اخر الاخبار

ماسك بعد انتخاب ترمب.. مساعي حصد المكاسب “محفوفة بالمخاطر”

لم يمد رجل أعمال يد الدعم السخي لحملة الجمهوري دونالد ترمب مثلما فعل الملياردير إيلون ماسك الذي ضخَّ دعماً مالياً وسياسياً ضخماً في سعيه لإعادة الرئيس السابق إلى المكتب البيضاوي.

مع ذلك، لا يستبعد مراقبون أن تكون بعض نتائج هذا الفوز “سلبية” بالنسبة للملياردير الشهير.

وفق لجنة الانتخابات الفيدرالية، قدَّم ماسك ما يقارب 119 مليون دولار للجنة عمل سياسي دعماً لترمب، كما ظهر معه في تجمعات انتخابية، واستضافه في مقابلة حصرية عبر منصته “إكس” للتواصل الاجتماعي. 

وقال دانيال آيفز، المحلل التقني في شركة الخدمات المالية Wedbush Securities: “راهن ماسك هنا بشكل كبير.. لقد انخرط بشكل كبير في هذه الانتخابات”، وفق شبكة CNN.

دونالد ترمب وإيلون ماسك

وأمام توقع المستثمرين، الأربعاء، أن يكون فوز ترمب، فوزاً لداعمه الأبرز إيلون ماسك وشركته تسلا، فقد ارتفعت أسهم الشركة بنسبة 13% مع بداية التداولات، ما زاد من قيمة الـ 411 مليون سهم التي يملكها ماسك في تسلا بأكثر من 13 مليار دولار، وهو ما يعادل عائداً بنسبة تزيد عن 11 ألفاً % على الـ119 مليون دولار التي تبرع بها للرئيس الفائز. 

رغم ذلك، قد تواجه تسلا مخاطر حتى مع فوز ترمب. فقد اعتمد جزء كبير من ثروة ماسك الهائلة على الدعم الحكومي الذي تلقته شركاته، مثل تسلا، وسبيس إكس، على مدار السنوات.

ولو فازت نائبة الرئيس كامالا هاريس، لكان هذا الدعم مستمراً، لكن من المتوقع أن يتم تقليصه، أو إيقاف بعض هذا الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية مع فوز ترمب. 

فوز ترمب وشركة تسلا 

نشر إيلون ماسك عدة تغريدات على منصته “إكس” في وقت متأخر من الثلاثاء الماضي، وفي صباح الأربعاء، للاحتفال بفوز ترمب، إذ كتب في إحداها: “الشعب الأميركي أعطى دونالد ترمب تفويضاً واضحاً للتغيير الليلة”.

وكان ترمب صريحاً في عدائه للسيارات الكهربائية، وقال إنها مكلفة للغاية، وذات مدى محدود، وتدمر الوظائف وصناعة السيارات الأميركية، لكن رغم أن خفض أو إنهاء الدعم الفيدرالي للسيارات الكهربائية قد يبدو ضربة كبيرة لتسلا، إلا أن ذلك قد لا يكون سيئاً بالضرورة للشركة وماسك. 

ومع ذلك، هناك سياسات أخرى قد تمثل مشكلات كبيرة.

وتعهد ترمب بإنهاء ما يسميه “تفويض بايدن للسيارات الكهربائية”، رغم أنه لا يوجد تفويض رسمي من هذا النوع، وليس واضحاً ما يقصده بذلك.

وفي عهد بايدن، حصلت السيارات الكهربائية على دعم حكومي كبير، بما في ذلك مليارات الدولارات كقروض لتشجيع شركات السيارات على بناء مصانع لإنتاج السيارات الكهربائية والبطاريات في الولايات المتحدة، ودعم لمحطات الشحن، وخصم ضريبي بقيمة 7500 دولار لمن يشتري السيارات الكهربائية. 

ويرجح خبراء أن ينهي ترمب هذه البرامج، فقد يوجّه وزارة الخزانة لتعديل القواعد التي تحدد أهلية المشترين للحصول على الخصم الضريبي، مما يقلل بشكل كبير من توفره، أو في حال سيطرة الجمهوريين على الكونجرس، قد يمرر تشريعات لإلغاء الخصم بالكامل.

لكن ماسك أوضح أنه غير قلق من إنهاء الخصم الضريبي، إذ يرى أن تسلا تستفيد من منافسة الشركات التقليدية التي تدخل السوق الكهربائية بسبب هذه الحوافز.

وكتب ماسك على “إكس” في يوليو الماضي: “إلغاء الدعم سيصب في مصلحة تسلا”. 

وبسبب المنافسة المتزايدة، انخفضت مبيعات تسلا العالمية بنسبة 2% في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي، ومع ذلك نجحت الشركة في تحسين مبيعاتها وأرباحها في الربع الثالث، لكن كان هذا أول تراجع في مبيعاتها منذ تأسيسها. 

السيارات ذاتية القيادة

قد يكون الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، أكثر ميلاً لمنح الضوء الأخضر لسيارات ماسك ذاتية القيادة بالكامل، والتي لم يتم إنتاجها بعد، إضافة إلى أسطول من “الروبوتاكسي” التي تعمل بدون سائق.  

ووفقاً لتحليل لشركة  CFRA Research، فإن فوز ترمب قد يسرّع من الموافقات التنظيمية لتقنيات القيادة الذاتية لشركة تسلا، مما دفع الشركة لرفع تقييمها لسهم تسلا من “احتفاظ” إلى “شراء”. 

وتواجه ميزات تسلا الحالية مثل “القيادة الذاتية الكاملة” تحقيقات فيدرالية بسبب حوادث متعددة، مما قد يؤخر الموافقة على السيارات ذاتية القيادة بالكامل، لكن دانيال آيفز، المحلل التقني في شركة الخدمات المالية  Wedbush Securities قال إنه تحت إدارة ترمب قد يتم تقليص هذه التحقيقات تدريجياً. 

ورغم فوز ترمب، من غير المحتمل أن تختفي كل أشكال الدعم الحكومي للسيارات الكهربائية، فمن المتوقع أن يستمر التمويل الحكومي لمصانع السيارات الكهربائية في الولايات الجنوبية.  

تسلا بين ترمب والصين

أشار آيفز إلى أن التحدي الأكبر لتسلا بعد فوز ترمب”، يتمثل في إمكانية اندلاع حرب تجارية جديدة مع الصين، نظراً لأهمية مصنع تسلا في مدينة شنغهاي الصينية لمبيعات الشركة العالمية وأرباحها.  

وقال آيفز: “مع فوز ترمب، فإنه سيكون أكثر صرامة مع الصين، وقد تتفوق السلبيات على الإيجابيات بالنسبة لتسلا، حيث إن أكثر من 40% من عمليات التسليم تأتي من السوق الصينية، وبالتالي قد تجد تسلا نفسها على خط النار”. 

وقد يكون هناك تحدٍ آخر إذا طلب ترمب من ماسك قيادة جهوده لتقليص ما يسمى بـ”الهدر الحكومي”، وهو ما ناقشه الطرفان خلال الحملة الانتخابية.  

وبغض النظر عن نتيجة تلك الجهود، سواء كان لماسك دور رسمي، أو غير رسمي في إدارة ترمب الجديدة، فإن مستثمري تسلا لا يرغبون في رؤية ماسك مشتتاً عن إدارة الشركة في وقت تحتاج فيه تسلا إلى تركيزه الكامل، بحسب آيفز. 

“سبيس إكس” ومنصة “إكس”

من غير المتوقع أن تشهد شركة ماسك الأخرى، “سبيس إكس”، تغييرات كبيرة في علاقتها مع الحكومة الفيدرالية بغض النظر عمّن فاز في الانتخابات، فيما تواجه منافستها الرئيسية، بوينج، مشكلات كبيرة في المركبات الفضائية التي تعاقدت معها وكالة “ناسا” لنقل رواد الفضاء من وإلى محطة الفضاء الدولية، بحسب CNN.

أما ملكية ماسك لمنصة “إكس” فقد تعرضت لانتقادات واسعة، خصوصاً من الديمقراطيين، بسبب اتهامات بنشر معلومات مضللة، ومع ذلك لم يتم إيقاف المنصة أو الحد من نشاطها من قبل الحكومة حتى في عهد الرئيس جو بايدن، ومن غير المرجح أن تتخذ إدارة ترمب الجديدة أي إجراء ضدها، وبالنظر إلى الخسائر المالية منذ شراء ماسك للشركة، أصبحت “إكس” جزءاً صغيراً نسبياً من ثروة ماسك الإجمالية. 

طموحات الفضاء 

إذا التزمت وكالة ناسا بجدولها الحالي، فسيشهد الرئيس الأميركي المنتخب، أول هبوط على القمر منذ حقبة “أبولو”، ويشرف على خطط الوكالة لإرسال رواد الفضاء إلى أعماق النظام الشمسي، بحسب مجلة The Atlantic. 

وكان ماسك قد صرَّح هذا الخريف بأن نائبة الرئيس كامالا هاريس ستقضي على حلم البشر في استكشاف الفضاء إذا فازت بالرئاسة، بينما قال إن ترمب سيحقق حلم “سبيس إكس” في وضع أقدام البشر على المريخ.

وبحسب The Atlantic يبدو أن ترمب يشارك ماسك الحماس تجاه خطط الفضاء، إذ قال في إحدى جولاته الانتخابية: “إيلون، اجعل تلك الصواريخ جاهزة، لأننا نريد الوصول إلى المريخ قبل نهاية فترتي”.

وقد تدفع رئاسة ترمب، الولايات المتحدة نحو عصر جديد من السفر الفضائي، إذ أظهر ترمب اهتماماً كبيراً بهذا المجال عندما أسس “قوة الفضاء” كفرع جديد للجيش الأميركي. 

وحالياً، تعتمد الحكومة الأميركية بالفعل على “سبيس إكس” لنقل روّاد الفضاء، وتوفير الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية للعمليات العسكرية، والمساعدة في تنفيذ خطط العودة إلى القمر.  

ويمكن لإدارة ترمب زيادة هذا الاعتماد، مما يزيد من دور ماسك وتأثيره في الإدارة الأميركية المقبلة.

ولطالما استعانت “ناسا” بالشركات الخاصة لتحقيق طموحاتها الكبرى، ولكن ترمب قد يمنح ماسك، بشكلٍ أساسي، حرية أكبر في تحديد مستقبل الفضاء الأميركي، كما تقول The Atlantic. 

وترى المجلة أن ماسك سيظل يلعب دوراً في مستقبل الفضاء الأميركي، فقد استأجرت “ناسا”، خدمات “سبيس إكس” لتطوير صاروخها الأكبر “ستارشيب” لهبوط رواد الفضاء على سطح القمر.  

ومن المتوقع أيضاً أن تعتمد “ناسا” على هذا الصاروخ لتحقيق حلمها بالوصول إلى المريخ في العقد المقبل.

ومع زيادة وتيرة إطلاق نماذج “ستارشيب” من موقع “سبيس إكس” في تكساس، يسعى ماسك لزيادة عدد الرحلات التجريبية بشكل كبير، لكن بحسب تصريحات ماسك ومسؤولي “سبيس إكس”، فإن إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية تعيق هذه الجهود من خلال فرض شروط صارمة تتعلق بالسلامة.

ويمكن أن يدفع ترمب بإدارة الطيران الفيدرالية، إلى تخفيف هذه القيود، أو حتى منح ماسك نفوذاً رسمياً أو غير رسمي على الوكالة، وقد وعد ترمب بتعيين ماسك في لجنة كفاءة حكومية “مما قد يؤدي إلى تضارب في المصالح ونتائج غير مسبوقة”.

وبدون قيود إدارة الطيران، يمكن لـ “سبيس إكس” إجراء العشرات من رحلات “ستارشيب” خلال السنوات المقبلة، وهو بالضبط ما تحتاجه ناسا لإرسال رواد الفضاء إلى القمر، وما بعده قبل أن تسبقها الدول المنافسة.

وقد أشار المؤرخ الفضائي جون لوجسدون، إلى أن السفر إلى الفضاء أمر يبدو أن الولايات المتحدة لا تستطيع مقاومته. 

ومع ذلك، فإن زيادة الرحلات الفضائية لـ “سبيس إكس” قد تكون محفوفة بالمخاطر، إذ تفيد التقارير بأن معدل إصابات العمال في “سبيس إكس” قد تجاوز المتوسط المعهود في هذه الصناعة. وتقول جهات رقابية إن الشركة “انتهكت قوانين حماية البيئة في موقع إطلاقها بتكساس”.

بالإضافة إلى ذلك، أثارت تقارير تتعلق بمحادثات بين ماسك والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قلقاً في وكالة “ناسا”، والتي طالب رئيسها بإجراء تحقيق في الأمر. 

وتقول The Atlantic، إنه من الواضح أن برنامج الفضاء الأميركي يعتمد على ماسك و”سبيس إكس”، وأن الملياردير الشهير يدرك جيداً هذا النفوذ.

ترمب والجدول F

في مقابلة حديثة، تحدث رائد الأعمال الأميركي، فيفيك راماسوامي، المرشح السابق للرئاسة عن الحزب الجمهوري، مع صحيفة “نيويورك تايمز” حول إمكانية فقدان عشرات الآلاف من موظفي الحكومة لوظائفهم في حال إعادة انتخاب دونالد ترمب.  

ووصف راماسوامي ذلك بـ “التطور الصحي”. وأشار إلى أن هذا قد يحدث من خلال إعادة تنفيذ أمر ترمب التنفيذي “الجدول F”، الذي يسحب الحماية الوظيفية عن بعض الموظفين المدنيين.

وأضاف أنه يجب على ترمب أن يسرح 75% من موظفي الحكومة الفيدرالية “في اليوم الأول”، مع فكرة أنه يمكن إعادة توظيف البعض منهم لاحقاً. 

وكان الحديث حول تجارب ماسك في “إكس” (تويتر سابقاً) له دلالة كبيرة، حيث اعتبر راماسوامي أن تجربة ماسك في تقليص موظفي المنصة تمثل نموذجاً يمكن تطبيقه على الحكومة الفيدرالية، وهو ما يراه كثيرون بمثابة “تصريف المستنقع” الحكومي. 

لكن رغم تصرفات ماسك  في “تويتر سابقاً”- التي يصفها البعض بـ”الفوضوية”- من تقليص شديد في الموظفين، وإعادة هيكلة الشركة، فقد استمر الموقع في العمل رغم الأزمات المالية، ورغم ذلك تعرضت المنصة لأزمة مالية عميقة، وتراجعت الإيرادات بشكل كبير بعد استحواذ ماسك عليها.

ترمب وراماسوامي يبدوان غير مكترثين بمخاوف الوضع المالي، إذ أن الأهم بالنسبة لهما هو كيفية تحويل الحكومة إلى أداة خدمية لحركة MAGA “اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى”، حيث تمثل حكومة ترمب المقترحة، من خلال “مشروع 2025″، خطة لإعادة هيكلة الحكومة الفيدرالية، تقليص إدارات ووكالات معينة، وتقليص الميزانية، واستبدال الموظفين الفيدراليين بتعيينات سياسية، بحسب The Atlantic. 

وتقول المجلة، إن هذه الأفكار تأتي في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة حركة سياسية محافظة تدعو إلى تقليص حجم الحكومة وفرض قيود على الوكالات الفيدرالية.

ولكن مع ذلك، فهناك مخاوف حقيقية من أن التوجهات المتبعة، مثل ما حدث في “إكس”، قد تؤدي إلى نتائج سلبية بالنسبة للإدارة الفيدرالية، وتؤثر على استجابة الحكومة للكوارث، وزيادة احتمال الفساد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *