اخر الاخبار

مخاوف حول المرونة وتفاؤل بالاستقلالية

– هاني كرزي

شهدت التشكيلة الحكومية الجديدة تأسيس وزارة للرياضة والشباب لأول مرة في تاريخ سوريا، لتكون بديلًا عن الاتحاد الرياضي العام الذي كان أداة بيد الأسد لتحقيق أجنداته، ما أثار حالة من التفاؤل لدى الجماهير، بأن تسهم هذه الوزارة بالنهوض بالرياضة السورية، فيما تثار مخاوف حيال المرونة والاستجابة الأسرع لاحتياجات القطاع.

وزارة الرياضة والشباب يترأسها محمد سامح الحامض، الذي عُيّن رئيسًا للاتحاد الرياضي العام بعد سقوط الأسد، ليحل محل فراس معلا في رئاسة المؤسسة الرياضية الأعلى في البلاد.

إنهاء وصاية الحزب على الرياضة

تأسس الاتحاد السوري لكرة القدم عام 1936، وانضم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم في 1937، وإلى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في 1969، ويعد من أقدم اتحادات كرة القدم في المنطقة.

في عهد الأسد تحوّل الاتحاد الرياضي العام إلى ذراع بيد النظام لخدمة أجنداته، ففي بداية الثورة السورية، حوّل اتحاد الكرة ملعبي “العباسيين” و”الجلاء” في دمشق، وملعب “الحمدانية” في حلب، وملاعب درعا ودير الزور، إلى ثكنات عسكرية ومراكز اعتقال أو مهابط للطائرات المروحية.

الاتحاد الرياضي العام كان غارقًا في الفساد والأخطاء الإدارية والفوضى والخلافات، والتي أثرت بشكل سلبي على مستويات الأندية والمنتخبات السورية، التي فشلت في عهد الأسد بتحقيق أي إنجاز بارز.

بعد يوم من سقوط الأسد، أصدرت أندية كرة القدم في سوريا بيانًا مشتركًا عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب فيه بإنشاء وزارة للرياضة.

وجاء في البيان الصادر في 9 من كانون الأول 2024، “نحن جميع الأندية الرياضية في سوريا الحرة، نطالب بإنشاء وزارة للرياضة تحمي الرياضيين والمنشآت الرياضية وتكفل حرية الإعلام الرياضي“.

وأضاف البيان، “تعمل هذه الوزارة على مساعدة الأندية، للاستفادة من استثماراتها، وتؤمّن لها موارد ثابتة تساعدها في النهوض بجميع الألعاب التي تمارسها أسوة بجميع الدول المتقدمة رياضيًا”.

المطالب الكثيرة بإنشاء وزارة للرياضة والشباب تحولت إلى واقع، بعدما أعلن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خلال مراسم تشكيل الحكومة الجديدة، تأسيس وزارة للرياضة والشباب.

وقال الصحفي الرياضي أنس عمو، إن الرياضة سابقًا كانت تحت مسمى الاتحاد الرياضي العام، وبالتالي كل المنظمات أو النقابات كانت تتبع إلى وصاية حزب “البعث”، وهذا الشيء كان واضحًا تمامًا حتى ضمن المراسلات الصادرة عن الاتحاد الرياضي، إذ كانت تُختتم الرسالة بعبارة “والخلود لرسالتنا”، وكأن أي بيان أو قرار رياضي أشبه برسالة حزبية سياسية.

وأضاف عمو، ل، أن الوصاية الحزبية كانت تجبر الرياضة على العمل تحت مظلة سياسية، وبالتالي فإن كل عمل رياضي كان مسيّسًا، وأي إنجاز يتحقق على الصعيد الفردي أو الجماعي، كان يتحوّل إلى مكسب سياسي للنظام السوري المخلوع.

مكاسب بالجملة

تشكيل وزارة للرياضة والشباب في سوريا، خلق حالة تفاؤل لدى الجماهير السورية، بأن هذه المؤسسة الجديدة ستسهم بالنهوض بالرياضة السورية مستقبلًا.

ويرى الصحفي أنس عمو، أن تشكيل وزارة للرياضة والشباب في سوريا سيحقق الكثير من المكاسب والفوائد منها:

  • استقلالية العمل الرياضي، أي أن السياسة لن تتحكم مستقبلًا بالرياضة.
  • ستصبح هناك مخصصات ثابتة من الموازنة العامة للدولة لمصلحة وزارة الرياضة.
  • منح قرار سيادي للرياضة السورية، وبالتالي فإن القائمين على هذا الجسم الرياضي لن يتلقوا أي إملاءات من الحزب أو جهة سياسية أو حكومية أخرى.
  • حرية ومرونة أكبر بالتعامل مع مختلف القضايا الرياضية، إذ أصبح هناك وزير يمنح المرجعية في القرار الرياضي، بينما من قبل كانت الرياضة دون أي مرجعية ثابتة.
  • الوزير سيكون تحت المراقبة ووصاية رئاسة الجمهورية، وبالتالي يصبح من حق مجلس الشعب أن يحاسب الوزير على أي انتهاكات، وهذا يجعل الوزير يعمل بمصداقية أكبر
  • الملاعب والمنشآت الرياضية أصبحت تتبع لوزارة الرياضة، وهذا يمنح استقلالية أكبر باتخاذ قرارات رياضية مرتبطة بصيانة وتطوير تلك المنشآت، وجني الأرباح من الاستثمارات.
  • سيتم إلغاء اللجان التنفيذية واستبدالها بمديريات الرياضة والشباب بمختلف المحافظات، وفي كل مديرية ستكون هناك مكاتب للاتحادات، وهذا يعني استقلالية أكبر من اللجان التنفيذية السابقة.

رأي مختلف

يرى الحكم السوري الدولي فراس الخطيب، ل، أن أهمية تأسيس وزارة رياضة في سوريا، يعتمد على حجم الميزانية التي ستخصص لها من قبل الحكومة.

ويرى الخطيب أنه كان من الأفضل في ظل هذه المرحلة الحرجة للبلد، إنشاء هيئة شباب ورياضة بدل الوزارة، لأن مجال الهيئات أوسع وأكثر مرونة بالنهوض برياضة سوريا.

ولفت الخطيب إلى أن الهيئة الرياضية يمكنها أن تنافس الشركات الراعية، وتعمل على تخصيص الأندية وفتح باب الاستثمارات، أما وزارة الرياضة فلا يختلف عملها كثيرًا عن الاتحاد الرياضي، وسوف يتوقف عمليًا على حجم المخصصات التي ستحصل عليها من الحكومة، والموافقات من الجهات الأعلى لصرف الأموال، ما يعوق ويبطئ العمل الرياضي.

المطلوب من وزارة الرياضة

الحكم فراس الخطيب طالب باتخاذ عدة خطوات من قبل وزارة الرياضة والشباب السورية، أبرزها الاستعانة بالخبرات السورية الموجودة في أوروبا، حيث يوجد الكثير من السوريين الذين مارسوا العمل الرياضي في دول أوروبا واكتسبوا الكثير من الخبرات.

وطالب الخطيب الوزارة بإنشاء دورات متتالية ومعسكرات لجميع الاختصاصات من حكام ومدربين ومقيمين وإداريين على مستوى الأعمار الصغيرة، باعتبارهم جيل المستقبل الذي سيعمل على تطوير رياضة البلد.

بدوره دعا الصحفي الرياضي أنس عمو، وزارة الرياضة والشباب لاتخاذ عدة خطوات منها:

  • رسم سياسة تنظيمية وهيكلة الرياضة على المدى القريب، من ناحية العمل والناحية المؤسساتية بدءًا من الصفر، وفق معايير عصرية بما يتوافق مع المرحلة الحالية، ومنح استقلالية للاتحادات الرياضية.
  • رسم سياسة مستقبلية على المدى البعيد، ما بين خمس الى عشر سنوات بكافة الألعاب والفئات العمرية، بالاعتماد على الكفاءات الفنية والعلمية.
  • الاعتماد على الكوادر المؤهلة وأصحاب الشهادات الجامعية واللغات والخبرات الرياضية.
  • إعادة النظر بالموظفين العاملين في القطاع الرياضي، وصرف غير الكفء أو تحويله لمؤسسة أخرى بما يتوافق مع مؤهلاته.
  • إيجاد فريق عمل خاص بالوزير من نائب وزير ومستشارين رياضيين، من أصحاب الشهادات العليا رياضيًا وأصحاب الخبرات وخصوصًا المغتربين خارج سوريا.
  • إعادة لم شمل أبناء الرياضة السورية إن كان خارج البلد أو داخلها، بعدما شتتهم النظام المخلوع الذي كان يعمل على تقسيم الرياضيين إلى ولاءات و”لوبيات” تخدم مصالحه.
  • العمل على تأهيل المنشآت الرياضية وتطويرها في سوريا، حيث توجد حاليًا اتفاقية مع دولة قطر لتأهيل خمسة ملاعب كرة قدم.
  • العمل على تأهيل صالات الألعاب الفردية ومقار الأندية، ومنحها مرونة أكبر بالاستثمارات وتأمين عوائد أكبر للأندية.
  • سن قوانين رياضية جديدة ونظام داخلي على صعيد الوزارة أو الاتحادات الرياضية أو على صعيد الأندية، بحيث تكون متوافقة مع القوانين الدولية.

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *