اخر الاخبار

لقاح “يقضي” على سرطان الكلى بعد تجربة سريرية شملت 9 مرضى

أفاد باحثون من معهد “دانا-فاربر” للسرطان بأن 9 مرضى خضعوا لتجربة سريرية لعلاج مرحلة متقدمة من سرطان الكلى من النوع الواضح الخلايا، باستخدام لقاح سرطان مخصَّص، وأظهروا استجابة مناعية ناجحة ضد السرطان. 

سرطان الكلى من النوع الواضح الخلايا هو مرض ذو طفرات جينية أقل مقارنة بأنواع أخرى من السرطان، مثل الميلانوما، مما يجعل تطوير لقاحات مخصَّصة له أكثر تحدياً. 

وتم إعطاء اللقاح المخصَّص بعد جراحة استئصال الورم، وهو مصمم لتدريب جهاز المناعة على التعرف على الخلايا السرطانية المتبقية والقضاء عليها، وبعد متابعة متوسطها 34.7 شهر، ظلَّ جميع المرضى خاليين من السرطان.

واللقاحات المخصَّصة نوع من العلاجات المناعية المصممة خصيصاً لكل مريض بناءً على السمات الجينية والجزيئية الفريدة لورمهم السرطاني، على عكس اللقاحات التقليدية التي تُعطى للوقاية من الأمراض المعدية، تُستخدم اللقاحات المخصَّصة لعلاج السرطان بعد تشخيصه.

تحفيز الجهاز المناعي

وتعتمد هذه اللقاحات على تحفيز الجهاز المناعي للمريض للتعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها بشكل انتقائي، مما يقلل من خطر عودة السرطان أو انتشاره.

نُشرت نتائج هذه التجربة السريرية من المرحلة الأولى في دورية “نيتشر” Nature مما يسلط الضوء على إمكانات هذا النهج العلاجي الجديد في مكافحة السرطان.

تم تصميم اللقاحات المخصَّصة باستخدام تقنية “نيو فاكس” (NeoVax)، والتي تعتمد على تحليل الأورام المستأصلة من المرضى لتحديد السمات الجزيئية الفريدة للخلايا السرطانية، والمعروفة باسم “المستضدات الجديدة” (neoantigens).

والمستضدات الجديدة بروتينات صغيرة، أو أجزاء من البروتينات تنتج عن طفرات جينية في الخلايا السرطانية، وهذه البروتينات غير موجودة في الخلايا الطبيعية، مما يجعلها أهدافاً مثالية للجهاز المناعي، إذ يمكن التعرف عليها كمكونات غريبة عن الجسم، ومهاجمتها دون التأثير على الخلايا السليمة.

وتتكون المستضدات الجديدة نتيجة الطفرات الجينية التي تحدث في الخلايا السرطانية، والتي تؤدي إلى تغييرات في تسلسل الحمض النووي، مما يؤدي إلى إنتاج بروتينات غير طبيعية، أو متحورة تختلف عن تلك الموجودة في الخلايا الطبيعية، مما يجعلها “جديدة” بالنسبة للجهاز المناعي.

وعندما تتراكم الطفرات في الخلايا السرطانية، يتم تصنيع بروتينات غير طبيعية، وتقسيم هذه البروتينات داخل الخلية إلى أجزاء صغيرة تسمى ببتيدات، وتُعرَض هذه الببتيدات على سطح الخلية بواسطة جزيئات تسمى “معقد التوافق النسيجي الكبير”، وعندما تكون هذه الببتيدات ناتجة عن طفرات، تسمى مستضدات جديدة.

ويقول المؤلف المشارك في الدراسة، توني شويري، مدير مركز لانك لأورام الجهاز البولي التناسلي في معهد دانا-فاربر: “نحن متحمسون جداً لهذه النتائج التي أظهرت استجابة إيجابية لدى جميع المرضى التسعة الذين يعانون من سرطان الكلى”.

وباستخدام خوارزميات تنبؤية، يتم اختيار المستضدات الأكثر قدرة على تحفيز استجابة مناعية قوية، يتم بعد ذلك تصنيع اللقاح المخصص لكل مريض، وإعطاؤه على شكل سلسلة من الجرعات الأولية تليها جرعتين معززتين.

نهج مختلف

ويرى المؤلف الأول للدراسة، ديفيد براون، والطبيب الباحث في مركز ييل للسرطان أن “هذا النهج يختلف تماماً عن محاولات اللقاحات السابقة في سرطان الكلى، إذ نختار أهدافاً فريدة للسرطان، ونوجّه جهاز المناعة لمهاجمته بشكل محدد”.

أظهرت النتائج أن اللقاح حفَّز استجابة مناعية قوية لدى جميع المرضى التسعة. تمت زيادة عدد الخلايا التائية الناتجة عن اللقاح بمتوسط 166 ضعفاً، واستمرت هذه الخلايا في الجسم بمستويات عالية لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. 

كما أظهرت الاختبارات المعملية أن الخلايا التائية الناتجة عن اللقاح كانت نشطة ضد الخلايا السرطانية للمرضى.

ويقول الدكتور باتريك أوت، مدير مركز لقاحات السرطان في معهد دانا-فاربر: “لاحظنا توسعاً سريعاً وكبيراً ودائماً للخلايا التائية الجديدة المرتبطة باللقاح. هذه النتائج تدعم إمكانية إنشاء لقاح مخصَّص للمستضدات الجديدة في أورام ذات طفرات أقل، وهي نتائج مشجِّعة، رغم أننا بحاجة إلى دراسات أكبر لفهم الفعالية السريرية الكاملة لهذا النهج”.

ولم تظهر أي آثار جانبية خطيرة مرتبطة باللقاح؛ إذ عانى بعض المرضى من ردود فعل موضعية في موقع الحقن، أو أعراض تشبه الإنفلونزا، لكن لم يتم الإبلاغ عن أي آثار جانبية عالية الخطورة.

رغم النتائج الواعدة، فإن هذه الدراسة كانت صغيرة، وتشمل 9 مرضى فقط، وهناك حاجة إلى تجارب سريرية أكبر لتأكيد فعالية اللقاح، واستكشاف إمكاناته الكاملة.

وتجرى حالياً دراسة دولية عشوائية متعددة المراكز تستخدم لقاحاً مخصَّصاً مماثلاً مع دواء مناعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *