تعهّد وزير الحرب الأميركي بيت هيجسيث، السبت، بإعادة “هيمنة الولايات المتحدة العسكرية” في نصف الكرة الغربي، مع شروع واشنطن رسمياً في تغيير سياستها للأمن القومي نحو ساحتها الجغرافية الخلفية (الأميركتين).
وخفّضت الاستراتيجية الأميركية الجديدة للأمن القومي من التركيز على مواجهة الصين وروسيا، والتي كانت سمة أساسية لاستراتيجية إدارة الرئيس السابق جو بايدن، كما حذفت وصف بكين وموسكو بـ”القوى التعديلية” Revisionist Powers، الوارد في استراتيجية الأمن القومي لولاية دونالد ترمب الأولى.
أعلنت استراتيجية الولايات المتحدة الأمنية في ولاية ترمب الثانية، عن “مبدأ ترمب الملحق” بـ”مبدأ مونرو”، الذي اعتبر في عام 1823، أن نصف الكرة الغربي يقع في مجال النفوذ الأميركي، واقترحت إمكانية زيادة عدد القوات والقواعد والعمليات العسكرية في نصف الكرة الغربي، مع تغيير في آلية نشر القوات المسلحة الأميركية عالمياً للتصدي لـ”التهديدات العاجلة” في المنطقة.
وقال وزير الحرب الأميركي هيجسيث، إن “مبدأ مونرو”، “ساري المفعول”، و”أقوى من أي وقت مضى”، مشيراً إلى أن البنتاجون سيجعل “الدفاع عن الوطن الأميركي ونصف الكرة الغربي” جهده الأساسي”.
جاءت كلمة هيجسيث، في منتدى رونالد ريجان للدفاع في كاليفورنيا، السبت، بعد يوم من إصدار البيت الأبيض لاستراتيجيته للأمن القومي.
وتملك الولايات المتحدة حالياً، أكبر انتشار لسفنها الحربية في منطقة الكاريبي، مع أكثر من اثنتي عشرة سفينة وما يزيد على 14 ألف جندي. ونفذت واشنطن 22 ضربة ضد قوارب صغيرة بزعم أنها تهرّب المخدرات في الكاريبي وشرق المحيط الهادئ، ما أودى بحياة ما لا يقل عن 87 شخصاً، بينما تدرس شن هجمات على الأراضي الفنزويلية.
وفي كلمته، قال هيجسيث أيضاً، إن وزارة الحرب مستعدة لضمان “الوصول العسكري والتجاري الأميركي إلى مواقع استراتيجية مثل قناة بنما، ومنطقة الكاريبي، وخليج أميركا، والقطب الشمالي، وجرينلاند”.
كما أكد أنه على “جيران أميركا أن يقوموا بدورهم” أيضاً. وأشاد بتقدم المكسيك في هذا الجانب، لكنه قال إن الولايات المتحدة تريد رؤية المزيد وبسرعة أكبر.
أما نهج الولايات المتحدة تجاه الصين، فسيكون “غير موجه للهيمنة، بل لتحقيق توازن قوى”، مع سعي واشنطن لإظهار القوة، دون أن تكون “تصادمية”، حسبما أشار وزير الحرب الأميركي.
وقال: “وظيفتنا أن نضمن أن ترى بكين القوة العسكرية الأميركية التي لا يمكن التشكيك فيها”، وأن نحمل الصين على احترام مصالح أميركا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
واعتبر هيجسيث، أن هناك تهديدات في أوروبا والشرق الأوسط، “لا يمكننا تجاهلها، ولا ينبغي لنا ذلك”، لكنه قال إن دول تلك المناطق لم يعد بإمكانها “الاعتماد مجاناً” على الدفاع الأميركي.
ما عقيدة مونرو؟
في عام 1823 أعلن الرئيس الأميركي جيمس مونرو، أن الولايات المتحدة هي حامية نصف الكرة الغربي. أصبحت العقيدة ركيزة أساسية في السياسة الخارجية الأميركية، ومهّدت الطريق للممارسات التوسعية والتدخلية للولايات المتحدة في العقود اللاحقة.
وينص مبدأ مونرو، على أن الولايات المتحدة لن تتدخل في شؤون الدول الأوروبية، ولا في صراعاتها أو مستعمراتها القائمة.
كما ينص أيضاً على أن نصف الكرة الأرضية الغربي، لم يعد مفتوحاً للاستعمار الأوروبي، وأن أي محاولة من قوة أوروبية للقيام بذلك ستُعدّ عملاً عدائياً ضد الولايات المتحدة.
أبرز بنود “مبدأ مونرو” السياسي
- الولايات المتحدة لن تتدخل في شؤون الدول الأوروبية، ولا في صراعاتها أو مستعمراتها القائمة.
- نصف الكرة الأرضية الغربي، لم يعد مفتوحاً للاستعمار الأوروبي.
- أي محاولة من قوة أوروبية للقيام بذلك ستُعدّ عملاً عدائياً ضد الولايات المتحدة.
وكانت الحكومة الأميركية قلقة من أن القوى الأوروبية، خصوصاً روسيا وإسبانيا وفرنسا، في ذاك الوقت، قد تتعدى على مجال النفوذ الأميركي عبر إنشاء مستعمرات جديدة في الأميركتين.
من عمل على صياغة “عقيدة مونرو”؟
اقترح جورج كانينج، وزير الخارجية البريطاني، أن تُصدر بريطانيا والولايات المتحدة إعلاناً مشتركاً، لأن كلا البلدين كان له مصلحة في الحد من الاستعمار الأوروبي في الأميركتين.
لكن جون كوينسي آدامز، وزير الخارجية الأميركي، نصح برفض الفكرة، وأصدر الرئيس جيمس مونرو إعلاناً منفرداً لتجنّب أي ما قد يقيّد الطموحات التوسعية للولايات المتحدة.
وعند صياغتها، لم تكن الولايات المتحدة تملك القوة العسكرية الكافية لفرض العقيدة.
وبعد أن أصبحت قوة عالمية، جاء ملحق روزفلت لعقيدة مونرو في عام 1904، ليؤكد دور الولايات المتحدة كـ”شرطي” نصف الكرة الغربي، وحقّها في التدخل في شؤون أميركا اللاتينية.
