اخر الاخبار

ما أسباب عملية “ردع العدوان” في الشمال السوري

بعد ركود في المنطقة الخاضعة لتفاهمات منذ سنوات، يعود زخم المعارك في الشمال السوري إلى الواجهة اليوم، عقب سيطرة فصائل المعارضة على مناطق في ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي.

تلك المنطقة التي تقع ضمن إطار الاتفاقات الدولية بين روسيا وإيران وتركيا، جاءت فصائل المعارضة لتحرك حدود خرائط السيطرة الثابتة فيها منذ سنوات.

وأعلنت فصائل المعارضة، في 27 من تشرين الثاني الحالي، إطلاق عملية “ردع العدوان” التي قالت إنها رد على قصف النظام السوري لمناطق في شمال غربي سوريا، ولعودة النازحين إلى بلداتهم وقراهم التي هجروا منها.

وسيطرت الفصائل، حتى لحظة تحرير التقرير، على أكثر من 40 منطقة ونقطة عسكرية غربي حلب وفي جنوب شرقي إدلب، وقالت إنها استحوذت على آليات وأسرت عناصر من جيش النظام.

كما اقتربت الفصائل من مدينة حلب شمالي سوريا، وتبعد بعض النقاط التي سيطرت عليها مؤخرًا نحو كيلومترين عن أبواب المدينة.

وبعد سيطرتها على بلدات مثل الزربة ونقاط عالم السحر وإيكاردا، تكون الفصائل قد قطعت الطريق الدولي حلب- دمشق، المعروف بـ”M5″.

وأصبحت بعض المناطق الجديدة الواقعة تحت سيطرة النظام ضمن مرمى قذائف الفصائل كمبنى الشرطة العسكرية قرب خان العسل.

كما أعلنت “إدارة العمليات العسكرية”، وهي المسمى الذي يضم الفصائل ضمن عملية “ردع العدوان”، عن استهداف مطار “النيرب” العسكري بطائرات مسيّرة.

ولم تعرف الفصائل المشاركة في العملية رسميًا حتى الآن، لكن المنطقة تخضع لنفوذ “هيئة تحرير الشام” الفصيل الأكبر ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين”.

وبحسب الباحث العسكري بمركز “حرمون للدراسات” نوار شعبان، تشارك في العملية فصائل من “الجيش الوطني” أبرزها “الجبهة الشامية” التي توجد باعزاز والباب.

كما يشارك فصيل “الزنكي” الذي ينحدر الكثير من مقاتليه من منطقة ريف حلب الغربي، وفق ما ذكره شعبان.

وتواصلت مع المكتب الإعلامي لـ”الجبهة الشامية” للاستفسار عن ماهية مشاركتها في العملية، لكنها امتنعت التصريح.

وذكرت مصادر عسكرية مطلعة على سير العملية ل، أن أوامر من قيادة المعركة صدرت بعدم التصريح لوسائل الإعلام، وحصرها بغرفة “إدارة العمليات العسكرية”.

القائد العسكري ضمن “إدارة العمليات العسكرية” الذي أعلن انطلاق العملية المقدم حسن عبد الغني، قال ل، إن عملية “ردع العدوان” تشارك فيها “معظم الفصائل الثورية” دون أن يحددها.

وأضاف عبد الغني أن مشاركة الفصائل هي بمثابة “استحقاق ثوري وواجب مرحلي لتأمين المنطقة ورد العدوان وإيجاد بيئة آمنة لعودة المهجرين قسرًا إلى مناطقهم”.

ما السبب

وفق ما ذكر الباحث نوار شعبان، يرجع قرار الفصائل بفتح جبهة مع النظام إلى سببين، الأول هو تكثيف النظام السوري والطيران الحربي الروسي من ضرباته على مناطق يسكنها مدنيون في ريف حلب الغربي وإدلب.

وكانت “إدارة العمليات العسكرية” ذكرت أن سبب معاركها التي تجري الآن هو الرد على قصف النظام وإعادة المهجرين إلى مناطقهم.

وأما السبب الثاني، بحسب شعبان، فهو لاستغلال فصائل المعارضة الفراغ الذي شكّله النظام بتلك المناطق، بعد سحب عناصره والميليشيات التي تقاتل إلى جانبه إلى مدينة القصير التابعة لحمص وسط سوريا.

بعد إشاعات

خلال الشهرين الماضيين، انتشرت أنباء بين سكان الشمال السوري، وعلى غرف “تلجرام” موالية للفصائل المعارضة، تتحدث عن عمل عسكري محتمل في المنطقة.

ولم يصدر حينها تصريح من هذه الفصائل المعنية حول هذه الإشاعات، كما أن “هيئة تحرير الشام” و”الجبهة الشامية” لم تعلق على أسئلة بشأن تلك الإشاعات.

في المقابل، تحدثت وسائل إعلام غير رسمية ومعرفات تنشر تحركات النظام، عن حشود له على جبهات إدلب وريف حلب الغربي، ردًا على العمل العسكري المحتمل.

الباحث بمركز “حرمون” نوار شعبان قال إن حشود النظام هي للترويج على أنه قادر على صد هجمات المعارضة، لكنه في الحقيقة غير قادر على ذلك.

في مناطق “خفض التصعيد”

تخضع المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في إدلب وريف حلب وأجزاء من حماة واللاذقية لاتفاقيات “خفض التصعيد”.

هذه الاتفاقيات رسمت حدود السيطرة بعد معارك لقوات النظام السوري استحوذت فيها على مناطق في ريف إدلب، ومنها معرة النعمان وخان شيخون وسراقب في إدلب، أواخر 2019 وبداية 2020.

وفي عام 2020، وقعت تركيا مع روسيا اتفاقية لـ”خفض التصعيد” تقضي بإيقاف العمليات العسكرية في المنطقة، وتزامن ذلك مع نشر نقاط للجيش التركي لمراقبة الاتفاقية.

ومنذ ذلك الحين، توقفت وتيرة المعارك بالمنطقة، باستثناء بعض الخروقات من الطرفين، إلا أن النظام بمساندة حليفه الروسي كثف من ضرباته على مناطق تضم مدنيين في الشهرين الماضيين.

وكانت ذروة هذه الخروقات خلال هذا العام في تشرين الأول الماضي، إذ شنت الطائرات الروسية أكثر من 25 غارة جوية على مناطق في أرياف حلب وإدلب واللاذقية.

أين تركيا من العملية

نقل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، الخميس، عن مصدر أمني تركي قوله، إن تركيا حاولت منع الفصائل من شن هجومها على النظام.

المنع بحسب “ميدل إيست آي” كان لتجنب المزيد من التصعيد في التوترات في المنطقة.

وأضاف المصدر الأمني التركي للموقع البريطاني، أن فصائل المعارضة تهدف إلى استعادة حدود مناطق “خفض التصعيد” التي اتفق عليها عام 2019، بين تركيا وإيران وروسيا.

“ردع العدوان” تهدف لاستعادة حدود “خفض التصعيد”

ويعتقد الباحث السياسي نادر الخليل، أن المعارك التي أطلقتها فصائل المعارضة جاءت “بضوء أخضر تركي”، كرد فعل على تبدل الأولويات الروسية.

وأوضح الخليل، أن روسيا تراجع اهتمامها بمسار التطبيع بين تركيا والنظام السوري، إذ تراهن موسكو على صفقة ما مع ترامب بعد وصوله إلى البيت الأبيض.

وأضاف الباحث السياسي أن موسكو قررت تجميد وساطتها بين أردوغان والأسد، وصارت لهجتها أقوى حيال الوجود التركي العسكري في سوريا.

في المقابل، يرى الخليل أن تركيا تراهن على مكاسب من وصول ترامب للبيت الأبيض، وتأمل بملء فراغ انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، إذا أراد ترامب ذلك.

وأطلق المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرانتييف تصريحات منتصف الشهر الحالي، أغضبت الأوساط السياسية غير الرسمية في تركيا.

وقال لافرنتيف، “إنهم (أي الأتراك) يتصرفون كدولة محتلة”، مشيرًا إلى التدخل التركي العسكري في سوريا.

كما أعلنت روسيا بأكثر من مناسبة عن تعثر مسار التقارب بين تركيا والنظام والذي ترعاه موسكو منذ 2022.

هل تستمر العملية

ما زالت العملية التي أطلقتها الفصائل مستمرة لليوم الثالث، مع السيطرة على مناطق جديدة.

وفي المقابل، بقي النظام صامتًا لساعات من بدء العملية حتى خرج ببيان، الخميس، قال فيه إن قواته تصدت لما سماها “المجموعات الإرهابية” وكبدتها خسائر في الأرواح والعتاد.

النظام السوري يعلّق على تطورات الشمال

ويعتقد الباحث العسكري شعبان أن عملية “ردع العدوان” ستتواصل ما دامت هناك قدرة لهذه الفصائل على الاستمرار.

كما أن سيطرة فصائل المعارضة على المناطق الجديدة تتيح لها فتح مجال الاستهداف المدفعي لمناطق أخرى تحت سيطرة النظام السوري، مثل كفر حمرة وكفر داعل وبشنطرة في ريف حلب، باعتبار أنها تقع على تلال عالية، وفق شعبان.

لكن في المقابل، يرى شعبان أن النظام يمكن أن يرد بفتح محاور معاكسة، خاصة أنه يستهدف مناطق مثل آفس وأريحا في إدلب.

ووفق الباحث السياسي نادر الخليل، تتوقف قدرة تشكيل فارق لمصلحة المعارضة على المستوى السياسي بين اللاعبين الأساسيين في سوريا على الميدان وإمكانية إحداث تقدم نوعي.

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *