لغز ارتفاع نسبة تعثر المصريين فى سداد الأقساط والقروض

أزمة تهدد شركات التمويل الاستهلاكى..
مع ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة التى تصل إلى 32% على القروض، زاد عدد المتعثرين بشكل ملحوظ في سداد القروض البنكية والأقساط المطلوب من قبل شركات التمويل الاستهلاكي، والتى انتشرت مؤخرًا لشراء جميع السلع مثل الأجهزة الكهربائية والمفروشات والهواتف المحمولة ولاب توب، بالتقسيط لمدة تتراوح بين 6 أشهر حتى عامين.
ومن أشهر الشركات التي تعمل في مجال التمويل الاستهلاكي: «فاليو، وحالا، وتساهيل، و كونتكت، و كونتكت كريدي تك، وأمان».
وكان معدل التضخم السنوي في مصر سجل 12.8% في فبراير 2025، ورغم الانخفاض العام في معدل التضخم، إلا أن بعض السلع الأساسية لا تزال تشهد زيادات ملحوظة.
فعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار الخبز والحبوب بنسبة 7.2%، واللحوم والدواجن بنسبة 0.9%، والأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 6.3%، والألبان والجبن والبيض بنسبة 7.9%، والفاكهة بنسبة ضخمة بلغت 44.1%، والبن والشاي والكاكاو بنسبة 9.2%، حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ويتسبب تأخر العميل في سداد الأقساط والقروض نتيجة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار، في فرض غرامات التأخير ووضع الفوائد الإضافية التي قد تزيد من الأعباء المالية.
وبحسب خبراء، فإن تعثر العملاء، يضع شركات التمويل الاستهلاكي، في ضغوط مالية وهو ما يؤدي إلى انخفاض رأس مالها.
ولم تكن البنوك أو الشركات التمويل الاستهلاكي، هي فقط التي تشهد حالات تعثر من قبل العملاء، حيث كان لشركات التمويل العقاري النصيب الأكبر من الأزمة.
وخلال الأيام القليلة الماضية، انتشر عدد من المنشورات على مجموعات موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، عن عرض وحدات سكنية للبيع لم يتم انتهاء أقساطها؛ نتيجة لتعثر صاحبها عن تكملة باقى المبلغ المتبقى.
وأصبحت نسبة العملاء المتعثرين في سداد الأقساط للشركات العقارية تزيد على 2%، بعد أن كانت لا تتجاوز نسبتها الـ1% من إجمالي محفظة الشركات، ومع ارتفاع نسبة التعثر سيؤدي إلى عزوف البنوك عن تمويلات شركات التمويل العقاري وتراجع نشاطها.
معدلات الإنفاق تلتهم الدخل
وفي هذا السياق، قال الدكتور عادل عامر الخبير الاقتصادي رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسية، إن الأزمات الاقتصادية الحالية وارتفاع معدلات التضخم السبب الأساسي في تعثر العملاء عن سداد الأقساط والقروض، لافتًا إلى أن حجم الإنفاق الأسري أصبح في تزايد مستمر مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«»، أن دخل المواطن لا يتناسب مع موجة الغلاء الحالية، حيث معدلات الإنفاق تلتهم الدخل بالكامل، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة المتعثرين خلال الفترة المقبلة.
وأشار «عامر»، إلى أن التعثر وضع طبيعي مع الظروف التى تمر بها البلاد؛ لعدم توفر السيولة المالية بهدف الشراء بالتقسيط أو سداد قروض والتي تصل نسبتها إلى 32%، متابعًا: «المواطن يحتاج ما يقرب من 21 ألف جنيه شهريًا، لسد التزامات الأسرة وسداد الأقساط والقروض البسيطة».
وشدد على أهمية دراسة شركات التمويل الاستهلاكي نسبة المخاطرة الائتمانية، والضمانات اللازمة لإعطاء القروض أو الشراء بالتقسيط مثل الحال في البنوك يكون هناك ضمانات مثل: «عقار أو سيارة أو شركة.. وهكذا»، حتى لا تصل إلى مراحل الجدولة أو تخفض نسبة الفائدة للسداد من قبل العميل، والخروج من هذه الأزمة.
وواصل: «الأزمات المالية دائمًا ستكون مصحوبة بالإغلاق والتعثر أو خسارة في رأس المال، وهو ما سيحدث لشركات التمويل الاستهلاكي في حال تأخر العملاء عن سداد الأقساط».
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن الأمر في الشركات العقارية يختلف، فهناك أكثر من طريقة لسداد الأقساط أمام العميل، والتي منها التنازل للوحدة لعميل آخر وتكملة باقي الأقساط بالاتفاق مع صاحب العقار نفسه، أو عن طريق التفاوض مع المطور العقاري والسماح بمد فترة السداد بناء على العقد بين البائع والمشتري، كما أنه من الحلول أيضًا استرداد المالك الوحدة وسداد ما تم دفعه من أقساط بعد بيع الوحدة في مزاد علني.
ونصح رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسية، المواطنين لعدم الوقوع في فخ التعثر، قائلًا: «يجب على المواطن الابتعاد عن القروض وخاصة مع ارتفاع نسبة الفائدة، لأنها غير آمنة في ظل الارتفاعات الحالية في الأسعار، وانخفاض الجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى، بجانب تصرف المواطن في الشراء بما يتناسب لديه من دخل».
الشراء غير المحدود
ومن ناحيته، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بأكاديمية النقل البحري، إن مصر تشهد حالة من الركود التضخمي مع الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات، مع توقعات وجود موجة غلاء جديدة دفعت مجموعة من المستهلكين إلى الشراء غير المحدود.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«»، أن ذلك تسبب في ارتفاع نسبة المتعثرين بشكل ملحوظ الفترة الأخيرة، والذي أصبح المطلوب منهم سداد أقساط وفوائد قروض مع احتياجات يومية في ارتفاع مستمر، في ظل انخفاض الدخله.
وأشار «الإدريسي»، إلى أن تعثر العميل في سداد الأقساط أو القروض ينتقل بدوره إلى شركات التمويل الاستهلاكي مما يدفعهم لإعادة جدولة الديون أو عمل مبادرات لإلغاء الفوائد لضمان استمرارها في السوق.
وتابع: «الأساس هذه الشركات يعتمد على تشغيل رأس المال الشهري، ففي حالة انخفاض نسبته سيؤدي إلى خسائر بشكل أو بأخر؛ لذلك يجب عليهم النظر مرة أخرى في الضمانات والحوافز والحدود الائتمانية لمنع التعثر من قبل العملاء، ولكن الوضع يختلف في السوق العقاري لأنه يعمل بكفاءة عالية وضمانات ائتمانية والسوق نشط بطبعه».
وأكد الخبير الاقتصادي، أهمية عدم الإفراط في عمليات الشراء بالتقسيط، لافتًا إلى أن المستهلكين ليس لديهم وعي كامل بزيادات المتوقعة في الأسعار وتناسبها مع الدخل.