مؤشرات تنذر بتوتر العلاقة بين الأسد وإيران.. هل انتهى شهر العسل؟
تزداد المؤشرات على خلاف بين إيران والنظام السوري، بعد سنوات من دعم طهران المباشر لدمشق، في الحرب المفتوحة ضد المعارضة، وذلك على خلفية الحديث عن صفقة محتملة بين الأسد والغرب.
وذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، في 6 من أيار، أن إيران تشتبه في استعداد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لعقد صفقة محتملة مع الغرب ضدها.
وأضافت الصحيفة أن إيران شعرت بهذا التقارب بين الغرب والأسد، بسبب اتخاذ الأخير موقفًا معتدلًا نسبيًا بشأن الصراع في قطاع غزة، مشيرة إلى أن مؤشرات وجود صدع بين طهران ودمشق، ظهرت بعد قصف إسرائيل القنصلية الإيرانية بدمشق مطلع نيسان الماضي، ما تسبب بمقتل ثلاثة ضباط إيرانيين كبار، بينهم اللواء محمد رضا زاهدي، القيادي في الحرس الثوري الإيراني.
الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية، واشتداد الحرب على قطاع غزة، أثر سلبًا على العلاقات الإيرانية السورية، حيث تشك طهران في أن النظام السوري اتخذ عمدًا موقفًا محايدًا بشأن الصراع بين إسرائيل والحركة الإسلامية “حماس”، بغية كسب ولاء الدول الغربية، وفق ما ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط”.
وأمام هذا الواقع قررت إيران نقل مقرات “الحرس الثوري الإيراني” من ضواحي دمشق إلى المناطق المجاورة للبنان، بسبب شكوكها في أن الأسد غير مهتم بضمان سلامة الضباط الإيرانيين، كما بدأت بالتخطيط لتقليص المساعدة المقدمة للنظام السوري، وإجلاء عناصر “الحرس الثوري” من نقاط وجودها التقليدية في سوريا.
تحقيقات
وكانت صحيفة “الجريدة” الكويتية نشرت تقريرًا نقلًا عن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، يفيد أن الأجهزة الأمنية الإيرانية رفعت تقريرًا للمجلس بشأن احتمال ضلوع النظام السوري في تسريب معلومات لإسرائيل، ساهمت في اغتيال كبار القادة الإيرانيين في سوريا.
وأضافت الصحيفة أن استخبارات الأسد كانت تعرقل التحقيق عن الجهات التي تقف خلف تسريب معلومات لتل أبيب عن اجتماع الضباط في القنصلية الإيرانية، ما دفع طهران إلى فتح تحقيق مستقل بمعاونة “حزب الله” اللبناني، أظهرت نتائجه أن الخروقات والتسريبات الأمنية التي أدت إلى اغتيال قادة “الحرس الثوري” في سوريا، وكذلك بعض كوادر “حزب الله” في سوريا ولبنان، تحظى بغطاء سياسي وأمني على مستوى عالٍ.
وذكرت الصحيفة حينها أنه من المحتمل أن يكون الأسد على علم بهذا الأمر، أو أن يكون الخرق على مستوى القيادة الروسية في سوريا بالتعاون مع المخابرات السورية، وفي هذه الحالة أيضًا فإنه من المرجح أن يكون تسريب المعلومات لإسرائيل كان بعلم الأسد.
حياد يزعج طهران
إيران شعرت بوجود تقارب بين الغرب والأسد ضدها، بسبب اتخاذ الأخير موقفًا حياديًا بشأن الصراع في قطاع غزة، وهو ما أزعج طهران.
وقال الباحث الفلسطيني محمود زغموت، ل، إن الأسد وقف على الحياد في حرب غزة للحصول على مكافأة، إما اقتصاديًا عبر رفع أو تخفيف العقوبات الأمريكية والغربية المفروضة عليه منذ سنوات، وتعزيز مشاريع التعافي المبكر في سوريا، أو من خلال دعمه سياسيًا على الصعيدين العربي والدولي”.
وكان موقع “أكسيوس” ذكر أن الإمارات نقلت تحذيرًا إسرائيليًا لبشار الأسد، للبقاء بعيدًا عن الحرب الدائرة في غزة، وعدم السماح باستخدام الجنوب السوري منطلقًا لعمليات تستهدف إسرائيل، وذلك بعد يومين من عملية “طوفان الأقصى” في 7 من تشرين الأول 2023.
هل انتهى شهر العسل؟
التسريبات التي خرجت عن ضلوع النظام السوري في التعاون مع إسرائيل، لتصفية ضباط إيرانيين في القنصلية، وما تبعها من تطورات واتهامات طهران لدمشق بالخيانة، يطرح تساؤلًا فيما إذا انتهى شهر العسل بين إيران والنظام وبدأت مرحلة القطيعة.
وبرز مؤشر آخر عن تململ الأسد من إيران، عبر ظهور أصوات من الموالين للنظام السوري تطالب بخروج إيران من سوريا، إذ هاجم الناشط الموالي بشار برهوم مؤخرًا الميليشيات الإيرانية واعتبرها السبب الرئيسي وراء معاناة الشعب السوري، مطالبًا إياها بالانسحاب من سوريا.
برهوم قال في مقابلة مع قناة “المشهد“، إنه يتمنى أن تتواصل معه إسرائيل ليزودها بإحداثيات مواقع الميليشيات الإيرانية وقادتها في سوريا، لاستهدافهم والتخلص منهم مؤكدًا أنه “يتشرف بذلك”.
الإعلام السوري فيصل القاسم علّق على تصريحات برهوم في مقال بصحيفة “القدس العربي“، بقوله، “لو استمعتم هذه الأيام إلى الفيديوهات التي ينشرها بشار برهوم أحد فتيان شعبة المخابرات العسكرية، لتأكدتم أن هناك شيئًا ما يعكر وبشدة صفو العلاقات بين دمشق وطهران، فلا يمكن لبرهوم أن يخرج على الهواء ليصف إيران بأنها ألد أعداء الشعب السوري ويطالب بطردها من سوريا، لو لم يكن لديه ضوء أخضر مخابراتي”.
وعنون القاسم مقاله بـ:”هل انتهى شهر العسل بين ملالي إيران وبعث الشام؟”، وذكر فيه أن “كل المؤشرات تدل على حصول تحوّل من نوع ما في العلاقة بين النظامين الإيراني والسوري في الآونة الأخيرة، فلم يعد الإيرانيون يخفون امتعاضهم الشديد من تورط مسؤولي النظام الكبار في الضربات الإسرائيلية الأخيرة لمواقع وقيادات إيرانية على الأراضي السورية”.
التوتر بين طهران ودمشق انعكس كذلك على الجانب الاقتصادي، إذ بدأت إيران مؤخرًا بالضغط لاسترداد ديونها لسوريا البالغة 50 مليار دولار أمريكي عبر الحصول على مشاريع استثمارية، خاصة بعد توقيع الطرفين “مذكرة تفاهم للتعاون الاستراتيجي” في أثناء زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، الأخيرة، وفق ما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر وصفتها بالمتابعة في دمشق.
بدوره أكد مدير عام غرب آسيا لمنظمة تنمية التجارة الإيرانية، عبدالأمير ربيهاوي، انخفاض صادرات طهران إلى دمشق بنسبة 50%، رغم تصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن عودة الأموال التي أنفقتها إيران في سوريا خلال السنوات الماضية، وفق ما ذكر موقع “إيران انتيرنشنال” في تقرير في آذار 2024.
وقال ربيهاوي، إن صادرات إيران إلى سوريا عام 2022 كانت 244 مليون دولار، لكن هذا الرقم تراجع إلى 120 مليون دولار عام 2023.
وتعهدت حكومة النظام بسداد نحو 18 مليار دولار فقط، من أصل 50 مليار دولار أنفقتها إيران في سوريا، وذلك ليس على شكل أموال نقدية، بل بمشاريع وخطط غير مجدية فنيًا واقتصاديًا، وليس لها ضمانات للتنفيذ، وفق ما أفاد موقع “إيران انتيرنشنال“.
وخلال السنوات الماضية، حصلت إيران على العديد من العقود الاستثمارية في سوريا بمختلف القطاعات، كالاتصالات والصحة والتعليم والطاقة والمصارف والبناء والزراعة والثروة الحيوانية والكهرباء.
لم تُنفذ مشاريع عديدة من هذه الاتفاقيات على أرض الواقع، وبحسب دراسة صادرة عن مركز “الحوار السوري” في آذار 2022، تتمثل الإنجازات التي حققتها إيران في الاقتصاد السوري بخطوط ائتمان وقروض أكثر من كونها تجارة، ورغم الإخفاقات التجارية المتعددة، لا تزال إيران تسعى لرفع مستوى التبادل التجاري لغايات عديدة، أبرزها استعادة أكبر قدر من الديون، وأهمية هذا التبادل لها لنفوذ القوة الناعمة التي تحتاج إليها لتطوير نفوذ طويل الأمد وعلاقات اقتصادية.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي