ما جرى في كواليس مجلس الأمن بشأن سوريا.. ملف “حسّاس” أجمعت عليه الدول

عقد مجلس الأمن الدولي جلستان بشأن سوريا، أمس الجمعة، كانت الأولى مفتوحة، والثانية خلف الأبواب المغلقة، حضرها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وتناولت تفاصيل رؤية المجتمع الدولي تجاه الملف السوري وتطورات الأحداث فيه، فيما تصدر ملفان الجلسات، أحدهما شهد آراء متباينة وآخر أجمعت عليه الدول.
الشروط الأمريكية للعلن بشكل رسمي
وفي الجلسة الأولى لمجلس الأمن أعلنت الولايات المتحدة عن مجموعة من الشروط التي تطالب سوريا بتنفيذها لتخفيف العقوبات المفروضة عليها.
وأكدت دوروثي شيا، القائمة بأعمال المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة، أن واشنطن “ستبني مواقفها المستقبلية بناءً على سلوك السلطات السورية”.
وشملت المطالب الأمريكية الالتزام بعدم الاعتداء على الدول المجاورة، إبعاد المقاتلين الأجانب من المناصب الرسمية، منع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية، تدمير أسلحة الدمار الشامل، التعاون في ملف المواطنين الأمريكيين المفقودين، وضمان الحقوق والحريات لجميع السوريين.
بالمقابل تنوعت كلمات مندوبي الدول الأعضاء بين دعم الاستقرار السياسي والأمني، ورفع العقوبات وهو أكثر الملفات الذي جرى الحديث عنه، واتجهت أخرى للحديث عن تطورات ميدانية بخصوص ملفات “قوات قسد” وملف “الساحل السوري”.
دعوة لرفع العقوبات وتعزيز الشراكة
من جانبه، ألقى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، كلمة في مجلس الأمن، أكد فيها أن سوريا “استجابت بالفعل لعدد من المطالب الأمريكية”، مشيراً إلى أن العقوبات أصبحت “عائقاً أمام تحول سوريا إلى شريك اقتصادي فاعل”، ودعا إلى رفعها فوراً.
وشدد الشيباني على أن سوريا “لن تشكل تهديداً لأي من دول المنطقة بما فيها إسرائيل”، داعياً إلى “ضغط دولي لسحب القوات الإسرائيلية من الأراضي السورية المحتلة”.
كما أعلن أن الحكومة السورية “حافظت على مؤسسات الدولة ومنعتها من الانهيار”، مضيفاً أن دمشق “بدأت خطوات دستورية جادة نحو إصلاح حقيقي”، مع نية تشكيل “برلمان وطني يمثل الشعب السوري”.
شهادة من قلب الحدث
في حديث خاص مع وكالة “ستيب الإخبارية“، كشفت سالي شوبط، مسؤولة قسم المناصرة في المنتدى السوري بنيويورك، عن كواليس الجلسات والمداولات، حيث عقدت جلسة ثانية مغلقة في مجلس الأمن بعد الأولى المفتوحة التي جرى بثها عبر الإعلام.
أكدت شوبط أن “الاعتراف بالحكومة السورية لم يتغير في الأمم المتحدة”، مشيرة إلى أن رفع العلم الجديد “كان يمكن أن يتم بدون قدوم الوزير، لكننا جعلناها لحظة رمزية مع حضوره”، وأشارت إلى أن بعثة سوريا في الأمم المتحدة عملت منذ سقوط النظام البائد تحت ظل الحكومة الجديدة، وسط ترحيب دولي.
وبخصوص موقف الحكومة السورية من شروط العقوبات، قالت شوبط: “الوزير الشيباني انتقد ربط رفع العقوبات بشروط، فالعقوبات فرضت على نظام الأسد، ومع سقوطه كان يفترض رفعها عن الشعب السوري، لا استخدامها كورقة ضغط”.
وأضافت أن الشيباني “سيلتقي مسؤولين غربيين وأمميين خلال زيارته الحالية لمقر الأمم المتحدة”.
كما أوضحت شوبط أن المنتدى السوري ومنظمات المجتمع المدني في أمريكا كثفوا جهودهم مؤخراً لمناصرة الملف السوري، مؤكدة: “نتطلع إلى التعاون مع الحكومة الجديدة في ملفات عدة”.
نقاشات مغلقة.. التركيز على الإصلاح والملف المالي
خلال الجلسات المغلقة لمجلس الأمن، تم مناقشة تقارير المبعوث الأممي غير بيدرسون، وكلمة الوزير الشيباني، مع التركيز على التقدم في ملفات الإصلاح السياسي، تمكين المرأة، والانخراط مجدداً في النظام المالي العالمي عبر اجتماعات الربيع مع البنك الدولي، بحسب “شوبط”.
وكانت الحكومة السورية أرسلت وفداً اقتصادياً إلى الولايات المتحدة، التقى مسؤولي البنك الدولي، وناقشوا عملية إعادة دمج سوريا بالنظام المالي العالمي، ودعم الملف السوري اقتصادياً.
وذكرت شوبط أن “دول مجلس الأمن ترحب بالأقوال الصادرة عن الحكومة السورية، لكنها تنتظر الأفعال”، مشيرة إلى أن “المواقف الدولية تتغير شهرياً” مع تأكيد موحد بين الدول الأعضاء على أهمية معالجة ملف المقاتلين الأجانب، الذي بات أكثر الملفات المطروحة من قبل الدول الأعضاء.
الرد السوري على قائمة الشروط الأمريكية
بالتوازي مع جلسة مجلس الأمن، كشفت وكالة “رويترز” عن رد سوري كتابي على قائمة الشروط الأمريكية، أشار إلى أن دمشق نفذت معظمها، لكنها أكدت أن بعض الشروط “تتطلب تفاهمات متبادلة” مع واشنطن لضمان التطبيق الكامل.
ورغم إصدار الولايات المتحدة إعفاء مؤقت لبعض العقوبات في كانون الثاني/يناير الماضي، فإن هذا الإجراء لم يحقق نتائج ملموسة، مما يزيد من أهمية الدفع نحو تسوية متوازنة تراعي الأوضاع الإنسانية والسياسية في البلاد.
ولم يتضح إذا ما كان الوزير الشيباني سيلتقي مسؤولين أمريكيين على هامش اجتماعاته في الأمم المتحدة، مع ترجيح مصادر لوجود مثل هذه اللقاءات، بالوقت الذي تتحدث وسائل إعلام أمريكية عن استمرار تقييم الأوضاع في الملف السوري من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع الاخذ بالاعتبار وجود إشارات إيجابية حتى الآن.
اختبار جدي للنوايا
يبدو أن المجتمع الدولي يتجه إلى مرحلة اختبار نوايا الحكومة السورية الجديدة، وسط ترقب عالمي لأي خطوات عملية من دمشق تثبت التزامها بالإصلاح السياسي، حقوق الإنسان، ومحاربة الإرهاب. وفي المقابل، يظل ملف العقوبات والمساعدات وإعادة الإعمار رهناً بالتطورات الميدانية والدبلوماسية المقبلة.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية