لتعويض خسائر القمح والقطن.. زراعة البصل تتوسع في رأس العين
– رأس العين
زادت المساحات المزروعة بمحصول البصل في رأس العين شمال غربي الحسكة، أملًا بتحقيق أرباح بعد خسائر تعرض لها المزارعون في محصولي القطن والقمح.
ولجأ الفلاحون إلى زراعة البصل لتعويض خسائر وصفوها بالفادحة من محصولي القمح والقطن في الموسم السابق، إثر كسادهما وعدم وجود سوق تصريف لهما، وتحكم التجار بتحديد السعر.
وتبدأ زراعة البصل في المنطقة اعتبارًا من منتصف كانون الأول، وتمتد حتى بداية شباط، وتضاف إلى محصول الكمون الذي توسعت مساحات زراعته في المنطقة أيضًا.
البصل بديل
التقت عددًا من المزارعين في رأس العين ممن قرروا زراعة البصل، وسألتهم عن أسباب وظروف زراعته.
عمار الحسون، مزارع من قرية المباركية، أوضح ل أن موسم القمح والقطن عام 2023 حمل خسائر مادية، بسبب عدم توفر أسواق لتصريف المحصول، وعدم تجاوز سعر طن القمح 200 دولار أمريكي والقطن 550 دولارًا.
وأوضح أن هذه الأسعار غير متناسبة مع التكاليف الزراعية، لذلك قرر زراعة البصل في أرضه بمساحة 20 دونمًا للاستفادة من موسمه.
وأضاف أنه اختار زراعة البصل لأنه محصول منتج مقارنة بالمحاصيل الثانية، وسعره مقبول في حال لم يتم احتكار أسعاره، مشيرًا إلى أنه يمكن بيع الطن بما يقارب خمسة ملايين ليرة سورية (نحو 336 دولارًا) في حال عدم تلاعب التجار بأسعاره.
من جانبه، هيثم الشاكر، مزارع آخر من قرية مجيبرة شرقي رأس العين، قال ل، إن الموسم الزراعي الحالي يختلف عن السابق، إذ استفاد المزارعون من تجارب الموسم السابق وضرورة التنوع في المحاصيل، فدخلت زراعة النباتات العطرية كالكمون، ومحاصيل أخرى كالبصل.
وأوضح أنه لم يزرع سوى 15 دونمًا من القمح، بينما زرع 25 دونمًا من البصل، و40 دونمًا من الكمون، مشيرًا إلى أن هذا العام هو الأول الذي زرع فيه البصل بأرضه.
في موسم حصاد القمح برأس العين عام 2023، اشتكى مزارعون من تكدّس المحصول لديهم، لعدم تسلم “الحكومة السورية المؤقتة” إلا كميات قليلة منه، ما جعلهم عرضة لاحتكار وتحكم التجار في محصولهم، نظرًا إلى غياب أماكن مناسبة للتخزين وصعوبات في الحفاظ على جودة المحصول، ما يؤدي إلى تلفه.
وحددت “المؤقتة” حينها سعر شراء طن القمح القاسي الصافي من الدرجة الأولى بمبلغ 330 دولارًا أمريكيًا، ورغم تحديد السعر لم يتمكن المزارعون من بيع القمح القاسي الصافي بأكثر من 220 دولارًا للطن، والقمح الطري بسعر 150 دولارًا للطن.
ولم تتدخل “الحكومة المؤقتة” في شراء محصول القطن المزروع ضمن مناطق سيطرتها، ما عرض المزارعين لخسائر كبيرة، نتيجة اضطرارهم لتخفيض أسعار المبيع، وتراوح سعر الطن بين 500 و550 دولارًا أمريكيًا، في حين كان سعره عام 2022 يتراوح بين 750 و800 دولار.
ظروف بيئية ودراية
المهندس محسن العمري قال ل، إن المزارعين بدؤوا يُقبلون على الزراعات الجديدة، ويبحثون عن إنتاج أكثر، وسعر أعلى للمحصول.
وأوضح أن زراعة البصل اقتصرت خلال عام 2023 على مساحات صغيرة تكون بين الدونم والخمسة دونمات، بينما بدأت زراعته بالعام الحالي على مساحة أكبر تراوحت بين 15 و30 دونمًا.
وأضاف أن إدخال أي مشروع زراعي جديد إلى منطقة رأس العين يحتاج إلى أن يتوفر فيه أمران، الأول ظروف بيئية ومناخية مناسبة، والثاني المعرفة بآلية وطريقة الزراعة والعناية به.
وأشار إلى ضرورة الاهتمام بتجهيز وإعداد الأرض قبل زراعة البصل، واستخدام بذور خالية من الإصابة وتكون من مصادر موثوق بها، بالإضافة إلى الاهتمام بالتسميد الآزوتي والفوسفوري.
ومن أبرز الأمراض التي تصيب محصول البصل عفن البذور وموتها قبل الإنبات، أو موتها بعد الإنبات مباشرة وقبل الظهور فوق سطح التربة، ما يسبب التحلل والتعفن في منطقة التاج ورقود وموت البصل، وفق المهندس.
مخاوف من الكساد
تحمل زراعة أي محصول جديد مخاوف من خسائر مادية، خاصة في رأس العين، حيث شهدت المواسم الماضية شكاوى من مزارعين باحتكار تجار للمحصول، وعزوف “الحكومة السورية المؤقتة” عن شراء القمح.
رئيس مكتب الزراعة والثروة الحيوانية في المجلس المحلي برأس العين، عمر حمود، أوضح ل أن زراعة البصل زادت هذا العام مقارنة بالعام السابق، دون وجود إحصائية دقيقة للمساحة، وذلك نظرًا إلى الربحية العالية التي يمكن تحقيقها من زراعته مقارنة بالمحاصيل الاعتيادية مثل القمح والشعير.
وأضاف أن البصل يتمتع بإنتاجية عالية، ويمكن أن يصل إنتاج الدونم إلى ثلاثة أطنان في الحد الأدنى وخمسة أطنان في الحد الأقصى.
ورغم الإنتاج العالي للبصل، تبقى مخاوف المزارعين موجودة خاصة مع زيادة المساحات المزروعة، لأن ذلك قد يؤدي إلى كساده وغياب سوق لتصريفه، وفق حمود.
وذكر أن سعر بذور البصل الهجين يتراوح بين 20 و25 دولارًا أمريكيًا للكيلو، حيث يحتاج كل دونم إلى 1.2 كيلو، لافتًا إلى ضرورة توفير أماكن مخصصة بعيدة عن الرطوبة والحرارة العالية لحفظه من التلف في حال صعوبة تسويقه.
وتعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها أغلبية سكان منطقة رأس العين، وهي تشكل مصدرًا رئيسًا للدخل للسكان.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي