تعتزم الولايات المتحدة تخفيض بعض الرسوم الجمركية المفروضة على الصين، إذا شددت بكين الرقابة على تصدير المواد الكيميائية المُستخدمة في إنتاج مخدر “الفنتانيل”، وذلك بموجب إطار عمل تجاري من المقرر أن يناقشه الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع نظيره الصيني شي جين بينج، الخميس المقبل، حسبما ذكرت مصادر مطلعة لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
ومن المتوقع أن تلتزم الصين بتشديد ضوابط تصدير المواد المُستخدمة في تصنيع “الفنتانيل”. وفي المقابل قد تخفض الولايات المتحدة رسومها الجمركية، المرتبطة بالمخدر، على السلع الصينية، والبالغة 20%، بنسبة تصل إلى 10%، بحسب المصادر.
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن “الاتفاقيات المتوقعة قابلة للتغيير، وتعتمد على اجتماع الزعيمين، ومن المتوقع التوصل إلى تفاصيلها في مفاوضات لاحقة”.
وإذا قلصت واشنطن الرسوم الجمركية على الصين 10%، فسيؤدي ذلك إلى خفض متوسط التعريفات على معظم الواردات الصينية إلى حوالي 45% بدلاً من 55% حالياً، وهذا من شأنه أن يجعل متوسط معدل التعريفة الجمركية للصين أقرب إلى معدلات الشركاء التجاريين الآخرين، مما قد يقلل من القدرة التنافسية السعرية للسلع المصنعة خارج الصين، ويزيد من الجاذبية النسبية للمنتجات الصينية للمشترين الأميركيين.
“البضائع الصينية”
وتفرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية بنسبة 50% على البضائع القادمة من الهند والبرازيل. وقد ذكرت إدارة ترمب بأن البضائع الصينية المشحونة عبر دول جنوب شرق آسيا ستُفرض عليها رسوم جمركية بنسبة 40%، وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة المُطبقة على البضائع الأخرى من المنطقة التي تتراوح بين 19% و20%.
وقد توصلت إدارة ترمب إلى اتفاقيتين تجاريتين وإطارين عمل مع دول جنوب شرق آسيا هذا الأسبوع، تضمنت أحكاماً تمنع الصين من تصدير البضائع عبر اقتصاداتها بأسعار أقل من أسعار السوق.
وذكرت الصحيفة أن تقريب التعريفات الجمركية المفروضة على الصين من الرسوم البالغة 40% التي تم تهديد دول جنوب شرق آسيا بفرضها من شأنه أن يقلل من الحافز لدى الشركات الصينية لشحن البضائع عبر تلك الاقتصادات إلى الولايات المتحدة، في حين قد يحفز المزيد من التجارة المباشرة بين الصين والولايات المتحدة.
ويمثل مخدر “الفنتانيل” قضيةً قائمةً منذ فترة طويلة بين واشنطن وبكين، إذ إنه أفيون اصطناعي يُلقى عليه اللوم في مئات الآلاف من حالات الوفاة بسبب الجرعات الزائدة في السنوات الأخيرة.
إطار عمل تجاري
وقضية الفنتانيل جزءٌ من إطار عمل تجاري أوسع نطاقاً وضعه مفاوضون صينيون رفيعو المستوى مع فريق أميركي يقوده وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ووصف بيسنت إطار العمل بأنه “ناجح للغاية”. وتوقع، خلال مقابلة مع شبكة CBS NEWS، الأحد، التزام الصين بموجبه بعمليات شراء كبيرة لفول الصويا الأميركي، وهو ما قد يؤدي إلى تخفيف معاناة المزارعين الأميركيين الذين تضرروا بشدة من فقدان المشترين الصينيين هذا العام.
وفرضت بكين رسوماً جمركية انتقامية على فول الصويا الأميركي في وقت سابق من هذا العام رداً على الرسوم الجمركية المتعلقة بـ”الفنتانيل” البالغة 20% على السلع الصينية.
وأصرّ المفاوضون الصينيون على أن “الصين لن ترفع رسومها الانتقامية، ولن تستأنف شراء فول الصويا الأميركي حتى ترفع الولايات المتحدة رسوم الفنتانيل”.
وفي حال الموافقة على هذا الإطار، سيُخفف ذلك التوترات المُزعزعة للأسواق بين أكبر اقتصادين في العالم.
قيود المعادن النادرة
وفي وقت سابق من هذا الشهر، شدّدت الصين الرقابة على المعادن النادرة، وهو قطاع تُهيمن عليه، ما هدد سلاسل التوريد العالمية التي تعتمد عليها في تصنيع كل شيء، بدايةً من السيارات الكهربائية وصولاً إلى الطائرات المقاتلة. في المقابل، هدّد ترمب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الصين.
والآن، وفي ظل الإطار الجديد، تتوقع الولايات المتحدة أن تعمل الصين على تأخير تطبيق القواعد الجديدة المتعلقة بالمعادن النادرة. وقال بيسنت في مقابلة مع شبكة ABC News، الأحد “أعتقد أنهم سيؤجلون ذلك لمدة عام أثناء إعادة النظر فيه”.
وذكر بيسنت لشبكة CBS News أن التأجيل المتوقع لضوابط الصين الأخيرة على المعادن النادرة، يعني أن تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على جميع السلع الصينية بحلول الأول من نوفمبر “أصبح الآن غير وارد فعلياً”.
إجراءات محتملة
ويتوقع المفاوضون الصينيون أيضاً أن “تُجمّد الولايات المتحدة إجراءات سياسية جديدة محتملة تُعتبر ضارة بالصين، مثل ضوابط تصدير المنتجات المُصنّعة ببرمجيات أميركية”، وفقاً لمصادر مطلعة على المفاوضات. لكن بيسنت صرح لشبكة CBS News، بأنه “لم تطرأ أي تغييرات على ضوابط التصدير الأميركية”.
وليس من الواضح كيف سيؤثر هذا الإطار المتوقع بين الصين والولايات المتحدة على مجموعة أخرى من قيود المعادن النادرة التي أعلنتها بكين في أبريل الماضي.
ويشير نظام التراخيص الجديد المعمول به في بكين إلى أن السلطات قد تُشدد قيود المعادن النادرة مجدداً، إذا فرضت الولايات المتحدة سياسات تجارية جديدة تُعتبر ضارة بالصين.
ومن المتوقع أيضاً أن تخفض الولايات المتحدة والصين رسوم الموانئ على سفن بعضهما البعض، وفقاً لأشخاص مطلعين على المفاوضات.
“توافق مبدئي”
وذكر نائب وزير التجارة الصيني، لي تشنج قانج، العضو البارز في الوفد التجاري الصيني، بأن الجانبين توصلا إلى “توافق مبدئي” حول قضايا تشمل ضوابط التصدير، والتعريفات الجمركية المتبادلة، والتعريفات الجمركية المتعلقة بالفنتانيل، وتوسيع التجارة الثنائية، ورسوم الموانئ. وأضاف أن “الجانبين سيخضعان بعد ذلك لإجراءات الموافقة المحلية”.
وقال لي “إن الاضطرابات والمنعطفات والتقلبات الحالية هي التي لا نرغب في رؤيتها”.
ومن المقرر أن يسافر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل إلى بكين لمناقشة قضية “الفنتانيل” مع السلطات الصينية، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.
