اخر الاخبار

ماذا يريد بوتين؟ شروط روسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا

بعد أكثر من 3 أعوام  على انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا، لا يزال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يُصرّ على تحقيق جميع أهدافه التي لم يحددها بدقة، تاركاً لنفسه هامشاً من الحرية لإعلان النصر بناءً على التطورات الميدانية في ساحة المعركة. 

وبشكل عام، تندرج أهداف بوتين ضمن ثلاث فئات: كبح تقدم حلف شمال الأطلسي في اتجاه الحدود الروسية، وتحييد أوكرانيا، وتعظيم المكاسب الجيوسياسية والاقتصادية.

ومع سعي الرئيس الأميركي دونالد ترمب للحصول على دعم الرئيس فلاديمير بوتين لمقترح وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً الذي قبلته أوكرانيا الأسبوع الماضي، وجد بوتين الفرصة التي كان ينتظرها لتصريف مطالبه.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو، مطلع الأسبوع الجاري، إن بلاده ستسعى للحصول على “ضمانات صارمة” في أي اتفاق سلام بشأن أوكرانيا، وشدد على أن أي معاهدة سلام طويلة الأمد بشأن أوكرانيا يجب أن تلبي مطالب موسكو.

ونقلت صحيفة “إزفستيا” الروسية عن جروشكو قوله: “سنطالب بأن تصبح ضمانات أمنية صارمة جزءا من هذا الاتفاق”. وأضاف: “من بين هذه الضمانات الوضع المحايد لأوكرانيا ورفض دول حلف شمال الأطلسي قبولها في التكتل”.

كبح تمدد الناتو

منذ البداية، ركّز بوتين على قضاياه المتعلقة بأوكرانيا في صلب المسألة الأوسع المتعلقة بدور حلف الناتو في أوروبا. ولطالما انتقد توسع الحلف واحتمال انضمام أوكرانيا إليه، معتبراً إياه تهديداً خطيراً لأمن روسيا، وخيانةً للوعود التي قُطعت في نهاية الحرب الباردة بعدم توسيع “الناتو” في اتجاه الشرق.

وركزت مسودات معاهدات الضمانات الأمنية الروسية، التي صدرت قبيل الغزو، على حلف الناتو، وليس على أوكرانيا. وتمثلت المطالب الرئيسية الثلاثة في هذه المعاهدات في إنهاء توسع الناتو، وحظر نشر الأسلحة الهجومية على طول حدود روسيا، وإعادة البنية التحتية للحلف إلى خطوط عام 1997، عندما وُقعت اتفاقية بين الناتو وروسيا قبل عامين من أول موجة توسع بعد الحرب الباردة.

مراحل توسع حلف شمال الأطلسي

  • الأعضاء المؤسسون:

1949 – بلجيكا، كندا، الدنمارك، فرنسا، أيسلندا، إيطاليا، لوكسمبورج، هولندا، النرويج، البرتغال، بريطانيا، الولايات المتحدة.

  • توسع الحرب الباردة:

1952 – اليونان، تركيا.

1955 – ألمانيا الغربية.

1982 – إسبانيا.

  • توسع ما بعد الحرب الباردة:

1990 – ألمانيا.

1999 – التشيك، المجر، بولندا.

2004 – بلغاريا، إستونيا، لاتفيا، ليتوانيا، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا.

2009 – ألبانيا، كرواتيا.

2017 – الجبل الأسود.

2020 – مقدونيا الشمالية.

2023 – فنلندا.

2024 – السويد.

وتطالب روسيا حلف شمال الأطلسي بإلغاء وعده الصادر عام 2008 بمنح أوكرانيا عضوية الحلف العسكري. وكان إعلان بوخارست لعام 2008 بمثابة تسوية للخلافات بين الولايات المتحدة، التي أرادت ضمّ كلا من جورجيا وأوكرانيا، وبين فرنسا وألمانيا، اللتين رفضتا خشية إثارة غضب روسيا.

لطالما أشارت روسيا إلى توسع الناتو بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وتحديداً طموحات أوكرانيا في الانضمام للتحالف، كأحد الأسباب التي دفعتها لغزو أوكرانيا.

ويعرف الناتو نفسه، بأنه تحالف دفاعي دون أي طموحات توسعية، وأنه لم يكن طرفاً في الحرب، على الرغم من أن العديد من أعضائه دعموا كييف بالمال والسلاح.

وشددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، رداً على سؤال من “رويترز”، على أن أوكرانيا بحاجة إلى العودة إلى موقفها الذي اتخذته في عام 1990 عند انهيار الاتحاد السوفيتي، والذي نصّ على أنها ستصبح دولةً محايدةً بشكل دائم، ولن تشارك في التكتلات العسكرية، وستبقى خاليةً من الأسلحة النووية.

وأصبحت أوكرانيا مستقلة بشكل كامل في عام 1991، وبعد ثلاث سنوات وافقت على التخلي عن أسلحتها النووية التي كانت تمتلكها منذ الحقبة السوفيتية مقابل ضمانات الاستقلال والسيادة داخل حدودها القائمة من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا.

تحييد أوكرانيا

تتماشى مخاوف بوتين بشأن الناتو، مع هدف آخر اعتبره ضرورياً لأمن روسيا عندما أطلق “العملية العسكرية الخاصة”، تمثل في نزع السلاح من أوكرانيا. وقد تجلى ذلك بوضوح في المفاوضات التي أجراها المسؤولون الروس والأوكرانيون في الأسابيع الأولى التي أعقبت الغزو، سعياً لوضع إطار عمل للتسوية. 

وفيما يتعلق بنزع السلاح، أصرّ الروس على حياد أوكرانيا، واقترحوا قوة عسكرية في زمن السلم لا يتجاوز قوامها 85 ألف جندي، بالإضافة إلى قيود صارمة على الأسلحة الثقيلة ومدى أنظمة الصواريخ.

أظهر بوتين اهتماماً متزايداً بأوكرانيا على مدار العقدين الماضيين، إذ تراوحت مخططاته لإخضاع البلاد بين التدخل السياسي إلى التدخل العسكري. في عام 2004، أسفرت مساعيه بشأن تنصيب مرشح مقرب من الكرملين رئيساً لأوكرانيا، عن نتائج عكسية كارثية، وساهمت في إشعال ما أصبح يعرف بـ”الثورة البرتقالية”. وبعد عشر سنوات، رد على ثورة أوكرانية أخرى بالاستيلاء على شبه جزيرة القرم وغزو شرق أوكرانيا.

في السنوات التي أعقبت بدء الغزو الروسي الشامل، قال “المجلس الأطلسي” وهو مركز بحثي: “اتضح تدريجياً أن الغزو المحدود في عام 2014 لم يحقق النتيجة المرجوة المتمثلة في جعل أوكرانيا موالية لروسيا. بل على العكس، لم يُسهم الهجوم الروسي إلا في تعزيز التزام أوكرانيا بالتوجه غرباً والسعي إلى مستقبل مرتبط بأوروبا. وبدلاً من الاعتراف بالعواقب العكسية لحملته العسكرية، اختار بوتين مضاعفة رهانه ومعها المخاطر أكثر فأكثر، وشن أكبر غزو أوروبي منذ الحرب العالمية الثانية”.

ويضيف المجلس في ورقته البحثية على موقعه الإلكتروني، أن الحرب في أوكرانيا “ستحدد مسار حكم بوتين بالكامل، ومصير روسيا ككل. وبينما قد يكون مستعداً لمناقشة وقف استراتيجي للأعمال العدائية إذا ما تم التوصل إلى شروط تُصب في مصلحة موسكو، إلا أنه لن يقبل أبداً بوجود دولة أوكرانية مستقلة تماماً على الحدود الروسية”. 

مكاسب ميدانية

ومع أن بوتين لم يقدم بشكل صريح تصوراً لطموحاته الإقليمية، إلا أنه لا يخفي إيمانه بأن الروس والأوكرانيين شعب واحد، وأن أوكرانيا لا يمكن أن تزدهر إلا في إطار الشراكة مع روسيا. وتحدث الرئيس الروسي في السابق عن رغبته في استعادة السيطرة على “الأراضي التاريخية” لروسيا، دون أن يحددها.

وحتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، كانت روسيا تسيطر بالفعل على قطعتين من أوكرانيا، والتي استولت عليها في الوقت الذي كانت تعيش فيه أوكرانيا على وقع اضطرابات عام 2014. ويتعلق الأمر بشبه جزيرة القرم التي قامت بضمها من جانب واحد، وأجزاء من مقاطعتين في منطقة دونباس الشرقية، حيث نصبت قادة انفصاليين موالين لها.

ومع ذلك، عندما أعلن بوتين عن “العملية العسكرية الخاصة”، أشار إلى أنه لا يرغب في الاستيلاء على مساحة كبيرة من الأراضي، وزعم أن خططه لم تتضمن احتلال “الأراضي الأوكرانية”.

وبعد ثلاث سنوات من الحرب، تسيطر روسيا اليوم على نحو خُمس الأراضي الأوكرانية، وتسعى للاحتفاظ بها بل وتوسيعها. وقد استبعد الكرملين تماماً التنازل عن أي من الأراضي التي استولى عليها. 
 
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف في وقت سابق: “القرم، سيفاستوبول، خيرسون، زابوريجيا، دونيتسك، لوغانسك، هذه مناطق روسية. وهي مُدرجة في الدستور. هذا واقع لا جدال فيه”. 

وفي يونيو 2024، قال بوتين إن روسيا ستوقف الأعمال القتالية فوراً إذا تخلت أوكرانيا عن أربع مناطق في جنوبها الشرقي، التي تحتل القوات الروسية أجزاءً منها، كما يسعى بوتين إلى اعتراف دولي بشرعية ضم روسيا لهذه الأراضي. 
 
وفي المقابل، أكد الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مراراً أن بلاده لن تتنازل عن أي جزء من أراضيها السيادية، لكنه بات يركز مؤخراً على الحصول على ضمانات أمنية أكثر من التركيز على الاستعادة الفورية للأراضي. 

وقال زيلينسكي، السبت الماضي، إن مسألة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا في حربها مع أوكرانيا “معقدة” ويجب مناقشتها بالتفصيل في وقت لاحق.

وخلال الشهر الجاري فقدت كييف ورقة تفاوض ثمينة، عندما خسرت مساحات شاسعة من أراض روسية كانت قد سيطرت عليها.

وفي واحدة من أبرز المعارك في الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات، شقت القوات الأوكرانية طريقها عبر الحدود الغربية لروسيا إلى كورسك في أغسطس الماضي في أكبر هجوم على الأراضي الروسية منذ الغزو النازي في عام 1941.

لكن هجوماً مضاداً خاطفاً شنته روسيا هذا الشهر، أدى إلى تقليص المنطقة الخاضعة للسيطرة الأوكرانية في غرب روسيا إلى حوالي 110 كيلومترات مربعة مقارنة مع أكثر من 1368 كيلومتراً مربعاً سيطرت عليها كييف العام الماضي، وفقاً لخرائط مفتوحة المصدر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *