نفت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا إصدار أي نتائج حتى الآن حول الانتهاكات التي شهدتها محافظة السويداء في تموز الماضي، مؤكدة أنها لم توجه أي دعوات عامة لتقديم الشهادات سوى عبر موقعها الرسمي التابع للأمم المتحدة.
وقالت اللجنة في بيان نشرته عبر منصة “إكس“، مساء الثلاثاء 7 من تشرين الأول، إنها لاحظت انتشار معلومات خاطئة عن الزيارة، ولا سيما على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدة أنها لا تعلن عن أي نتائج قبل انتهاء تحقيقاتها التي ما تزال مستمرة.
وأشارت إلى أنها تواصل تحقيقاتها عبر التواصل مع جميع المجتمعات المتأثرة وأصحاب المصلحة، معربة عن امتنانها لتسهيل مهمتها وإتاحة الوصول إليها.
وأضافت أن اللجنة، رغم استمرار التحقيقات، قدّمت توصيات أولية لمعالجة الشواغل الملحة المتعلقة بحقوق الإنسان إلى السلطات المعنية وأصحاب المصلحة.
وتتطلع اللجنة إلى تنفيذ زيارات إضافية إلى المجتمعات والمناطق المتضررة في السويداء بعد اختتام زيارتها الأولى، شرط استمرار توافر الظروف المناسبة لعملها.
لجنة سورية للتحقيق
شكلت وزارة العدل السورية لجنة للتحقيق في أحداث السويداء الأخيرة، بموجب القرار رقم “1287”، الصادر في 31 من تموز الماضي.
وحددت الوزارة مهام اللجنة بكشف ملابسات الأحداث والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات التي تعرض لها المواطنون، وإحالة من يثبت تورطه إلى القضاء.
ويأتي تشكيل اللجنة بناءً على توجيهات رئاسة الجمهورية بالالتزام بكشف الحقيقة وسرعة المساءلة، وفق ما ورد في القرار، الذي نص أيضًا على تقديم تقارير دورية ورفع التقرير النهائي خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيل اللجنة، مع إمكانية الاستعانة بخبراء وجهات مختصة.
توعد بالمحاسبة
في 22 من تموز الماضي، وتوعدت وزارتا الداخلية والدفاع بمحاسبة منفذي عمليات الإعدام الميدانية التي وقعت في السويداء خلال أحداث العنف، وأدانت وزارة الداخلية تسجيلات أظهرت تنفيذ إعدامات من قبل أشخاص وصفتهم بـ”مجهولي الهوية”.
واعتبرت وزارة الداخلية أن هذه الأفعال تمثّل “جرائم خطيرة يُعاقب عليها القانون أشد العقوبات”، مؤكدة أن الجهات المختصة باشرت تحقيقًا عاجلًا لتحديد هوية المتورطين والقبض عليهم.
كما قالت وزارة الدفاع إنها تابعت تقارير حول انتهاكات “صادمة وجسيمة” ارتكبتها مجموعة “مجهولة” ترتدي الزي العسكري.
وشكّلت الوزارة لجنة للتحقيق في هوية الفاعلين، وأصدرت تعليمات تمنع دخول أي تشكيلات تابعة لها إلى منطقة العمليات العسكرية في السويداء.
أحداث السويداء
بدأت أحداث السويداء، في 12 من تموز الماضي، بعد عمليات خطف متبادلة بين سكان حي المقوس، ذي الأغلبية البدوية، وعدد من أبناء الطائفة الدرزية، وتطورت في اليوم التالي إلى اشتباكات مسلحة.
تدخلت الحكومة السورية، في 14 من تموز، لفض النزاع، إلا أن تدخلها ترافق مع انتهاكات ضد مدنيين من الطائفة الدرزية، ما دفع فصائل محلية إلى الرد، بينها مجموعات كانت تتعاون سابقًا مع وزارتي الدفاع والداخلية.
وفي 16 من تموز، انسحبت القوات الحكومية من السويداء بعد تعرضها لضربات إسرائيلية، تبعها ارتكاب انتهاكات وأعمال انتقامية ضد سكان البدو في المحافظة، ما أدى إلى إرسال أرتال مسلحة على شكل “فزعات عشائرية” لنصرتهم.
عقب ذلك، توصلت الحكومة السورية وإسرائيل إلى اتفاق بوساطة أمريكية لوقف العمليات العسكرية.
منع تكرار الانتهاكات
دعا رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، باولو سيرجيو بينهيرو، السلطات السورية إلى معالجة الأسباب الجذرية للعنف بشكل عاجل، ومنع تكرار الانتهاكات، والعمل على استعادة الثقة بين الدولة والمجتمعات المتضررة.
وقال بينهيرو، خلال حديثه أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ60 في 23 من أيلول الماضي، إن السوريين ما زالوا يتمسكون بالأمل رغم تجدد العنف والانتهاكات، مشيرًا إلى أن اللجنة التقت بمسؤولين في الحكومة بدمشق، وناقشت معهم خطوات التحول السياسي والمؤسسي الضرورية لحماية حقوق السوريين.
وأكد بينهيرو أهمية العدالة لجميع الضحايا دون استثناء، داعيًا إلى الاستفادة من خبرات منظمات حقوق الإنسان المحلية في دعم الناجين وتعزيز المساءلة.
وأوضح أن وزير العدل السوري، مظهر الويس، أكد للجنة ضمان الإشراف القضائي على الاعتقالات والسماح للمحتجزين بالتواصل مع ذويهم ومحاميهم، مضيفًا أن اللجنة ستتابع هذه الوعود عن قرب، مجددًا الدعوة إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام تمهيدًا لإلغائها.
وتناول التقرير الأخير للجنة الهجمات التي طالت الطائفة العلوية منذ بداية العام، وأدت إلى مقتل أكثر من 1400 شخص في آذار الماضي، بعضها على يد قوات الأمن السورية.
ورحب بينهيرو بتعهد السلطات بمحاسبة المسؤولين، لكنه شدد على ضرورة إجراءات شفافة وعاجلة، محذرًا من استمرار القتل والاعتقالات التعسفية ومصادرة ممتلكات المهجرين.
وأشار إلى أن محافظة السويداء شهدت في تموز الماضي أعمال عنف بين مجتمعات درزية وبدوية، أسفرت عن مقتل المئات وتشريد نحو 200 ألف مدني، وتوثيق عمليات إعدام خارج القانون، بعضها من قبل قوات الأمن.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي