اخر الاخبار

ما هو “سرّ” توقيت قرار أمريكا بحق بعثة سوريا بالأمم المتحدة.. “رسالة” أبعد من تحرك قانوني

نقلت تقارير إخبارية أن الولايات المتحدة غيرت تصنيف البعثة الدبلوماسية السورية لدى الأمم المتحدة اليوم، من بعثة دائمة لدولة عضو إلى بعثة تمثل حكومة غير معترف بها، وهو ما أكدته الخارجية السورية حيث اعتبرت أن الأمر يعود لأسباب تقنية وليس تغيير موقف من الحكومة الحالية.

ويشمل التغيير بحسب الخارجية الأمريكية تغيير تأشيرات الدبلوماسيين من فئة G1 إلى G3، مما قد يقيد امتيازاتهم.

إلا أن توقيت إعلان هذا التغيير يحمل دلالات عديدة، قرأها محللون وخبراء بأنها “رسالة” واضحة من واشنطن لدمشق بعد ضبابية بالموقف الأمريكي على مدى أشهر.

 

توقيت حساس

بحسب التقارير فإن القرار الصادر عن الخارجية الأمريكية جاء بمذكرة رسمية أرسلتها عبر بعثتها في الأمم المتحدة بتاريخ 3 أبريل 2025، أي بعد إعلان الحكومة الانتقالية السورية الجديدة بثلاث أيام.

وقال مصدر سوري فضّل عدم الكشف عن اسمه: إن “التغيير في تصنيف البعثة يعني انتقالها من فئة G1، التي تُمنح لأعضاء البعثات الدائمة للحكومات المعترف بها، إلى فئة G3، التي تُخصص لممثلي الحكومات غير المعترف بها”.

وأضاف: ” وفقًا لمعلومات من موقع وزارة الخارجية الأمريكية، فإن فئة G1 تمنح امتيازات دبلوماسية كاملة، بينما تُقيد فئة G3 حركة الأعضاء وامتيازاتهم، مما يعكس موقفًا رسميًا بعدم الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة”.

وحسب المعلومات فإن هذا الإجراء يشبه ما تم مع بعثات دول مثل فنزويلا في عهد نيكولاس مادورو أو أفغانستان تحت حكم طالبان قبل 2021.

ومن جانبها ردت الخارجية السورية، بحسب منشورات على منصة X، بأن الإجراء “تقني وإداري بحت” ولا يعكس تغييراً في الموقف من الحكومة الجديدة، مؤكدة أنها تتواصل مع الجهات المعنية لتوضيح السياق.

إلا أن المصدر ذكر أن الولايات المتحدة لم تحدد موقفها من الإدارة السورية الجديدة بعد سقوط نظام الأسد بل كانت ترسل إشارات إلى دمشق بشكل مباشر أو غير مباشر، بعضها حمل شروطاً للاعتراف بالحكومة الجديدة.

وأضاف المصدر: “قانونياً لا تزال الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية تصنّف هيئة تحرير الشام والعديد من قادتها بمن فيهم الرئيس السوري بقوائم الإرهاب، وهو ما ينعكس على الحكومة الجديدة”.

ويوضح المصدر أن الولايات المتحدة حددت الشروط مقابل الاعتراف بحكومة دمشق، لكنه أشار إلى أن الأمور لا يبدو أنها تسير بشكل جيد.

 

تصعيد دبلوماسي

 

وحسب خبراء فإن هذا التغيير قد يؤثر على قدرة البعثة السورية على المشاركة في الأنشطة الدبلوماسية في نيويورك، وقد يزيد من عزلة الحكومة الجديدة دوليًا، بالوقت الذي تبحث فيه الحكومة رفع العقوبات وتذليل العقبات أمام إعادة الإعمار في البلاد.

وفي حديث لوكالة ستيب الإخبارية يقول الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي: ” قرار الولايات المتحدة بتغيير الوضع القانوني للبعثة السورية في نيويورك يمثل تصعيدًا دبلوماسيًا لافتًا يحمل في طياته العديد من الدلالات والتساؤلات حول توقيته وتداعياته القانونية والسياسية”.

ويضيف: ” لا يمكن فصل هذا القرار عن سياق التطورات الإقليمية والدولية الراهنة. قد يكون التوقيت مرتبطًا بعدة عوامل محتملة، منها تشكيل الحكومة السورية الجديدة الذي لم يعجب واشنطن، أو الانتهاكات المسجلة بحق الأقليات مؤخراً بالساحل السوري، وعوامل أخرى مثل الضغط الإسرائيلي”.

ويوضح “سلامة” أن الإدارة الأمريكية الحالية بصدد مراجعة شاملة لسياستها تجاه سوريا، وقد يكون هذا القرار جزءًا من استراتيجية جديدة تهدف للضغط على الحكومة الجديدة”.

ويتابع: “رغم أن أعضاء البعثة سيظلون مؤهلين للحصول على تأشيرات G3، إلا أن هذا التصنيف قد يقلل من مستوى الامتيازات والحصانات الدبلوماسية التي كانوا يتمتعون بها بموجب تأشيراتهم. وبالتالي صعوبة في الحركة والعمل، حيث قد يواجه أعضاء البعثة قيودًا أكبر على حركتهم وعملهم داخل الولايات المتحدة، مما يعيق قدرتهم على أداء مهامهم الدبلوماسية بشكل فعال”.

ويشير “سلامة” إلى أنه على الرغم من أن هذا الإجراء اتخذته الولايات المتحدة بصفتها الدولة المضيفة، إلا أنه قد يؤثر سلبًا على قدرة البعثة على تمثيل سوريا والتعبير عن مواقفها داخل أروقة الأمم المتحدة.

ويشدد سلامة على أن قرار واشنطن خطوة دبلوماسية جريئة ومثيرة للجدل، تحمل في طياتها تساؤلات حول دوافعها وتوقيتها وتداعياتها القانونية والسياسية.

 

الحلول الممكنة

وفي وجهة نظر أخرى ذكر المصدر الأول الذي تحدث لـ”ستيب” شريطة عدم ذكر اسمه أن تغيير البعثة الحالية والحصول على تأشيرات دبلوماسية موسعة لن يكون بالأمر السهل، حيث ستضطر دمشق للتفاوض مع واشنطن من أجلها بهدف الاعتراف بالحكومة أولاً وبالتالي تنفيذ الشروط الأمريكية، أو على الأقل تقديم ضمانات بتنفيذ الشروط تدريجياً وهو ما يحتاج لوقت وجهد دبلوماسي حثيث.

 

ورغم أن الخارجية الأمريكية رحبت بتشكيل الحكومة السورية الجديدة واعتبرت أنها أكثر شمولاً من سابقتها إلا أن صحيفة “ذا هيل” الأمريكية أكدت اليوم أن الإدارة الأمريكية قدمت قائمة شروط للحكومة السورية الجديدة مقابل الاعتراف بها ورفع العقوبات عن سوريا، وأشارت مصادر الصحيفة إلى أن الإدارة الأمريكية تراقب تصرفات السلطات السورية لتحديد سياستها المستقبلية.

 

وحاولت وكالة “ستيب الإخبارية” التواصل مع الخارجية الامريكية للتعليق على هذا القرار، إلا أن المتحدث باسم الخارجية فضّل عدم التعليق في الوقت الحالي.

 

وتزامناً مع هذا اللغط السياسي والدبلوماسي نقلت وسائل إعلام فرنسية عن وزير الداخلية الفرنسية قوله إن “مستقبل سوريا لا يزال مجهولاً، ودور فرنسا هو عدم تحول نظام الحكم في سوريا إلى خلافة”، في إشارة إلى موقف حذر عادت فرنسا لتتخذه بعد الانفتاح الذي قادته الخارجية الفرنسية تجاه دمشق، تمثل بزيارة وزير الخارجي الفرنسي لسوريا واتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الشرع.

 

هل القرار بحق سفراء الأسد أم الشرع؟

وكان عدد من الناشطين السوريين في أمريكا تحدثوا بأن القرار الأمريكي هو موجهة للبعثة الدبلوماسية السورية التي كانت تمثل نظام الأسد، وهو بمثابة اعتراف بسقوط نظام الأسد تماماً، إلا أن خبراء أكدوا أن البعثة كانت كباقي البعثات السورية بالخارج تمثل الحكومة القائمة في دمشق وواصلت تسيير أعمالها كما تفعل باقي البعثات الدبلوماسية السورية في السفارات حول العالم، وبالتالي فإنه يفتح الباب أما ضغط كبير على الحكومة الجديدة، وجاء بهذا التوقيت ليزيد المصاعب أمامها.

أحد الصحفيين السوريين في أمريكا أكد أن الولايات المتحدة لا تزال تعتمد في مراسلاتها الداخلية اسم “السلطات التابعة لهتش” في إشارة إلى الحكومة السورية الجديدة، وهو ما يؤكد عدم اعترافها القانوني بها واعتبارها سلطات أمر واقع فقط.

 

وبحسب ما أجمع الخبراء فإن قرار الولايات المتحدة ليس عابراً بل نتيجة دراسة موسعة تجريها إدارة الرئيس ترامب بشكل مكثف للتعامل مع حكومة دمشق، وبالتالي فإن الإدارة السورية الجديدة أمام منعطف مهم يحتاج لجهد دبلوماسي كبير مع مساعدة من حلفاء سوريا الجدد سواء العرب أو تركيا وبعض دول أوروبا لتحقيق تقدم بالتواصل مع إدارة ترامب.

ما هو “سرّ” توقيت قرار أمريكا بحق بعثة سوريا بالأمم المتحدة.. “رسالة” أبعد من تحرك قانوني

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *