ما حكم خطبة عيد الأضحى وهل تركها يفسد صلاة العيد أو ينقص من ثوابها؟، أحد الأمور المتعلقة بسُنة صلاة عيد الأضحى، والتي يغفل عنها الكثيرون، ولعل سؤال ما حكم خطبة عيد الأضحى قد يوضح أسرار صلاة العيد تلك السنة النبوية الشريفة، التي أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم باغتنامها، من هنا ينبغي معرفة ما حكم خطبة عيد الأضحى باعتبارها إحدى سنن صلاة العيد التي يكثر البحث عنها ، وحيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا ما يرشدنا إلى كل ما فيه فلاح في الدنيا والآخرة، لذا ينبغي عدم الاستهانة بهديه الشريف، والذي منه ما حكم خطبة عيد الأضحى سعيًا للفوز بأكبر الأجر والثواب.

ما حكم خطبة عيد الأضحى

يُستحبُّ للمسلم حضور خُطبتي العيد والاستماع لهُما، ويُعدُّ ذلك سُنَّة من السُنن التي يُؤجر المسلم على فعلها، ولا يُعدُّ من الأمور الواجبة عليه والتي يُعاقب بتركها، ودليل سُنِّتيها وعدم وُجوبها التَّأسي بالنَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم وبالخُلفاء الراشدين من بعده رضوان الله عليهم.

ورد في حديث عبد الله بن السائب رضي الله عنه أنَّه قال: (شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العيدَ، فلمَّا قضَى الصَّلاةَ قال: إنَّا نخطُبُ، فمَن أحَبَّ أنْ يَجلِسَ للخُطبةِ فلْيَجلِسْ، ومَن أحَبَّ أنْ يَذهَبَ فلْيَذهَبْ)، فدلَّ الحديث الشَّريف على أنَّ المُصلِّي لو أدَّى صلاة العيد ثمَّ ترك الاستماع للخُطبة جاز له ذلك وصحَّت صلاته.

ما هي خطبة عيد الأضحى

ورد أن خُطبة العيد تعقب الصَّلاة، وهذا يعني أنَّها تأتي بعد الانتهاء من أداء صلاة العيد، وعندما ينتهي الإمام من الصَّلاة يستقبل النَّاس ويخطُب خُطبتين، مثلها في ذلك مثل خُطبة الجمعة، ويجلس الإمام بين هاتين الخُطبتين جَلسة خفيفة ثمَّ يقوم مرةً أخرى للخُطبة الثَّانية، وذلك لحديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: (خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم يومَ فطرٍ أو أضحَى فخطب قائمًا ثمَّ قعد قَعدةً ثمَّ قام).

ينبغي فيها مراعاة عدة أمور ، وهي : أن تُفتَتَحُ بالتَّكبيرات: يُسنُّ افتتاح خُطبة العيد بالتَّكبير، ويُستحبُّ أيضاً أن يتمَّ التَّكبير في أثناء الخُطبة، وهذا مُخالفٌ لخُطبة الجمعة والتي يتمُّ افتتاحها بحمد الله تعالى لا بالتَّكبير.

ورد أن عدد التكبيرات في خطبة عيد الأضحى الأُولى والثَّانية: يكون عدد التَّكبيرات في خُطبة العيد الأُولى تسعُ تكبيراتٍ متوالياتٍ بحسب قول الجمهور، وفي الخُطبة الثَّانية سبعُ تكبيراتٍ متوالياتٍ، وقال المالكيَّة بالإطلاق في عدد التَّكبيرات؛ أي أنَّهم لم يجعلوا لها عدداً معيناً، ويُستحبُّ عند الحنفيَّة للإمام بعد انتهائه من الخُطبة وقبل نزوله من المنبر أن يُكبِّر أربع عشرة تكبيرةً.

وقت خطبة عيد الأضحى

ورد أنه يكون وقت خُطبة العيد بعد الانتهاء من صلاة العيد، بخلاف خطبة الجمعة التي تسبق صلاة الجمعة، ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: (شَهِدْتُ العِيدَ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ).

حكم صلاة عيد الأضحى

حكم صلاة عيد الأضحى سُنة مؤكدة واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر الرجال والنساء بأدائها، حتى المرأة الحائض تخرج للاستماع إلى خطبة العيد ولا تؤدي صلاة العيد وتكون بعيدة عن المصلى، ويستحب لمن يذهب لأداء صلاة عيد الأضحى الحرص على الاغتسال وارتداء أفضل الثياب، مع التزام النساء بمظاهر الحشمة وعدم كشف العورات، والالتزام بغض البصر عن المحرمات، كما يستحب التبكير إلى مصلى العيد بسكينة ووقار، ويستحب الذهاب من طريق والعودة من طريق آخر، لحديث جابر رضي الله عنه: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ» رواه البخاري، ومن الحكمة في ذلك: أن يوافق تسليم الملائكة ووقوفهم على أبواب الطرقات، وأن يشهد له الطريقان بإقامة شعائر الإسلام.

خطبة عيد الأضحى مكتوبة

الحمد لله رب العالمين، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، وأَشهدُ أنْ لا إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأَشهدُ أنَّ سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عَبدُه ورسولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيه وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ، وبعد: فإن الأعياد مواسم خير وبركة، تفرح فيها النفوس، وتبتهج بها الأفئدة، وتتلاقى الوجوه والقلوب متسمةً بالسعادة الصادقة ، والبسمة الصافية ، وهذا من فضل الله (عز وجل) على الناس، حيث يقول الحق سبحانه: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}، وعندما قَدِمَ نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْم الْفِطْرِ، وَيَوْم النَّحْرِ).

خطبة عيد الأضحى

ورد أن يوم عيد الأضحى المبارك من أيام الله (عز وجل) المشهودة، حيث يقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ)؛ ويوم القر: هو اليوم الذي يلي يوم النحر؛ لأن النَّاس يقرون فيه بمنى بعد أن فرغوا من أعمال يوم النحر.

وتتجلى في عيد الأضحى مظاهر الفرح والسرور؛ حيث يفرح حجاج بيت الله بأداء مناسكهم، بعد أن أتم الله عليهم نعمته بالطواف بالبيت الحرام، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف على صعيد عرفات حيث التعرض للبركات والرحمات، كما يفرح المسلمون في بقاع الدنيا بذبح الأضاحي تقربًا إلى الله (عز وجل)، وإدخالًا للسرور على الفقراء والمحتاجين.

وكلما هل علينا عيد الأضحى المبارك استحضرنا قصة الخليل إبراهيم (عليه السلام) مع ابنه إسماعيل (عليه السلام)، حيث تجلت أعلى درجات التضحية وصدق التسليم، وحسن الامتثال لأمر الحق سبحانه، بعدما رزق الله (عز وجل) خليله (عليه السلام) الولدَ بعد شوق وطول انتظار، فلما بلغ معه نضرة الصبا جاء الابتلاء الأعظم، والأمر الإلهي بذبح الوالد لولده، حيث يقول الحق سبحانه: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى}، فكان الرد الجميل من إسماعيل (عليه السلام): {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}.

ثم جاءت عطاءات الله (عز وجل) متتابعة، بعد أن استسلم الولد والوالد لأمر رب العالمين، فجاء الفداء منه سبحانه، حيث يقول تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ *وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}.

ومن هنا كانت سنة الأضحية؛ إحياءً لذكرى الخليل وولده (عليهما السلام)؛ وتحقيقًا للمعاني الإنسانية النبيلة من التوسعة على الأهل، وتحقيق التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع، والتصدق على الفقراء والمساكين، وقد ضحى نبينا (صلى الله عليه وسلم) بكبشين أقرنين أملحين، وقال: (ضَحُّوا؛ فَإِنَّهَا سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ)، وقال (صلى الله عليه وسلم) في فضل الأضحية: (مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا)، وعندما سئل (صلى الله عليه وسلم) عن الأضاحي، قَالَ (صلى الله عليه وسلم): سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ، قَالُوا: مَا لَنَا مِنْهَا؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ حَسَنَةٌ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالصُّوفُ؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعْرَةٍ مِنَ الصُّوفِ حَسَنَةٌ).

ما أجمل أن نجعل من شعيرة الأضحية دليلًا على عظمة الإسلام، ومظهرًا من مظاهر رقيه وحضارته، فنتجنب الذبح في الأماكن العامة، ومداخل العمارات، والبيوت، والشوارع؛ مما يتسبب في أذى الناس وضررهم، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضْرَارَ).

على أننا نؤكد أن يوم العيد فرصة لتوطيد العلاقات الاجتماعية بالتزاور والتلاقي وصلة الأرحام ، ونشر المودة والرحمة بين الناس، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (من أحَبَّ أن يُبسَطَ له في رزقِه، ويُنسأَ له في أثرِه، فلْيَصِلْ رَحِمَه)، ويقول سبحانه في الحديث القدسي: (أَنَا الرَّحْمَنُ، خَلَقْتُ الرَّحِمَ، وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنَ اسْمِي، فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ).

أركان خطبة عيد الأضحى

تتشابه أركان خطبة عيد الأضحى مع أركان خطبة الجمعة باستثناء الافتتاح؛ حيث تُفتتح خطبة العيد بالتَّكبيرات بينما تُفتتح خطبة الجمعة بحمد الله كما بيّنا، وعدد أركان خُطبتي العيد بحسب المذاهب هي:

مذهب الحنفيَّة لخُطبة العيد ركنٌ واحدٌ فقط كخطبة الجمعة، ألا وهو الذِّكر على الإطلاق، سواءً كان كثيراً أم قليلاً، ومعنى ذلك أنَّ المطلوب من الخطبة يتحقَّق بتحميدةٍ أو تسبيحةٍ أو تهليلةٍ، كما أنَّ الخُطبة الثَّانية للعيد سُنَّة وليست بشرطٍ عندهم.

مذهب المالكيَّة قالوا أيضاً بأنَّ ركن خطبتي العيد واحدٌ كركن خُطبة الجمعة، ويكون الرُّكن عبارةً عن اشتمال الخُطبة للتَّحذير أو للتَّبشير.

مذهب الحنابلة حيث إنَّ أركان خُطبتي العيد عندهم ثلاثة وهي: الصَّلاة على الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم، واشترطوا في صيغة الصَّلاة على الرسول ورود لفظ الصَّلاة بالتَّحديد في أثنائها حتى تصحَّ. قراءة آية من القران الكريم: على أن تكون هذه الآية من الآيات التي تحمل معناً مستقلاً بذاتها ولا تعتمد على غيرها لإيضاح معناها، وأن تشتمل على أيِّ حكمٌ من الأحكام. التَّوصية بتقوى الله عز وجل: وما عدا ذلك من التَّكبير الذي تُفتتح به خطبة العيد فهو سُنَّة لا ركناً من أركان خُطبة العيد.

مذهب الشَّافعيَّة وأركان خُطبتي العيد عندهم أربعة أركانٍ كما يأتي: الصَّلاة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ويكون ذلك في كلتا الخُطبتين مع اشتراط مجيء لفظ الصَّلاة فيها. الوصيَّة بتقوى الله ويكون ذلك في كلتا الخُطبتين، ولا يُشترط لفظ التَّقوى وإنَّما يصحُّ بغيره ممَّا يُفيد معناه من ألفاظ الطَّاعة ونحوهما. قراءة آية من القرآن الكريم: وذلك في خُطبة واحدة من خُطبتي العيد ولا يُشترط في كليهما، والأَوْلى والأفضل أن تكون قراءة الآية في الخُطبة الأولى لا الثَّانية.

ويُشترط في الآية المقروءة أن تكون آيةً مشتملةً على وعدٍ أو ووعيدٍ أو حكمٍ من الأحكام، أو قصَّةٍ أو خبرٍ يُفيد معناً كاملاً، وأن تكون آيةً كاملةً في حال كانت الآية قصيرةً، أمَّا إذا كانت الآية من الآيات الطِوال فيجوز عندها قراءة بعضها دون الإتيان بها كلِّها. دعاء الخطيب للمؤمنين والمؤمنات: ويكون ذلك في في خُطبة العيد الثَّانية، على أن يكون هذا الدُّعاء متعلِّقٌ بأمرٍ من أمور الآخرة لا بأمرٍ من أمور الدُّنيا، وأن يشتمل الدُّعاء على كلِّ الحاضرين في نيَّة الخطيب، فإن قصد غيرهم دون أن يتضمَّنهم تَبطل الخطبة، وأمَّا فيما يتعلَّق بالتَّكبيرات التي تُفتتح بها الخُطبة فهي سُنَّةٌ وليست بركنٍ.

شروط خطبة عيد الأضحى

ورد أنه يُشترط لخطبة العيد شُروطاً مختلفةً بحسب كلِّ مذهبٍ، ففي مذهب المالكيَّة أن تكون خُطبتا العيد باللُّغة العربيَّة، حتى وإن كان الحضور من غير العرب ولا يفهمون اللُّغة العربيَّة، وإن لم يُوجد بينهم من يُتقن اللُّغة العربيَّة فعندها تَسقط عنهم جميعاً، ولا تصحُّ بأيِّ حالٍ أن تؤدَّى بغير العربيَّة، فإن فُقد هذا الشَّرط سقطت الصَّلاة عنهم بالكُليَّة، وأن تُلحق الخُطبتان بصلاة العيد ولا تسبقانها، فإن خَطب الخطيب خُطبتي العيد قبل الصَّلاة ثمَّ صلَّى العيد؛ فعندها يُسنُّ له إعادة خُطبتي العيد مرةً أخرى بعد الصَّلاة إن لم يَطُلْ الزَّمن.

وجاءت شروط خطبة عيد الأضحى في مذهب الحنفيَّة أن يتمَّ حضورها من قبل شخصٍ واحدٍ على الأقل، بشرط أن تتحقَّق فيه الصِّفات التي تَنعقد بها الجمعة، ويُشترط حضوره فقط حتى وإن لم يتمكَّن من السَّماع لبُعده أو صممه، فحضوره لوحده كافٍ وتصحُّ الخُطبة به، كما يُشترط أن يكون رجلاً، ولو كان مسافراً أو مريضاً، ولا يكفي حُضور المرأة ولا الصَّبي. ولم يَشترط الحنفيَّة أن تؤدَّى خُطبتي العيد بالعربية كما اشترط المالكيَّة ذلك فيما أوردناه سابقاً، ولا أن يَخطب الخطيب بعد الصَّلاة لا قبلها؛ فإن قدَّمها يكون مُخالفاً للسُّنة؛ لأنَّها وردت بالتَّأخير لا بالتَّقديم، لكنَّه مع ذلك لا يُطالب بإعادتها بعد الصَّلاة.

وردت شروط خطبة عيد الأضحى في مذهب الشَّافعيَّة والحنابلة اشترط الشَّافعيَّة لصحَّة خُطبتي العيد شرطان كما يأتي: جهر الخطيب بكلِّ أركان العيد الأربعة التي ذكرها الشَّافعيَّة، والمقصود بالجهر هنا إسماع الصَّوت لأربعين شخصاً وهو المقدار الذي تنعقد فيه صلاة الجمعة من المُصلِّين، ولا يُشترط السَّماع الفعلي؛ بل يُشترط اقترابهم منه واستعدادهم للخُطبة ولسماع الخطيب؛ فإن لم يسمعوا أركان الخُطبتين بلا مانع من نومٍ أو غفلةٍ أو صممٍ لم تصحَّ الخُطبة عندها لعدم السَّماع. أن تكون كلتا الخُطبتين بعد صلاة العيد لا قبلها؛ فإن قدَّمهما على الصَّلاة لم يُعتدَّ بها، ويُسنُّ للخطيب عندها إعادتهما عقب الصَّلاة حتى وإن طال الزَّمن، ويجدر بالذِّكر أنَّ الحنابلة وافقوا الشَّافعية في شُروطهم؛ إذ إنَّهم اشترطوا كلاً من الجهر وبشروطه المذكورة سابقاً، وتقدُّم الصُّلاة على الخُطبتين.

سنن خطبة عيد الأضحى

ورد أنّ من السُّنن التي تُسنُّ في خُطبة العيد ما يلي:

  • أن تتضمَّن خُطبتان، وأن تُكونا كخُطبتيّ الجمعة في كلِّ من الأركان، والشُّروط، والسُّنن، والمكروهات.
  • أن تكون هاتان الخُطبتان بعد صلاة العيد لا قبلها.
  • أن يتم افتتاح كل من الخُطبتين بالتَّكبيرات كما بيّنا سابقاً، ويُسنُّ عند كلٍّ من المالكيَّة والحنفيَّة أن يُكبِّر المأموم في سرِّه أثناء تكبير الخطيب، بينما مَنع الجمهور أيُّ حديثٍ أثناء الخُطبة وإن كان ذكراً.
  • تقصير خُطبتي العيد وعدم إطالتهما.
  • أن تكونا بلغةٍ فصحيةٍ مؤثرةٍ ومعبرةٍ.
  • أن يُقرأ في أحدهما سورة ق.
  • وأن يدعو الخطيب في الخُطبة الثَّانية للمسلمين ولولاة أمر المسلمين.
  • اختتام خُطبة العيد الثَّانية بالاستغفار.

مكروهات خطبة عيد الأضحى

يُكره عند الشَّافعية التَّكلم من قبل الحاضرين في أثناء خطبة العيد. و يكره أن يُؤذِّن جماعة من الحاضرين أثناء وجود الخطيب وتحدُّثه. ويُكره للحاضرين أيضاً الاحتباء؛ أي الجُلوس على الإليتين، ومن ثمَّ القيام بضمُّ الفخدين والسَّاقين نحو البَّطن وإمساكهما بالذراعين. يُكره للإمام الالتفات في الخُطبة الثَّانية، أو أن يُؤشِّر بيده ونحو ذلك من الحركات، أو أن يدقَّ على المنبر.

وجاءت مكروهات خطبة عيد الأضحى عند الحنابلة : يُكره أن يُعطي الحاضرين ظهورهم للإمام أثناء الخُطبة. يُكره رفع اليدين أثناء الدُّعاء الذي يكون ضمن الخُطبة، ولكنَّهم أجازوا الاحتباء بشرط ستر العورة لفعل ذلك من قبل عدد من الصَّحابة رضوان الله عليهم.

ورد من مكروهات خطبة عيد الأضحى عند الشافعية والحنابلة : يكره تشبيك الأصابع في المسجد، أو عند الخروج من البيت للذَّهاب إلى المسجد. يُكره العبث واللَّهو بأيِّ شيءٍ أثناء الخُطبة ولو كان ذلك بالحصى من حوله، لقول النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم: (ومَن مَسَّ الحَصَى فقَدْ لَغا). يُكره لحاضر الخُطبة أن يشرب الماء في أثنائها إن لم يشتدَّ عليه العطش.

مضمون خطبة عيد الأضحى

يتنوَّع مضمون خُطبة العيد بتنوُّع العِيدين، وفي تنوُّع مضمون الخُطب حكمةٌ بالغة، وذلك من باب مخاطبة النَّاس بما يهمُّهم وبما يَتناسب مع واقعهم، وتذكيرهم بالأحكام التي يَحتاجونها في كلِّ موسمٍ من مواسم العبادات، وعن مضمون خطبة عيد الأضحى ، يكون مضمون الخُطبة بعد أداء صلاة عيد الأضحى عن الأضاحي، وحُكمها، وأهميَّتها وفضلها، وكلُّ ما يتعلَّق بأحكام الأضاحي، وما الذي يُجزئ منها وما الذي لا يُجزئ.

كم خطبة في صلاة عيد الأضحى

ورد أقوال عدة، وهي : قال جمهور أهل العلم إنَّ عدد الخُطب في صلاة العيد خُطبتين اثنتين، وقد ورد هذا في المذاهب الأربعة، ويتمَّ الفصل بين هاتين الخُطبتين بجلوس، تماماً كما يُفعل في خُطبة صلاة الجمعة، ودليلهم في ذلك الحديث: (خرج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم يومَ فطرٍ أو أضحَى فخطب قائمًا ثمَّ قعد قَعدةً ثمَّ قام)، بالإضافة إلى أنَّهم قاموا بقياس خُطبة العيد على خُطبة الجمعة.

وأضاف أحد العلماء دليلاً آخر على أنَّ عدد الخُطب في العيد خُطبتان؛ ألا وهو أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلَّم كان يخطب في العيد خُطبةً واحدة ولكنَّه بعد الانتهاء منها كان يتوجَّه إلى النِّساء ويقوم بوعظِهنَّ، فقام هذا مكان الخُطبة الثَّانية.

ذهب بعض أهل العلم إلى القول بأنَّ خُطبة العيد تتضمَّن خُطبةً واحدةً فقط؛ ودليلهم في ذلك أنَّ الأحاديث الصَّحيحة الواردة عن الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم لم ترد فيها إلَّا خُطبةً واحدةً، وأنَّ الاحاديث التي ذكرت الخُطبتان والتي يفصل بينهما جلسة أحاديث ضعيفة لا يُعتدُّ بها.

يجدر التنبيه إلى أنَّ موضوع عدد خطب العيد يُعدُّ واحداً المسائل الاجتهادية التي لم يَرد فيها نصٌ شرعيٌّ يفصّل في المسألة، وهذا سبب الاختلاف فيها، لذا يستطيع الإمام التَّقدير بنفسه، والعمل بما يراه أقرب إلى السُّنة في نظره.

المصدر: صدى البلد

شاركها.