ماكرون من العريش: غزة مأساة إنسانية ليست مشروعاً عقارياً

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، إن ما يحدث في غزة يجب أن يُنظر إليه بوصفه مأساة إنسانية عميقة، وليس مجرد “مشروع عقاري”.
وخلال زيارته إلى مدينة العريش بشمال سيناء، قرب الحدود مع قطاع غزة، إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أعلن ماكرون أن “أولوية الأولويات هي عودة المساعدات” إلى القطاع.
واعتبر ماكرون في تصريحات صحافية، أن “مصير مليوني شخص محاصرين منذ أشهر وسط الحرب المستمرة”، و”عشرات الآلاف من الأشخاص الذين فقدوا حياتهم، وعشرات آلاف الأطفال من دون عائلات، هو ما يجب الحديث عنه بشأن غزة، وليس مجرد مشروع عقاري”.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قدم مشروعاً لتحويل قطاع غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، ولكن اقتراحه عارضته الدول العربية، والتي قدمت مشروعاً آخر لتطوير القطاع دون تهجير سكانه، وهو المقترح الذي يدعمه ماكرون.
وأشار الرئيس الفرنسي في تصريحاته إلى النساء والأطفال الذين شهدوا مأساة الحرب في غزة، متسائلاً: “كيف سيعيش ويكبر هؤلاء الأطفال الذين شهدوا كل هذا الدمار والقصف والمآسي؟”.
وشدد ماكرون على أنه لا يمكن اختصار الحديث عن غزة في “مشاريع عقارية”، مضيفاً: “لا يمكن محو التاريخ والجغرافيا.. هناك أطفال صغار فقدوا كل شيء من أجل البقاء في غزة”.
وتابع: “لقد تحدثنا مع نساء وأطفال شهدوا هذه المأساة، لا أعلم كيف سيعيش هؤلاء الأطفال”.
أسبوعان أمام غزة قبل نفاد مقومات الحياة
وأكد ماكرون أن الوضع الإنساني في غزة بلغ منعطفاً خطيراً للغاية، مشيراً إلى أن “غزة تقف على بعد أسبوعين فقط من نفاد كل المقومات الأساسية للحياة، من ماء وغذاء”.
وأضاف ماكرون: “يجب ألا تستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح حرب، لأن ما نشهده من منع كامل لدخول المساعدات إلى غزة لم يحدث من قبل”.
واستأنفت إسرائيل حربها على غزة في 18 مارس الماضي بعد هدنة استمرت شهرين، كما قامت منذ 2 مارس بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
وقال ماكرون: “الوضع الحالي لا يُحتمل، ولم يكن بهذه الخطورة من قبل”، داعياً إلى “استئناف المساعدات الإنسانية بأسرع وقت ممكن”، واصفاً ذلك بأنه “أولوية الأولويات”.
كما أشار إلى أن أغلبية المنشآت الطبية في غزة دُمّرت بالكامل، ما يزيد من خطورة الوضع.
وأدان ماكرون “بشدة” الهجمات التي تستهدف العاملين الإنسانيين والمسعفين في غزة، وذلك بعد أسبوعين من اغتيال قوات إسرائيلية لمسعفين فلسطيين في القطاع.
وقال: “ندين طبعاً وبشدة هذه الهجمات، ويجب إلقاء الضوء لكشف الحقيقة كما ينبغي”، مضيفاً أن “هناك قواعد في هذا العالم ويجب احترامها”.
وقدّم تعازيه وتعازي الشعب الفرنسي لعائلات الضحايا، داعياً إلى إجراء تحقيق شفاف وشامل في الحادث.
وفي 23 مارس، قتلت قوات إسرائيلية 15 مسعفاً فلسطينياً في مدينة رفح، على بُعد 50 كيلومتراً من العريش التي زارها ماكرون.
وأثار الحادث غضباً دولياً، واتهامات لإسرائيل بتزييف الحقائق، بعدما زعمت في تقاريرها الأولية أنهم مقاتلين.
وأكد ماكرون أن “حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني وضمان وصول كامل للمساعدات الإنسانية، هي التزامات تفرضها القوانين الدولية، ويجب احترامها”.
هدنة 40 أو 50 يوماً في غزة
وحول جهود التهدئة، قال ماكرون: “طلبنا رسمياً (مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني) خلال اتصال جماعي مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، العودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم تعليقه في مارس الماضي”، مشيراً إلى أنهم اقترحوا “هدنة لمدة 40 إلى 50 يوماً، تشمل إطلاق سراح المحتجزين، وبدء محادثات سياسية حول مستقبل غزة بعد الحرب”.
وأضاف أن أي حل مستقبلي يجب أن يشمل “نزع سلاح حماس، وتقدماً في محادثات تتعلق بإدارة السلطة الفلسطينية للقطاع، إلى جانب بدء مفاوضات تهدف إلى حل سلمي دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
وشدد ماكرون على “الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني، من أجل إقامة دولتهم”، وأيضاً على “حق الإسرائيليين بدولتهم واعتراف جيرانهم بها، والعيش في سلام”، معتبراً أن “اختلال أحد الخيارين، سيضعف المنطقة بالكامل”.