
محمود عباس، الرئيس الفلسطيني، يجد نفسه اليوم أمام تهديد مباشر بالاعتقال من وزير إسرائيلي متطرف، رغم سنوات طويلة وقف فيها الرجل حارسًا للتنسيق الأمني ومدافعًا شرسًا عن “الحل السلمي” حتى وهو يترنّح سياسيًا. إيتمار بن غفير، رمز التطرف والعنف، يطالب نتنياهو علنًا باعتقاله وتنفيذ اغتيالات ضد كبار مسؤولي السلطة، كأن تاريخًا كاملًا من الاجتماعات والتزامات أوسلو قد مُسِح بجرة لسان.
لم يشفع لعباس أنه كرّس أجهزة السلطة لملاحقة المقاومة، ولا أنه اعتبر التنسيق الأمني “مقدسًا”، ولا أنه وقف في وجه شباب الضفة وقواها الصاعدة. كل ما قدّمه لم يعد ذا قيمة أمام حكومة إسرائيلية تغرق في وحشية حرب غزة، وتبحث عن عدو جديد حتى لو كان أقرب المتعاونين مع منظومتها الأمنية.
وبينما يناقش العالم الاعتراف بفلسطين، يناقش اليمين الإسرائيلي اعتقال رئيسها. مفارقة فاضحة تختزل انهيار المشهد السياسي: الرجل الذي شكّل آخر حراس اتفاق أوسلو يتحول الآن إلى هدف لحكومة استفادت منه لعقود، ثم تخلّت عنه في اللحظة التي قررت فيها رفع سقف التطرف إلى أقصاه.
ويبقى السؤال المرّ الذي يطارد نهاية عهد عباس: هل يقضي آخر أيام حكمه داخل سجن بيبي؟ الرجل الذي خدم أمن الاحتلال أكثر مما خدم قضيته… يجد نفسه اليوم مهددًا بالسجن على يد نفس الحكومة التي بنى عليها “شراكته الأمنية” طوال سنوات.
