تُلقب الأقمار الاصطناعية المدارية المشتركة بـ”المترصدين في الفضاء”، لأنها صغيرة وسريعة، وتتبع عن كثب الأقمار الحساسة التابعة لدول أخرى، بقصد إتلاف أو تدمير تلك الأنظمة عند توجيه الأوامر إليها من المشغلين الأرضيين.

وقالت The National Interest، إن هذه الأنظمة ذات “استخدام مزدوج”، ففي أوقات السلم، يمكن تصنيفها كأقمار اصطناعية “إصلاحية” أو أقمار اصطناعية للمراقبة، أما في أوقات الحرب، فقد تُسبب هذه الأنظمة المدارية المشتركة “أضراراً جسيمة”.

وأشارت المجلة الأميركية، إلى أن هناك نظاماً واحداً، يُثير قلقاً بالغاً لدى المُخططين الاستراتيجيين في البنتاجون، وهو أحدث قمر اصطناعي روسي ضمن سلسلة Cosmos ذات المدار الأرضي المنخفض، والذي يدور الآن بشكلٍ خطير بالقرب من قمر اصطناعي سري تابع للحكومة الأميركية. 

“حرب الفضاء”

جرى إطلاق القمر الاصطناعي الروسي Cosmos 2588 في 23 مايو الماضي، ووضعه في مدار مشترك مع القمر الاصطناعي الأميركي USA338، وهو النظام الذي يعتقد معظم الخبراء أنه جزء من مجموعة أقمار التجسس الكهروضوئية من سلسلة KH التابعة لمكتب الاستطلاع الوطني الأميركي (NRO). 

ووفقاً لمسؤولين حكوميين أميركيين، فإن آخر ثلاثة أقمار اصطناعية روسية تابعة لبرنامج Cosmos لا تتحرك في مدارها مع توقفات عرضية لمراقبة هدف آخر.

والتزمت روسيا الصمت حيال قدرات Cosmos 2588، ومع ذلك، يُعتقد أن القمر الاصطناعي الروسي يحمل على الأرجح “سلاحاً حركياً”، وهو ما يتماشى مع قدرات الأسلحة الروسية المضادة للأقمار الاصطناعية (ASAT) الحالية. 

وقبل خمس سنوات، رصدت المراقبة المدارية الأميركية قمراً اصطناعياً روسياً آخر من سلسلة Cosmos، يُسمى Cosmos 2543، وهو يُطلق مقذوفاً عالي السرعة في الفضاء، ولاحقاً تم اكتشاف أن Cosmos 2576 يمتلك قدرة مماثلة. 

ويمكن الاستنتاج أن مجموعة أقمار Cosmos الاصطناعية الروسية بأكملها تُمثل شبكة من الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية التي تسبح في المدار، على مقربة شديدة من الأنظمة العسكرية الأميركية الحساسة، وذلك وفقا لـ The Natioanl Interest.

وأشارت المجلة الأميركية، إلى أن روسيا والصين تعتبران الأقمار الاصطناعية الأميركية نقطة ضعفٍ في النفوذ والهيمنة العالمية التي يتمتع بها الجيش الأميركي منذ نهاية الحرب الباردة على الأقل. 

وبدون هذه الأنظمة الرئيسية في المدار، ستُعيق قدرة الجيش الأميركي على إبراز قوته، وسيؤدي فقدان القدرة على التواصل والمراقبة وتوجيه الأسلحة والأفراد بدقة عبر مسافات شاسعة إلى إضعاف قدرة الجيش الأميركي على العمل في الخارج.

وتعتمد العديد من أنظمة الأسلحة الرئيسية والمنصات والوحدات العسكرية الأميركية المنتشرة في المقدمة بشكل شبه حصري على قدرات الأقمار الاصطناعية التي تستهدفها الأسلحة المضادة للأقمار الاصطناعية الروسية والصينية، حسبما ذكرت The National Interest.

ولن يقتصر تأثير هجوم فضائي على إضعاف الجيش الأميركي حول العالم، بل سيؤخر أي رد عسكري محتمل عليه، كما سيمنح موسكو أو بكين فرصة سانحة لشل حركة الجيش الأميركي، ما يسمح للقوات الروسية أو الصينية بشن أي عمليات تشاء ضد القوات الأميركية.

وأوضح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين نيته عدم توجيه ضربة مباشرة لحلف “الناتو”، وامتنع عن شن هجمات مباشرة ضد التكتل، بالرغم من علمه بأن الحلف يُسلح أوكرانيا بأسلحة ثقيلة.

ويعتقد بوتين أن التعاون الأميركي هو ما سهّل هجمات الطائرات المسيرة الأوكرانية على روسيا، واستخدمت أوكرانيا الأقمار الاصطناعية الأميركية، بينها Starlink، لاستهداف الروس وتدميرهم منذ بدء الحرب عام 2022، وفق المجلة.

وقد يكون هجوم روسي محدود، وإن كان مدمراً، بأسلحة مضادة للأقمار الاصطناعية باستخدام أقمار “المترصدين في الفضاء” المدارية المشتركة إحدى الطرق التي يختارها بوتين للانتقام من واشنطن.

وفي النهاية، قد تكون ضربة دقيقة باستخدام أقمار مدارية مشتركة مفتاح بوتين لتعمية الأميركيين وشركائهم في الناتو مؤقتًا بشأن أوكرانيا، ما يتيح فرصة سانحة للقوات الروسية لاستغلالها، وقد ينكر الأميركيون وقوع هذا الهجوم الروسي المحتمل لحفظ ماء الوجه.

شاركها.