ماسك يخرج عن سياسة ترمب الجمركية في أبرز خلاف علني

وجه الملياردير الأميركي إيلون ماسك، نداءً مباشراً إلى الرئيس دونالد ترمب لإلغاء التعريفات الجمركية الجديدة، وذلك بعدما انتقد علناً على منصة (إكس)، مستشار ترمب للتجارة، والذي ينظر إليه على أنه مهندس سياسة التعريفات الجمركية، وسط صدمة بين رجال الأعمال المؤيدين لترمب، من فرض رسوم “مرتفعة للغاية”، وفشلهم في التأثير على قرارات ترمب، وفق ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست”.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، وبينما أطلق ماسك سلسلة من المنشورات التي انتقد فيها بيتر نافارو مستشار ترمب للتجارة علناً، وشكك في مؤهلاته الأكاديمية، بسبب “خطة الرسوم الجمركية العدوانية”، تجاوز ماسك نافارو الأحد، ليوجه نداءً شخصياً مباشراً لترمب، لإعادة النظر في هذه التعريفات.
وأكد شخصان مطلعان لـ”واشنطن بوست”، محاولة ماسك للتدخل، إلا أنهما قالا إن هذه المحاولة “لم تحقق نجاحاً حتى الآن”.
وهدّد ترمب الاثنين، بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 50%، على الواردات القادمة من الصين، بالإضافة إلى الرسوم التي فرضها بنسبة 34% في 2 أبريل، رغم إشارته إلى الانفتاح على التفاوض.
ونشر ماسك مقطع فيديو على منصة “إكس” يظهر فيه الاقتصادي المحافظ الراحل ميلتون فريدمان، وهو يُشيد بفوائد التعاون في التجارة الدولية، موضحاً مصادر المواد التي تدخل في صناعة قلم رصاص خشبي بسيط.
أبرز خلاف علني
ويعد خلاف ماسك مع ترمب بشأن الرسوم الجمركية، وهي أحد أهم أولويات الإدارة، أبرز خلاف علني بين الرئيس وأحد مستشاريه المؤثرين، الذي أنفق ما يقارب 290 مليون دولار دعماً لترامب والجمهوريين في انتخابات العام الماضي، ويقود منذ يناير جهود تقليص النفقات في لجنة الكفاءة الحكومية.
وسبق لماسك أن اختلف مع أعضاء آخرين في إدارة ترمب بشأن قضايا مثل تأشيرات H1-B للعمال المهرة ونهج لجنة الكفاءة الحكومية، بشأن تقليص الإنفاق الحكومي.
ووجه ماسك السبت، انتقادات إلى مستشار التجارة في البيت الأبيض، بيتر نافارو الذي لعب دوراً رئيسياً في صياغة خطط الرسوم الجمركية، مهاجماً مؤهلاته الأكاديمية.
وكتب ماسك: “الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة هارفارد ليست ميزة، بل عيباً”. ولم يرد نافارو على طلب للتعليق.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت في بيان: “لقد شكّل الرئيس فريقاً رائعاً من الأفراد الموهوبين وذوي الخبرة العالية الذين يجلبون أفكاراً متنوعة إلى الطاولة، مع العلم أن الرئيس ترمب هو صاحب القرار النهائي. وعندما يتخذ قراراً، يعمل الجميع في نفس الاتجاه لتنفيذه. ولهذا السبب حققت هذه الإدارة في شهرين ما لم تحققه الإدارة السابقة في أربع سنوات”.
ماسك يطالب بـ”تجارة حرة مع أوروبا”
وفي مقابلة مع نائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني الأسبوع الماضي، قال ماسك إنه يودّ رؤية “منطقة تجارة حرة” بين أوروبا والولايات المتحدة: “في نهاية المطاف، آمل أن يتم الاتفاق على أن أوروبا والولايات المتحدة يجب أن تتحركا، من وجهة نظري، نحو وضع خالٍ من الرسوم الجمركية”.
كما أضاف ماسك أنه يرغب في مزيد من حرية التنقل للأشخاص بين أوروبا والولايات المتحدة، والعمل في أي منهما “إذا رغبوا في ذلك”.
وأضاف: “لقد كان هذا بالتأكيد رأيي الذي نصحت به الرئيس”.
ويُعتبر ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية، من المناهضين للرسوم الجمركية منذ فترة طويلة، إذ يرى أنها تُعيق أهداف شركته التجارية التي تعتمد على كل من الولايات المتحدة والصين كمراكز رئيسية للتصنيع والاستهلاك. ومع ذلك، فإن محللين يرون أن شركات تصنيع السيارات الأخرى ستتضرر أكثر من تسلا بفعل الرسوم الجديدة.
ويعارض ماسك فرض رسوم جمركية منذ الولاية الأولى لترمب، عندما رفعت تسلا دعوى قضائية تسعى إلى إلغاء الضرائب المفروضة على وارداتها من الصين إلى الولايات المتحدة.
وفي عام 2020، أراد كبار التنفيذيين في تسلا مقاضاة إدارة ترمب بسبب رسومها الجمركية على الصين. ووافق ماسك في البداية، معتبراً أن بعض جوانب الحزمة التي فرضها ترمب كانت غير عادلة تجاه الشركة.
لكن بعد أن رفعت تسلا الدعوى القضائية في سبتمبر 2020، عبّر ماسك عن رد فعل سلبي للغاية، حتى أنه وبّخ بعض الموظفين لاقتراحهم رفع الدعوى، وفقاً لأحد المطلعين على الأمر، وذلك بعد منشورات من حسابات يمينية على “تويتر” حينها، قالت إن ماسك يحاول التقرّب من الصين، ويعارض سياسة “أميركا أولاً”.
صدمة بين رواد الأعمال المؤيدين لترمب
ووفقاً للمصدرين المطلعين، فإن العديد من قادة الأعمال والتكنولوجيا الذين دعموا حملة ترمب الانتخابية أصيبوا بصدمة إزاء قراره المضي قدماً في فرض رسوم مرتفعة إلى هذا الحد، وشعروا بخيبة أمل مماثلة؛ لأنهم لم يتمكنوا من التأثير في السياسة بدرجة أكبر.
وأشار المصدران إلى أن أشخاصاً مقربين من ماسك قدّموا نداءات مباشرة إلى أصدقاء لهم في إدارة ترمب، بما في ذلك نائب الرئيس جي دي فانس وماسك نفسه، دفاعاً عن ما اعتبروه “سياسات تجارة حرة أكثر منطقية”.
وقال رجل الأعمال جو لونسديل، المقرب من ماسك، على منصة “إكس” إنه أبلغ “أصدقاء في الإدارة” خلال الأيام الأخيرة أن الرسوم الجمركية ستضر بالشركات الأميركية أكثر من نظيراتها الصينية. ورفض لونسديل التعليق خارج إطار ما نشره.
وأفاد أحد المصدرين أن مجموعة من قادة الأعمال عملوا خلال عطلة نهاية الأسبوع على تشكيل مجموعة غير رسمية للضغط على أعضاء إدارة ترمب لاعتماد سياسات أكثر اعتدالاً.
ودعم العديد من رجال الأعمال ترمب العام الماضي، رغم إدراكهم أن الرسوم الجمركية المرتفعة التي وعد بها منذ فترة طويلة قد تكون مدمّرة لصناعة التكنولوجيا والاقتصاد بشكل عام، لكنهم اعتقدوا أن بإمكان مستشارين مثل وزير الخزانة سكوت بيسينت التأثير عليه لتبني نهج أكثر ليونة.
وقالت “واشنطن بوست”، إن رجال الأعمال لم يتوقعوا أن يكون وزير التجارة هوارد لوتنيك، الذي كان أحد القنوات الرئيسية التي أوصلت ماسك إلى داخل دائرة ترمب، مدافعاً قوياً عن السياسات الحمائية.
تقارير عن مغادرة ماسك
ويأتي هذا الخلاف بين الرئيس وأحد أكثر مستشاريه نفوذاً قبل أسابيع فقط من مغادرة ماسك المتوقعة لمنصبه داخل الإدارة الأميركية، كما يأتي وسط ضغوط متزايدة على تسلا لعكس مؤشرات انخفاض الطلب، والتي تعود جزئياً إلى دخول ماسك عالم السياسة.
وقال دان آيفز، المحلل في شركة Wedbush Securities والداعم المتحمس لتسلا، والذي خفّض السعر المستهدف لسهم تسلا من 550 دولاراً إلى 315 دولاراً “ليعكس هذه التقديرات الجديدة لانخفاض الطلب”.
وتابع: “رد فعل الصين على الرسوم الجمركية التي يفرضها ترمب، واقتران ماسك بالإدارة، سيكون له أثر لا يمكن التقليل منه”.
وأضاف: “تسلا أصبحت فعلياً رمزاً سياسياً على مستوى العالم… وهذا أمر سيئ للغاية لمستقبل هذه الشركة الرائدة، والتي تمر الآن بعاصفة أزمة هوية تحوّلت إلى إعصار من الفئة الخامسة”.
وأغلق سهم تسلا الاثنين عند 233.29 دولاراً، منخفضاً بأكثر من 2.5٪. وحتى الآن هذا العام، فقد السهم أكثر من 38% من قيمته.
لهجة تصالحية مع الرسوم
وأبدى ماسك لهجة أكثر تصالحية الاثنين، حيث أشار إلى سلسلة تغريدات من الحساب الرسمي للممثل التجاري الأميركي تبرز ما وصفته بالممارسات التجارية غير العادلة التي تؤثر على المُصدّرين الأميركيين، في ضوء رسوم ترمب. وعلق ماسك قائلًا: “نقاط جيدة”.
كما أطلق كيمبال ماسك، شقيق ماسك وعضو مجلس إدارة تسلا، انتقادات حادة للرئيس بسبب سياسات الرسوم الجمركية.
وكتب على منصة “إكس”: “من كان يظن أن ترمب سيكون في الواقع الرئيس الأميركي الأعلى فرضاً للضرائب في الأجيال الأخيرة؟ من خلال استراتيجيته الجمركية، فرض ترمب ضريبة هيكلية دائمة على المستهلك الأميركي”.
وجاءت هذه التصريحات بعد أقل من شهر من شكر كيمبال ماسك، لترمب على استضافته فعالية تضمنت سيارات في حديقة البيت الأبيض.