ما فعالية الحملات الأمنية ضد فلول النظام السابق
في الوقت الذي تسعى فيه الإدارة السورية الجديدة لفرض الأمن والاستقرار من خلال عمليات عسكرية وأمنية لملاحقة من تسميهم بـ”فلول النظام السابق”، تثار عدة تساؤلات حول مدى فعالية هذه الحملات في تحقيق أهدافها، وسط تخوف وتحذيرات من انتشار وتوسع الهجمات المسلحة بشكل منظم.
وتطلق وزارة الداخلية السورية اسم “الفلول” على كل من كان ضمن قوى الأمن أو الجيش لدى نظام الأسد، ولم يقم بتسوية أوضاعه أو تسليم سلاحه.
ونفذت الإدارة السورية الجديدة العديد من الحملات العسكرية والأمنية، وشملت المناطق المستهدفة مدن الساحل السوري، وحمص، وحماة، وحلب، ودمشق، وتضمنت الحملات تنفيذ عمليات مداهمة وتفتيش عن السلاح واعتقال مئات الأشخاص.
وفي المقابل، نفذت “فلول النظام” هجمات استهدفت “إدارة الأمن العام”، أحدثها، في 14 من كانون الثاني الحالي، إذ تعرضت دورية لهجوم في جبلة أدى إلى مقتل اثنين وإصابة آخرين من عناصر “الإدارة”، وأسر سبعة من عناصر الدورية.
وأعلنت “إدارة الأمن العام” في اليوم ذاته عن تحرير الأسرى بعد الاشتباك مع المجموعة، ومقتل قائدها بسام حسام الدين، الذي هدد بتصفية الأسرى.
ترسيخ الاستقرار
أفاد المكتب الإعلامي في وزارة الداخلية بحكومة دمشق المؤقتة،، أن العديد من فلول النظام يتخذون من المناطق السكنية ملجأ لهم، ما يعرّض حياة المدنيين للخطر، إذ تنفذ هذه المجموعات “عمليات إجرامية تشمل الخطف والسرقة”.
وأضاف أن التعاون بين قوى الأمن وأهالي المناطق هو ضمان لعدم عودة فلول النظام والحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار.
وحول أهمية هذه الحملات، قال المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة في حديث ل، إن الحملات الأمنية التي تنفذها الإدارة الجديدة تهدف لبسط سلطة الدولة على كل الأراضي السورية، وإنهاء حالة التشرذم، وإخضاع الناس للقضاء والسلطة، بالإضافة إلى نزع السلاح المنتشر بين الناس، وخاصة الثقيل والمتوسط منه.
وأضاف حمادة أنه لا بد من تنفيذ حملات أمنية متواصلة حتى إنهاء فلول نظام الأسد، أو من يحرض ضد الإدارة الجديدة.
ويرى أن هذه الحملات لن تنتهي في القريب العاجل، بسبب امتناع الكثير عن تسليم السلاح، “بالإضافة إلى انتشار اللصوص، والشبيحة، والمستفيدين من “الفلتان” في الوضع الحالي.
الباحث في مركز “حرمون للدراسات المعاصرة” نوار شعبان، وصف، في حديث ل، الحملات الأمنية بـ”الناجحة”، إذ عملت كوسيلة ضغط على عناصر الفلول ما أدى إلى انخفاض وتيرة الاشتباكات، وازدياد عمليات التسوية الأمنية، مضيفًا، “كنا نتوقع أن تكون المعارك والاشتباكات ضارية، وأصعب مما هي عليه الآن، إلا أن الوضع يمكن تصنيفه بالمستقر حاليًا”.
عدة مراحل
تسعى الإدارة السورية الجديدة لإعادة السوريين إلى حياتهم الطبيعية عبر إجراءات تشمل التسوية الأمنية، وتسليم السلاح، والعودة إلى الحياة المدنية كخطوة أولى، وفقًا لما ذكرته وزارة الداخلية ل.
وأوضحت الوزارة أن القوات الأمنية تعمل على ملاحقة الفلول والتعامل معهم بحزم في حال وقوع أي اعتداء على المدنيين أو المؤسسات الحكومية.
كما أكدت أن الباب مفتوح أمام لكل من يرغب في أن يكون جزءًا من سوريا الجديدة، مشيرة إلى أن القانون هو الفصل.
ويرى المحلل العسكري العقيد أديب العليوي أن الحملات التي تنفذها الإدارة الجديدة هي مرحلة من أصل ثلاث مراحل.
واعتبر العليوي، خلال حديث ل، أن المرحلة الأولى عسكرية تؤدي إلى تفتيش المناطق ومصادرة السلاح، وتشمل هذه تقسيم المناطق الى قطاعات عدة، وتمشيط المنطقة بشكل كامل بالإضافة إلى قطع الطرقات، ووضع حواجز ثابتة.
وتتبعها مرحلة ثانية، أمنية، تستخدم الكثير من العناصر، وطرق الترهيب والترغيب، لحصر أعداد الفلول، والسيطرة على مستودعات السلاح.
وفي المرحلة الثالثة يتم جمع السلاح المنفلت، وفق برنامج تكون له مراجع في الأمم المتحدة، وفقًا للعليوي.
وتحاول الفلول كسب الوقت واللعب على تعزيز مفهوم تعرضهم للانتهاكات كأقليات، “لكن السلوك الإجرامي، يضعهم ضمن خانات الاستهداف بشكل مباشر، مثلما حصل مع القيادي بسام حسام الدين الذي أدى سلوكه إلى تحريك الشارع ضده”، وفقًا للباحث نوار شعبان.
وأضاف أن الفلول ليس لهم هدف واضح حول السيطرة على رقعة جغرافية معينة.
تحركات منظمة
يسعى ضباط من النظام السابق ممن تضرروا من تحرير سوريا إلى تنظيم عمليات تستهدف قوى الجيش والأمن لنشر الفوضى في البلاد، بحسب ما ذكرته وزارة الداخلية ل.
ويرى المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة أن تحركات الفلول ليست حالة فردية، متوقعًا وجود داعم أساس لها، خاصة مع وجود جهات ودول خسرت مواقعها نتيجة الوضع الراهن.
وقال الباحث نوار شعبان، إنه مع سقوط القيادة الهرمية لنظام الأسد، فقدت هذه التشكيلات القدرة على تنظيم صفوفها، لذلك ارتبطت كافة الأعمال بجغرافيا معينة، ومثال على ذلك ما حصل في معارك خربة حمام بالقرب من القصير.
ونفذت “إدارة العمليات العسكرية” حملة تستهدف ميليشيات عسكرية يقودها شجاع العلي، متحصنة في خربة حمام بريف حمص، والتي تعتبر مكان نشاطها على مدار السنوات الماضية، إذ فضّل البقاء في منطقته على الخروج منها والالتحاق ببقية الفلول لانقطاع سلسلة التواصل بينه وبين القياديين في نظام الأسد.
تنشط مجموعات العلي في ريف حمص الغربي على الحدود السورية- اللبنانية، وتُتهم بتنفيذ العديد من عمليات الخطف والابتزاز بحق المدنيين خلال السنوات الماضية.
وذكر أن الخطر يكمن في تكتل الفلول، وانتقالها إلى مرحلة التنظيم، في حال لم تسفر الحملات الأمنية عن نتائج مباشرة، إلا إن تحرك إدارة العمليات المسبق والسريع، منعهم من القدرة على إعادة تنظيم أنفسهم.
في حين يرى المحلل العسكري العقيد أديب العليوي، أن تحركات الفلول هي حالات فردية بالأساس، إلا أنها بدأت تتحول إلى حالات منظمة، وخاصة بعد التصريحات الإيرانية مؤخرًا.
وكان المرشد الإيراني، علي خامنئي، اتهم في وقت سابق، أمريكا وإسرائيل بالوقوف خلف إسقاط نظام الأسد.
وقال إن “المناطق المحتلة” سيتم استعادتها على أيدي من وصفهم ب “الشباب السوري الغيور”
في المقابل، حذر وزير الخارجية في حكومة دمشق المؤقتة، أسعد الشيباني، إيران من نشر الفوضى في سوريا.
ومع انطلاق عملية “ردع العدوان” في 27 من تشرين الثاني 2024، التي انتهت بسقوط النظام في 8 من كانون الأول 2024، بدأت عوامل التفكك تظهر على قوات نظام الأسد، رافقها هروب واختفاء قادة وعناصر الجيش، والأمنيين ممن ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان، ولم يتم تحديد مصيرهم أو معرفة مكان وجودهم حتى اليوم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي