أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، التزام 26 دولة بالمشاركة في “قوة طمأنة” بأوكرانيا سواء براً أو بحراً أو جواً، مشيراً إلى أنه سيتم الانتهاء من مسألة الدعم الأميركي للضمانات الأمنية خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط مطالب للرئيس دونالد ترمب بضرورة وقف أوروبا شراء النفط الروسي.

وأجرى ترمب في وقت سابق الخميس، اتصالاً هاتفياً مع القادة الأوروبيين بشأن أوكرانيا، بعد اجتماع لـ”تحالف الراغبين” بقيادة فرنسا وبريطانيا في باريس، لبحث نشر قوة أوروبية في أوكرانيا عقب انتهاء الحرب، كجزء من الضمانات الأمنية التي ستحصل عليها كييف.

وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي عقب الاجتماع: “أجرينا اتصالاً مع الرئيس ترمب.. والاستنتاجات منه بسيطة: خلال الأيام المقبلة، سنحسم شكل الدعم الأميركي والضمانات الأمنية. الولايات المتحدة، كما قلت، كانت منخرطة في كل مرحلة من هذه العملية”.

وهدد الرئيس الفرنسي روسيا بفرض عقوبات جديدة بـ”التنسيق” مع الولايات المتحدة، في حال “استمرت برفض محادثات السلام”.

ولفت ماكرون إلى أن “لدينا اليوم 26 دولة التزمت رسمياً بنشر قوات في أوكرانيا كقوة طمأنة، أو بالتواجد براً وبحراً وجواً لتقديم دعم إضافي لأوكرانيا”.

وشدد على أن “هذه القوة لا تسعى إلى خوض أي حرب ضد روسيا، بل لضمان السلام في المنطقة”، موضحاً أن “الولايات المتحدة كانت واضحة بشأن رغبتها في المشاركة في مسألة الضمانات الأمنية”.

وأشار ماكرون إلى أن الولايات المتحدة “شاركت في جميع الأعمال خلال الأسابيع القليلة الماضية (مما يؤكد) دعمها واستعدادها للمشاركة في الضمانات الأمنية، لذلك لا يوجد شك في هذا الأمر”.

وأضاف: “قيل ذلك من قبل، بما في ذلك علناً على لسان الرئيس ترمب.. الآن سيتم الانتهاء من الأمور المتعلقة بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة”.

الضمانات الأمنية

من جهته ذكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال المؤتمر الصحافي، إن كييف وحلفاءها توصلوا إلى تفاهم بشأن إطار عمل عام يتعلق بالضمانات الأمنية. وأوضح أن الوثائق الخاصة بهذه الضمانات يجري إعدادها حالياً في كل دولة من الدول التي وافقت على المساهمة في هذا الإطار.

واعتبر أن “وجود جيش أوكراني قوي سيكون محورياً في أي التزامات من هذا القبيل”، حاثاً “شركات الدفاع الأوروبية على تعزيز الإنتاج بكامل طاقتها”.

وشدد الرئيس الأوكراني على أهمية أن تشارك الولايات المتحدة في مسألة الضمانات الأمنية لأوكرانيا، لافتةً إلى أن بحث خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي ضرورة “الضغط على روسيا”.

وعن دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لعقد اجتماع في العاصمة موسكو، قال زيلينسكي، إن “فكرة زيارته لموسكو تُظهر أن روسيا لا تريد عقد اجتماع”، وأن “الجميع متفقون على أن موسكو ترفض أي مبادرة سلام”.

من جهته، وصف رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، اجتماع “تحالف الراغبين” بـ”المهم”، وقال: “نعمل على توحيد الجهود لتعزيز الضمانات الأمنية لأوكرانيا عبر الجو والبحر والبر، ومن خلال إعادة بناء قواتها”.

وأكد كوستا في منشور على منصة “إكس”، أن “التحالف ليس راغباً فقط، بل قادر أيضاً على التنفيذ”، مضيفاً أن “العمل مستمر للضغط على روسيا عبر فرض مزيد من العقوبات”، مشدداً على “ضرورة أن توقف روسيا القتل فوراً”.

وقف شراء النفط الروسي

وخلال الاجتماع، دعا الرئيس الأميركي القادة الأوروبيين، إلى أن تتوقف بلدانهم عن شراء النفط الروسي الذي يساعد موسكو في تمويل حربها ضد أوكرانيا، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز” عن مسؤول في البيت الأبيض.

وقال المسؤول: “دعا الرئيس ماكرون والقادة الأوروبيون الرئيس ترمب إلى اجتماع تحالف الراغبين. وأكد الرئيس ترمب ضرورة توقف أوروبا عن شراء النفط الروسي الذي يمول الحرب، إذ حصلت روسيا على 1.1 مليار يورو من مبيعات الوقود من الاتحاد الأوروبي في عام واحد”.

وأضاف: “شدد الرئيس أيضاً على ضرورة أن يفرض القادة الأوروبيين ضغطاً اقتصادياً على الصين، بسبب تمويلها للمجهود الحربي الروسي”.

وكانت المفوضية الأوروبية اقترحت تشريعاً لإنهاء واردات الاتحاد الأوروبي من النفط والغاز الروسيين في بداية عام 2028، وذلك في إطار مساعي بروكسل لقطع علاقات الطاقة الممتدة منذ عقود مع موسكو عقب غزوها لأوكرانيا عام 2022.

ويشعر ترمب بالإحباط من عدم قدرته حتى الآن لوقف القتال في أوكرانيا بعدما كان قد توقع في البداية أنه سيتمكن من إنهاء الحرب سريعاً عند توليه منصبه في يناير الماضي.

وأشار المسؤول الأميركي إلى أن “اجتماع تحالف الراغبين كان لبحث مسألة الضمانات الأمنية لأوكرانيا. وقد شكك الرئيس ترمب في جدية هذه الضمانات فيما هم يواصلون تمويل اقتصاد روسيا وحربها. وأكد الرئيس بوضوح أن هذه ليست حربه، وأن على الأوروبيين أن يتحملوا المسؤولية أيضاً”.

“شبكة أمان”

وجمعت قمة “تحالف الراغبين” في باريس قرابة 30 زعيماً غربياً من أوروبا وأستراليا واليابان وكندا، في حين اختارت بعض الدول المجاورة المشاركة عبر رابط فيديو.

ويجري أعضاء التحالف، الذي لا يضم الولايات المتحدة، منذ أشهر وعلى مستويات مختلفة محادثات لتحديد دعمهم العسكري المحتمل لأوكرانيا، والذي يمكن أن يساعد في ردع روسيا عن مهاجمتها مجدداً في حال إبرام هدنة نهائية، وهو أمر لا يزال بعيد المنال في الوقت الراهن.

لكن تلك الجهود تواجه صعوبات، إذ ترى حكومات، أن أي دور عسكري أوروبي يتطلب ضمانات أمنية أميركية خاصة “كشبكة أمان”. ولم يقدم ترمب أي التزام صريح بتوفير مثل هذه الضمانات.

وقال دبلوماسيان لوكالة “رويترز”، إن مبعوث ترمب الخاص ستيف ويتكوف التقى عدداً من كبار المسؤولين الأوروبيين في باريس صباح الخميس.

وقال الرئيس الفرنسي إلى جانب زيلينسكي في باريس، الأربعاء، إن زعماء التحالف سيؤيدون الخطط الخاصة بالضمانات الأمنية التي أعدتها جيوشهم.

وذكر مسؤولان أوروبيان، أن الخطط “الفنية” اكتملت، دون الخوض في تفاصيل ما يعنيه ذلك فعلياً.

وقال ماكرون: “نحن الأوروبيون مستعدون لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا عندما يتم توقيع اتفاق سلام”، مضيفاً أن الأمر يتعلق الآن برؤية مدى صدق روسيا.

واعتبر المسؤولان الأوروبيان، أن الهدف هو إرسال إشارة سياسية إلى ترمب.

شاركها.