هناك مواكبة لملف ترسيم الحدود، والبحث بملف اللاجئين السوريين، وأن زيارة سلام هي زيارة أو محطة تأسيسية أو تمهيدية لزيارات لاحقة يبحث فيها ملف اللاجئين.
وكشفت أن سلام سوف يلتقي عند الثانية من بعد ظهر اليوم، بالتوقيت المحلي، الرئيس السوري أحمد الشرع. وكان سلام قد أكد بعد وضع إكليل على نصب الشهداء في وسط بيروت في الذكرى الخمسين للحرب الأهلية اللبنانية، أمس الأحد، أن موضوع المخفيين اللبنانيين في السجون السورية سيكون من ضمن المباحثات خلال زيارته إلى سوريا.
ترتبط سوريا ولبنان بعلاقات تاريخية معقدة، تتشابك فيها العوامل السياسية والثقافية والاقتصادية. بدءا من الحقبة العثمانية مرورا بالانتداب الفرنسي، وصولا إلى الاستقلال وما بعده، شهدت العلاقات بين البلدين فترات من التعاون والصراع، تأثرت بالأحداث الإقليمية والدولية.
الخلفية التاريخية
العصر العثماني (15161918): كانت سوريا ولبنان جزءا من الدولة العثمانية، حيث شكّلتا معا جزءا من بلاد الشام.
الانتداب الفرنسي (19201943): بعد سقوط الدولة العثمانية، فرضت فرنسا انتدابها على المنطقة، وقسمتها إلى كيانات صغيرة، منها دولة لبنان الكبير (1920) ودولة سوريا.
مرحلة ما بعد الاستقلال (19401970)
حصل لبنان على الاستقلال عام 1943، وسوريا عام 1946، لكن الحدود بينهما بقيت موضع خلاف، خاصة في مناطق مثل البقاع وطرابلس.
تأثرت العلاقات بالصراع العربي الإسرائيلي، حيث شارك البلدان في حروب ضد إسرائيل (مثل حرب 1948 و1967).
الحرب الأهلية اللبنانية والتورط السوري (19751990)
1975: اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية بسبب توترات طائفية.
1976: تدخل سوريا عسكريا كجزء من “قوات الردع العربية” لدعم الحكومة اللبنانية، لكن دورها تطور لصالح نفوذ سياسي.
اتفاق الطائف (1989): بوساطة سعودية، أنهى الحرب وأقر إصلاحات سياسية، لكنه عزز الدور السوري في لبنان.
الهيمنة السورية (19902005)
معاهدة الأخوة والتعاون (1991): شرعنت الوجود العسكري السوري في لبنان وسيطرتها على قراراته الأمنية والسياسية.
الانتقادات الدولية: اتهمت سوريا بتدخلها في الانتخابات اللبنانية واغتيال شخصيات معارضة (مثل رئيس الوزراء رفيق الحريري عام 2005).
انسحاب القوات السورية (20052011)
ثورة (2005): مظاهرات لبنانية ودولية دفعت سوريا لسحب قواتها تحت الضغط الدولي (القرار 1559 لمجلس الأمن).
تأثيرات الانسحاب: تصاعد التوترات الطائفية في لبنان، وبروز دور حزب الله المدعوم من سوريا وإيران.
اللاجئون السوريون: استقبل لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري، مما زاد الضغط على اقتصاده الهش.
التورط العسكري: دعم حزب الله النظام السوري البائد عسكريا، مما عمّق الانقسامات الداخلية في لبنان.
وبعد سقوط النظام البائد يطمح الشعبان إلى علاقات متوازنة مستقرة مع احترام سيادة كل من البلدين.
وتظل العلاقات السورية اللبنانية مثالًا على التداخل بين التاريخ والسياسة. بينما يسعى البلدان لإدارة تحديات الحاضر، تبقى مصالحهما مرتبطة بتوازنات إقليمية ودولية معقدة.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية