اخر الاخبار

ما لا تعرفه عن العقوبات الأمريكية على سوريا.. خبير يكشف عمّا سيحدث بعد رفعها

قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات الأمريكية على سوريا بطلب من دول عربية أبرزها المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر إلى جانب دور تركي بارز، بعد عقود من تشريعها، فما هي هذه العقوبات وكيف ستستفيد سوريا من رفعها وكيف سيكون شكل العلاقة الجديدة بين واشنطن ودمشق؟

 

تاريخ العقوبات الأمريكية على سوريا

بدأت العقوبات الأمريكية على سوريا في أواخر سبعينيات القرن الماضي عندما أُدرجت سوريا في 1979 ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، ففرَض ذلك حظرًا على بيع الأسلحة إليها وقيودًا على المساعدات الأمريكية.

في أعقاب ذلك سنت واشنطن قوانين إضافية، أبرزها قانون محاسبة سوريا (2003) الذي ألزَم الرئيس بفرض عقوبات اقتصادية إذا استمرت دمشق في دعم جماعات مثل “حزب الله” أو في تطوير أسلحة دمار شامل.

وتصاعدت العقوبات بشكل حاد مع الاحتجاجات الشعبية عام 2011؛ فأصدر الرئيس الأمريكي أوامر تنفيذية شملت تجميد أصول النظام السوري البائد وفرض حظر شامل على الاستثمارات والصادرات النفطية السورية.

ولاحقًا وسع الكونغرس نطاق العقوبات من خلال قانون قيصر (2019)، الذي أتاح فرض عقوبات ثانوية على أي دولة أو شركة تدعم نظام الأسد أو تشارك في إعادة إعمار سوريا، وفي السنوات الأخيرة استهدفت العقوبات التجارة غير المشروعة، لا سيما تهريب مخدر الكبتاغون، فمثلاً فرضت الولايات المتحدة في 2024 عقوبات على شبكة متاجري كبتاغون وصانعيه في سوريا، مذكرةً بأن البلاد أصبحت “الرائدة عالميًا” في إنتاج هذا المخدر.

كما ركز الاتحاد الأوروبي في 2023 عقوباته الجديدة على شخصيات مرتبطة بإنتاج الكبتاغون وصناعة الأمفيتامين في سوريا.

وكان لهذه الحزمة القانونية المتزايدة أثر مدمر على الاقتصاد السوري والبنى التحتية، مع تضخيم عزلتها المالية عن النظام العالمي.

يقول الخبير السياسي والاقتصادي السوري، أسامة القاضي، في حديث مع “وكالة ستيب نيوز”: ” كانت سوريا مدرجة منذ عام 1979 على قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهو إرث تركه الأسد الأب، بينما أضاف الأسد الابن إلى هذا الإرث قوانين أكثر تشددًا، مثل “قانون المساءلة” عام 2004، و”قانون قيصر”، وقانون “الكبتاغون””.

 

أبرز المحطات السياسية

مؤخراً تصدّرت اللقاءات الدبلوماسية المشهد السوري، ففي أوائل مايو 2025 قام الرئيس الشرع بأول زيارة رسمية له إلى أوروبا بزيارة باريس، حيث التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أكد دعم بلاده لـ”سوريا حرة ومستقرة” والتزامه بدعم السلام ومكافحة الإرهاب.

تلا ذلك جولة خليجية واسعة، ففي منتصف أبريل استقبلته الإمارات وقطر، ثم زار البحرين (11 مايو) وجالس قادتها مطالبًا برفع العقوبات، كما زار السعودية ومصر في الأشهر السابقة.

وفي القمة الخليجيةالأمريكية بالرياض (13 مايو 2025) التقى الرئيس الأمريكي ترامب بالرئيس الشرع كأول لقاء بين رئيسين سوري وأمريكي منذ 25 عامًا.

وأعلن ترامب في ذلك اللقاء عزمه “رفع جميع العقوبات” الأمريكية عن سوريا، وأمر الخزانة بإزالة القيود لتمكين الاقتصاد السوري من التعافي.

يقول القاضي: ” اليوم، لم يقتصر لقاء الرئيس الأمريكي بالرئيس السوري على جلسة حوارية فقط، بل وجه له دعوة رسمية لزيارة الولايات المتحدة، وأعرب عن تمنياته للحكومة السورية بالتوفيق”.

ويضيف: ” أعقب ذلك تقديم طلب رسمي للرئيس السوري الشرع للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو. وقبل أيام، زار وفد صيني العاصمة دمشق، كما سبقها زيارة للرئيس الشرع إلى فرنسا، وهناك دعوة قائمة لزيارة بريطانيا. كل هذه المؤشرات تدل على أن الإرادة السياسية للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن باتت تميل نحو إعادة تأهيل ودعم الإدارة السورية الجديدة”.

 

التأثير الاقتصادي المتوقع

يُرتقب أن ينعكس رفع العقوبات بصورة كبيرة على مؤشرات الاقتصاد السوري، فوفقًا لوزير المالية السوري، محمد برنية فإن “إعادة الاندماج في النظام المالي العالمي” هو أبرز نتاج متوقع لهذه الخطوة، إذ أشار الوزير إلى أن ذلك سيسمح باستئناف تدفقات التمويل وجذب استثمارات ضرورية في مختلف القطاعات.

ويوضح القاضي: ” كنتُ من أوائل من قال إن طائرة الرئيس ترامب لن تغادر مطار الرياض قبل صدور قرار برفع العقوبات عن سوريا”.

ويشير إلى أن السعودية يمكن أن تبادر والدول الصديقة إلى دعم هذه المرحلة من خلال إرسال فرق فنية تشرف على إرساء البنية التحتية اللازمة للنظام المصرفي السوري.

 

وتمتلك سوريا إمكانات واسعة في الزراعة والنفط والسياحة والبنى التحتية والنقل، وبعودة الشركات الأجنبية وتسهيل المعاملات المصرفية يمكن أن نشهد انتعاشًا تدريجيًا لهذه القطاعات.

ومع ذلك يجب الإشارة إلى أن المصرف المركزي يواجه عجزًا هائلًا في احتياطياته (لم تتجاوز 200 مليون دولار مقارنة مع 18.5 مليار قبل الحرب).

وكذلك تقلصت ودائع البنوك المحلية وحُرمت المصارف السورية من شبكات تحويل دولية (كـ“سويفت”) خلال السنوات الماضية.

لكن رفع العقوبات يعني استئناف التعاملات البنكية الدولية تدريجيًا، مما سيسهّل ضخ السيولة للخزينة وتعزيز النظام المصرفي، بحسب القاضي.

ويشير خبراء إلى أن القطاع المصرفي سيشهد انتعاشًا، فمثلاً توقع آنور جينتش المدير التنفيذي لمجموعة BBVA أن رفع العقوبات سيمكن بنوكًا تركية من تمويل مشاريع إعادة الإعمار الضخمة، وستصبح قادرة على تقديم القروض للسوريين والشركات العاملة في البلاد.

كما يُنتظر زيادة فرص جذب الاستثمارات الخليجية خصوصًا في مجالات النفط والغاز والاتصالات والطاقة، وقدَّر بعض المحللين إمكانية استثمار مئات المليارات في مشاريع بنية تحتية لتحسين الطرق والموانئ وخطوط الكهرباء والاتصالات. ويؤكد أسامة القاضي: “من المتوقع أن يشهد الاقتصاد السوري انتعاشًا ملحوظًا بعد رفع العقوبات، لكن التحدي الأكبر يكمن في البنية القانونية والتنظيمية، خصوصًا فيما يتعلق بجذب الاستثمارات وتطوير النظام المصرفي”.

 

العلاقة السوريةالأمريكية بعد رفع العقوبات

 

انتقل الملف السوري إلى مرحلة جديدة من التقارب، إذ أعلن الطرفان عن استئناف الحوارات الرسمية، وقد وصف محللون هذه الخطوة بأنها بمثابة اعتراف ضمني بالحكومة السورية الجديدة.

ويتوقع أن تُستأنف الاتصالات الدبلوماسية بشكل تدريجي، مع إعطاء القطاع الخاص الأمريكي مجالاً للمشاركة في إعادة الإعمار، بعد أن عرض الشرع على ترامب دخول الشركات الأمريكية للاستثمار في سوريا.

ومع ذلك ينبه المسؤولون السوريون إلى أن الطريق أمام إعادة اللاجئين وإعادة الإعمار طويل، وأن رفع العقوبات هو خطوة أولى فقط.

وبحسب الخبير القاضي، فإن هذه التطورات تعني «خروجًا حقيقيًا من العزلة الدولية، وعودة إلى الساحة الاقتصادية والمالية العالمية، بدعم مباشر من الأشقاء في السعودية وقطر وتركيا والإمارات».

 

دور الدول العربية والإقليمية

 

لعبت الرياض وأنقرة دورًا بارزًا في دفع واشنطن نحو هذه الخطوة، حيث كانتا “الداعمتين الأساسيتين” للحكومة السورية الجديدة، وعملت كلتاهما على إقناع ترامب بضرورة تغيير موقفه.

كما يظهر بيان الخارجية الإماراتية الترحيبي أثرًا لتناغم المواقف الخليجية، فقد أكد الإماراتيون دعمهم الكامل لرفع العقوبات وشكروا جهود السعودية في هذا المجال.

ويأمل قادة الإمارات أن يسهم القرار في “تعافي الاقتصاد والشروع في مرحلة إعادة الإعمار” وتحقيق التنمية والاستقرار في سوريا، كما أعلنت الإمارات اهتمامها بالمساعدة في جهود الأمن والنمو السوريين.

ولم تقتصر الموافقة الخليجية على التصريحات الرسمية، بل كان هناك تنسيق حثيث، ففي منتدى الرياض الاستثماري صفق الأمير محمد بن سلمان لترامب وهو يعلن الرفع، وحضّه علنًا على الاجتماع بالشرع ودعمه.

كذلك يُعدّ الدعم المالي الخليجي (من السعودية والإمارات والكويت وقطر) أحد الركائز المعلنة لتعزيز الاقتصاد السوري الجديد.

وتُظهر هذه التحركات الدبلوماسية الخليجية والإقليمية انسجامًا فريدًا حول الملف السوري.

ويؤكد أسامة القاضي: ” قريبًا، ستتحول سوريا إلى ورشة عمل كبرى، تمتد من محافظة القنيطرة جنوبًا إلى الساحل والحسكة شمالًا، دون استثناء أي منطقة”.

 

 

اقرأ أيضاً|| الليرة السورية إلى أين بعد رفع العقوبات؟.. خبير يحذّر من “فخ” ويكشف عن خيارين أمام الحكومة

 

ما لا تعرفه عن العقوبات الأمريكية على سوريا.. خبير يكشف عمّا سيحدث بعد رفعها

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *