اخر الاخبار

ما سر التزامن بين ضربات جنوب سوريا وهجوم إيران: أسباب وتساؤلات

للمرة الثانية منذ شهر نيسان الماضي، تستهدف الطائرات الحربية الإسرائيلية مواقع عسكرية في جنوبي سوريا قبل أن توجه ضربات لمواقع في إيران.

ويثير هذا السلوك الذي تتبعه إسرائيل تساؤلات بشأن الأسباب التي تدفعها لضرب مواقع في جنوبي سوريا، وأغلبيتها مرتبطة بالرادارات وقواعد الدفاع الجوي، قبل أن تبدأ استهدافها للأراضي الإيرانية.

في 26 من تشرين الأول الحالي، قصفت إسرائيل قواعد عسكرية جنوبي ووسط سوريا، ودمرت رادارات ومنظومات دفاع جوي، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.

وقال موقع “والا” الإسرائيلي، إن الهجوم على المواقع العسكرية في سوريا جاء كهجوم استباقي قبل تنفيذ الضربات الإسرائيلية على إيران.

وذكرت صحيفة “ذا جورزاليم بوست” أن الطيران الإسرائيلي دمّر بطاريات دفاع جوي ورادارات في سوريا والعراق وإيران، “لتأمين مسار واضح للطائرات الإسرائيلية المهاجمة”، وأشارت إلى أن بعض تلك البطاريات كانت من طراز “S-300” الروسية.

وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن إيران “أصبحت مكشوفة بعد الهجوم الإسرائيلي على الرادارات”.

من جهتها، قالت وزارة الدفاع التابعة للنظام السوري، إن رشقات من الصواريخ خرجت من منطقة الجولان المحتل والأراضي اللبنانية فجر 26 من تشرين الأول، وقصفت مواقع عسكرية في المنطقة الجنوبية والوسطى.

في 19 من نيسان الماضي أيضًا، قصفت إسرائيل بالصواريخ مواقع للدفاع الجوي التابع للنظام جنوبي سوريا، بالتزامن مع توجيه ضربة لمواقع عسكرية في منطقة أصفهان الإيرانية.

ولا تتبنّ عادة إسرائيل القصف على مواقع في سوريا، وهي سياسة تعتمدها منذ سنوات.

وكانت إسرائيل صعدت من هجماتها في سوريا بعد حرب غزة في 7 من تشرين الأول 2023، واستهدفت نقاطًا عسكرية إيرانية وشخصيات من “الحرس الثوري” الإيراني و”حزب الله”.

ويمتلك النظام السوري العديد من منظومات وأفواج الدفاع الجوي جنوبي سوريا ووسطها، تعرض معظمها لقصف من سلاح الجو الإسرائيلي لأكثر من مرة، ودمّر شبكات رادارات ومحطات إطلاق صواريخ، بحسب ما رصد مراسلي في درعا والسويداء.

كما تأثرت هذه الأفواج والنقاط العسكرية التابعة لوحدات الدفاع الجوي، وبعضها سقط بيد فصائل المعارضة في جنوبي سوريا، قبل أن يعيد النظام السوري السيطرة على المنطقة بعد اتفاقيات “التسوية” عام 2018.

ما سبب التزامن بين الضربات

قال المحلل العسكري العقيد إسماعيل أيوب ل، إن القصف الإسرائيلي في جنوبي سوريا تركز على تدمير شبكة الرادارات حتى لا تشوش على سلاح الجو والرادارات الإسرائيلية في أثناء عملياتها العسكرية.

في حين يرى الرائد الطيار يوسف حمود أن الاستهدافات الإسرائيلية المتكررة لا يشترط أن تكون لإبطال عمل منظومة الدفاع الجوي بشكل كامل.

وقال حمود في حدث إلى، إن القصف يستهدف أحيانًا شبكات الرادار فقط، التي تقتصر مهمتها على كشف الطائرات.

وأشار إلى أن بعض الضربات الإسرائيلية على نقاط الدفاع الجوي لا تستهدف بطارية الصواريخ وبقية أجهزة المنظومة، وبالتالي يمكن إعادة تأهيل هذه المنظومة بإدخال شبكات رادار جديدة.

كيف تعمل دفاعات النظام

حول آلية عمل منظومة الدفاع الجوي، أوضح الرائد حمود أن محطات الدفاع الجوي تكشف وجود أي جسم طائر في أثناء دخوله إلى الأجواء السورية وطوال فترة وجوده عن طريق الرادارات.

ويتم تعقب الطائرات الإسرائيلية منذ لحظة إقلاعها في كل مطارات إسرائيل، وتظهر على كل شاشات شبكات الرادارات السورية في كل المحطات الرئيسة والفرعية، بحسب حمود.

وأضاف أن هذه الرادارات ترتبط ببطاريات وأجهزة متصلة بصواريخ “أرض- جو”، وتدمير شبكة الرادارات يجعل هذه الصواريخ عمياء.

وعند دخول الطائرات في مجال كشف الرادارات، تصل إشارات ضوئية على شاشة الطائرة وفي خوذة الطيار تحذره بأنه تم كشفه.

كما تظهر للطيار إشارات تحذيرية في حال تسلم رأس الصاروخ إشارة للإطلاق نحوه، بأنه دخل مرحلة الخطر.

ويعتقد حمود أن إسرائيل تستهدف هذه الشبكات كي لا تعوق عملياتها العسكرية وتشوش على طائراتها في أثناء تنفيذ الضربات فوق الأجواء السورية، وبالتالي يتطلب من إسرائيل التعامل مع هذه المحطات الأرضية القريبة من حدودها واستهدافها، بحسب ما قاله حمود ل.

“النظام لا يبالي”

يرى المحلل العسكري العقيد إسماعيل أيوب أن النظام لا يأبه بالقصف الإسرائيلي، ولا يوجد في الجنوب ما يهدد إسرائيل، فضربات تل أبيب تتركز بقلب العاصمة السورية.

وقال أيوب، إن النظام في حال تصديه لهذه الضربات، فإن منظومات الدفاع الجوي التابعة له تبدأ عملية التفعيل بعد خروج الطائرات الإسرائيلية من المجال الجوي السوري.

وغالبًا يكون التصدي بمدافع “57” أو رشاشات “14.5” التي لا تؤثر على الاستهداف الجوي، سواء كان طائرات أو مقذوفات (جو- أرض) إن كانت صواريخ أو قنابل.

وحتى الطائرات المقاتلة التي يمتلكها النظام السوري “قليلة وغير مجدية” في التصدي للهجمات الإسرائيلية الجوية، بحسب أيوب.

ويمتلك النظام سرب طائرات من نوع “ميغ 29” المقاتلة (حوالي 20 إلى 25 طائرة) في مطار “السين” شرقي دمشق، لكن لا يتم استخدامها.

كما أن مطاري “الضمير و”الناصرية” شرقي دمشق يضمان ما يقرب من عشر طائرات “ميغ 23″، بحسب ما قاله المحلل العسكري.

وفي السويداء، يضم مطار “خلخلة” العسكري شمال شرقي المحافظة سرب طائرات من نوع “ميغ 23″، وإحداها خارج الخدمة، إضافة إلى طائرة “ميغ 21” خارج الخدمة، أما مطار “الثعلة” غربي السويداء فلا يحتوي على طائرات مقاتلة.

“منظومة غير مجدية”

المحلل العسكري أيوب قال إن منظومات الدفاع الجوي التي يمتلكها النظام السوري قديمة، وبعضها تدمر في الفترة ما بين 2011 و2020، والآخر تم ترحيله إلى الساحل السوري.

ويمتلك النظام جنوبي سوريا منظومات “فولجا” قصيرة المدى و”بيتشورا” متوسطة المدى، والتي تدمر معظمها وخرج عن الخدمة بعد عام 2012، بحسب ما أفاد أيوب.

كما توجد ألوية تمتلك صواريخ “سام 6” الروسية (أرض- جو) إضافة إلى منظومتي “بوك” و”بانتسير” اللتين تنتشران بدمشق واللاذقية وطرطوس، وهي أيضًا تعرضت للقصف الإسرائيلي.

ويمتلك النظام أفواجًا ومنصات إطلاق صواريخ “إس 200″ و”إس300” طويلة المدى، لكنها تحت إشراف روسيا، ولا يستطيع النظام استخدامها، وفق المحلل العسكري.

وتعرضت منصات صواريخ “إس 200” الموجودة في دير علي بالقرب من دمشق ومنطقة أبو قبيس في حماة وسط سوريا، للضربات الإسرائيلية، كما لا يمتلك النظام ذخيرة لإطلاق هذه الصواريخ، بحسب العقيد إسماعيل أيوب.

هل لروسيا دور

أوضح الرائد الطيار يوسف حمود أن روسيا تشرف على كل منظومات الدفاع الجوي في سوريا، منذ تدخلها نهاية أيلول 2015.

ووقعت روسيا اتفاقية مع إسرائيل عام 2015، للتنسيق العسكري ولمنع تصادم الطائرات فوق الأجواء السورية، وعرفت باتفاقية “الخط الساخن”.

وبحسب الرائد حمود، فإن كل الدول الداخلة في الملف السوري معنية بهذا التنسيق، ولذلك ترد أحيانًا معلومات عن وجود قصف قبل تنفيذه.

كما تمتلك إيران أربع محطات للدفاع الجوي في سوريا، لكن لم ترد معلومات حول بدء عمل هذه المنظومات، وفق الرائد حمود.

 

الدفاع الجوي السوري.. غير محدث ومتهالك والقرار بيد الروس

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *