رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتبار اعتراضه على المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، أو دعوته لإقامة دولة فلسطينية “معاداة للسامية”، أو “تُعرّض حياة اليهود الفرنسيين للخطر”، وذلك عقب إعلان بريطانيا، وكندا، وأستراليا، الاعتراف بدولة فلسطين.
وقال ماكرون في مقابلة على قناة CBS الأميركية، الأحد، إن “اختلافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لا يجعلني معادياً للسامية، كما لا يعني أنه لا يُسمح لك بالاختلاف مع حكومة إسرائيل”.
واتهم نتنياهو، ماكرون بتأجيج معاداة السامية، بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي أن بلاده ستعترف بالدولة الفلسطينية، الاثنين المقبل، في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعقد في نيويورك.
وتعترف 147 دولة عضواً في الأمم المتحدة، بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، إلا أن قرار القوى الغربية، بما فيها فرنسا والمملكة المتحدة، العضوان في مجلس الأمن الدولي يحمل دلالة رمزية، كما أنه مؤشر على تزايد عزلة الحكومة الإسرائيلية الحالية التي رفضت إنهاء الحرب الدائرة منذ قرابة عامين على غزة.
السلطة الفلسطينية
ويرى ماكرون أن الفشل في القضاء على “حماس” بالقوة العسكرية، دليل على ضرورة دعم حكومة بديلة في شكل السلطة الفلسطينية، واعتبر الرئيس الفرنسي أن “الحركة لا تزال قادرة على تجنيد المزيد من المقاتلين رغم اغتيال إسرائيل لقياداتها العليا”.
وقال ماكرون إن “الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هو السبيل الوحيد لإيجاد حل سياسي لوضع يجب أن يتوقف”.
وأضاف أنه يجب وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج عن المحتجزين وإدخال المساعدات، مؤكداً ضرورة تحقيق “هذه الشروط” كي تفتح فرنسا سفارة لها في فلسطين.
واعتبر ماكرون أنه من غير اللائق أن يتهمه تشارلز كوشنر، السفير الأميركي في فرنسا ووالد صهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، علناً باتخاذ إجراءات غير كافية لمكافحة معاداة السامية، وربط مواقف السياسة الخارجية الفرنسية بحوادث عنف محلية ضد اليهود في فرنسا.
وفي رسالة موجهة إلى ماكرون نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” في أغسطس الماضي، كتب كوشنر أنه يشعر “بقلق عميق إزاء الارتفاع الدراماتيكي لمعاداة السامية في فرنسا، وعدم اتخاذ حكومتكم إجراءات كافية لمواجهتها”.
وكتب نتنياهو في تغريدة: “التصريحات العامة التي تنتقد إسرائيل والإشارات نحو الاعتراف بدولة فلسطينية تشجع المتطرفين وتغذي العنف، وتعرض حياة اليهود في فرنسا للخطر”، مطالباً ماكرون بـ”تطبيق قوانين جرائم الكراهية دون استثناء؛ وضمان سلامة المدارس والمعابد اليهودية والشركات التجارية اليهودية، وملاحقة الجناة إلى أقصى حد؛ والتخلي عن الخطوات التي تمنح الشرعية لحماس وحلفائها”، على حد تعبيره.
ووصف الرئيس الفرنسي انتقادات كوشنر بأنها “خطأ”، و”تصريح غير مقبول لشخص من المفترض أن يكون دبلوماسياً”، مضيفاً: “هذا أمر غير مقبول”.
وقال ماكرون إنه “لن يُسمح أبداً للسفير الفرنسي بالإدلاء بتصريحات علنية مماثلة حول دولة أخرى؛ لأن ذلك من شأنه أن يعرض الدبلوماسية مع تلك الدول للخطر”.
وأضاف: “إما أن تكون شخصاً يُريد التعبير بحرية، أو أن تكون دبلوماسياً، فعليك اتباع قواعد الدبلوماسية.. أموال دافعي الضرائب الأميركيين لا تُستخدم بشكل صحيح لتمويل هذا النوع من التصريحات”.
واستدعت وزارة الخارجية الفرنسية السفير الأميركي، الشهر الماضي، لتقديم توبيخ رسمي، وقالت إن ادعاءات كوشنر “تتعارض مع القانون الدولي”، مشيرةً إلى “الالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المنصوص عليه في اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961”.
انتقادات لحكومة نتنياهو
وذكر ماكرون بأن الأشخاص الذين ينتقدون دولة إسرائيل، وحكومتها قد يكون دافعهم في بعض الأحيان هو “الكراهية لليهود”، لكنه رفض فكرة أن أي من انتقاداته لسياسات حكومة نتنياهو معاداة للسامية بطبيعتها، وقال: “لقد كنت أول رئيس في فرنسا يتبنى تعريف لمعاداة السامية، يشمل معاداة الصهيونية”.
ويضع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فرنسا، في صراع مباشر مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي منعت أعضاء السلطة الفلسطينية من الحصول على تأشيرات لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة.