هزّ خبر وفاة السباح الناشئ يوسف محمد، لاعب نادي الزهور، الوسط الرياضي في مصر، بعدما لفظ أنفاسه الأخيرة خلال مشاركته في بطولة الجمهورية للسباحة تحت 12 عامًا. صدمة كبيرة اجتاحت الجمهور، وزادت حدّتها مع تداول شهادات تتحدث عن تأخر في إنقاذ الطفل ووجود قصور في إجراءات السلامة داخل مجمع حمامات السباحة، ما فتح الباب واسعًا أمام تساؤلات قانونية وأخلاقية حول المسؤولية. وبينما تتقدم التحقيقات، تقف أسرة الطفل في قلب المشهد، مطالبة بالحقيقة، ومتمسكة بحق ابنها في العدالة.
القتل الخطأ ومسؤولية الإهمال
وقال الدكتور محمد إبراهيم عميد كلية الحقوق بجامعة طنطا، إن ما حدث يُصنف قانونيًا ضمن حالات القتل الخطأ الناتج عن الإهمال وعدم الاكتراث، موضحًا أن غياب الاستعدادات اللازمة داخل موقع الحدث يدخل في إطار «الإهمال الجسيم». وأضاف أن هذا النوع من الإهمال قد يشكل جريمة جنائية عندما يتسبب في الوفاة، رغم عدم وجود قصد جنائي مباشر.
وأشار إبراهيم، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد، إلى أنه لابد من تحديد المسؤولين المباشرين عن موقع البطولة، مؤكدًا أن وجود فرق إنقاذ مدربة وسيارات إسعاف مجهّزة داخل المكان ليس رفاهية وإنما واجب قانوني. وأوضح أن غياب هذه العناصر يعكس تقصيرًا شديدًا، قد يؤدي إلى مساءلة جنائية ومدنية في آن واحد.
الاتحاد المصري للسباحة في دائرة المسؤولية
وأكد عميد كلية الحقوق، أن التعويضات إذا تقررت ستكون على عاتق الاتحاد المصري للسباحة باعتباره الجهة المنظمة والمشرفة على البطولة. وأشار إلى أن الاتحاد هو المسؤول الأول عن توفير كل شروط السلامة داخل مرافق البطولة، لأن استلامه المكان وإشرافه الكامل عليه يجعله قانونيًا الجهة التي تتحمل تبعات أي تقصير أو إهمال.
لحظات الفاجعة.. ماذا حدث داخل حمام السباحة؟
وفق ما أعلنته الاتحادات الرسمية، كان يوسف محمد يشارك في سباق 50 متر ظهر. بمجرد قفزه إلى المياه، تعرّض لإغماءة مفاجئة أدت إلى سقوطه نحو قاع الحوض. ورغم محاولة المنقذين التدخل، فإن الوقت الذي قضاه الطفل داخل المياه كان كافيًا لإحداث كارثة.
وأشارت مصادر طبية إلى أن اللاعب يبدو أنه ارتطم بقاع الحوض بقوة، وهو ما جعله يفقد الوعي فورًا، ليبقى تحت المياه من ثلاث إلى خمس دقائق قبل أن يتم انتشاله. هذا التأخير كان كفيلًا بوضع حياته في خطر، لينتهي الأمر بوسط رياضي حزين وأسرة تحاول استيعاب ما حدث.
الطفل نُقل على الفور إلى الطاقم الطبي داخل المجمع، ثم إلى مستشفى دار الفؤاد بمدينة نصر، لكن محاولات الإنعاش لم تُجدِ نفعًا، ليفارق الحياة بعد دقائق من وصوله.
أسرة من بورسعيد تنتظر إنهاء الإجراءات
لم تكن أسرة الطفل تتوقع أن رحلتها من بورسعيد إلى القاهرة لحضور بطولة رياضية ستنتهي بفاجعة عمرها.
وفي حديث خاص، كشف أبو كريم، عم يوسف، كواليس اللحظات التي تلت الحادث، مؤكدًا أن الأسرة ما زالت تعيش صدمة لا توصف.
عند سؤاله عمّا إذا كانت الأسرة قد بدأت مراسم العزاء، قال أبو كريم إنهم لم يتمكنوا بعد من إقامته لأنهم لا يزالون في القاهرة، موضحًا أنهم قدموا من بورسعيد وأنهم بانتظار الانتهاء من الإجراءات داخل مستشفى دار الفؤاد بمدينة نصر، والتي توقع أن تنتهي خلال نصف ساعة. وأكد أن الدفنة ستتم في نفس اليوم دون تأجيل، بينما سيُقام العزاء في اليوم التالي لمدة ثلاثة أيام كاملة.
غياب المسؤوليات الواضحة والتحقيقات مستمرة
عند سؤاله عمّا إذا كان قد تم القبض على أي مسؤول عن الواقعة، نفى أبو كريم تمامًا ذلك مؤكدًا أن ما حدث أشبه بوفاة غريق خلال مسابقة سباحة كان يفترض أن تكون آمنة بالكامل.
وأضاف أن الجهات المختصة هي التي تتولى التحقيقات لتحديد حقيقة المسؤولية، مشيرًا إلى أن الأسرة تنتظر ما ستسفر عنه التقارير الرسمية.
لحظات مأساوية في حمام السباحة
روى عم السباح أن يوسف ظل داخل المياه قرابة عشر دقائق وفق ما سمعه من شهود، مشيرًا إلى أن لجنة التحكيم والمنقذين وكل المسؤولين المتواجدين بجوار المسبح سيكون عليهم الإجابة عن الكثير من الأسئلة حول سبب تأخر التدخل.
وأوضح أن الأسرة بأكملها جاءت من بورسعيد لحضور الدورة، وأن والدي يوسف كانا متواجدين لحظة الواقعة إلى جانب شقيقته التوءم التي لم يتبقَّ لوالديهما سواها بعد رحيله.
بيان الاتحاد وحداد ثلاثة أيام
أعلن الاتحاد المصري للسباحة، في بيان رسمي، أن اللاعب تعرّض لإغماء مفاجئ خلال السباق، وأن الطاقم المتواجد تدخل فورًا لإنقاذه قبل نقله إلى المستشفى. وأضاف البيان أن الاتحاد ينعى اللاعب وأسـرته، معلنًا حالة حداد لمدة ثلاثة أيام.
ورغم البيان، بقيت الأسئلة حول جاهزية الفرق الطبية والمنقذين، وسبب تأخر التدخل، دون إجابة واضحة.
طفل رحل وبقيت الأسئلة معلّقة
رحل يوسف محمد وهو في ذروة حلمه الرياضي، طفلٌ لم يتجاوز الثانية عشرة، كان يرى مستقبله في حوض السباحة، لكنه وجد نهايته فيه. وبينما تتقدم التحقيقات، يشعر الشارع الرياضي بالغضب والحسرة، وتنتظر الأسرة الحقيقة الكاملة، وتتمسك بحق ابنها في محاسبة المقصرين.
المأساة لم تكن مجرد حادث عابر، بل جرس إنذار يطالب الجميع اتحادات وأندية ومنظمين بمراجعة إجراءات السلامة في بطولات الأطفال قبل التفكير في أي منافسات جديدة.
المصدر: صدى البلد
