مخلفات الحرب في سوريا.. تهديد يعوق عودة النازحين
برنامج “مارِس” التدريبي- مجد الويّو
تتكرر حوادث الانفجارات الناتجة عن مخلفات الحرب والألغام، التي تودي بحياة العديد من الأشخاص في مختلف المناطق السورية التي كانت تحت سيطرة نظام الأسد المخلوع.
وبعد سقوط نظام الأسد، و انسحاب قواته من مناطق سيطرته سابقًا، ترك وراءه أشكالًا عديدة من مخلفات الحرب، مثل الألغام الأرضية، والقذائف غير المنفجرة، والذخائر المميتة، وتشكل هذه المخلفات تهديدًا مستمرًا لحياة المدنيين.
وفق تقرير للدفاع المدني السوري، في 24 من كانون الأول 2024، فإن الألغام ومخلفات الحرب تعد بمثابة “موت مؤجل”، إذ تظل قابلة للانفجار لسنوات مقبلة، مهددة حياة المدنيين ومناطقهم السكنية والزراعية.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في عمليات إزالتها، فإن خطر مخلفات الحرب لا يزال قائمًا، وهنا تبرز أهمية التوعية للحد من حوادث انفجارها إلى أن تنتهي عمليات الإزالة بشكل كامل، والتي من المحتمل أن تستمر لفترات طويلة.
ضحايا دون حرب
قال الدفاع المدني السوري ل، إن حصيلة ضحايا حوادث انفجارات مخلفات الحرب وصلت منذ سقوط النظام، في 8 من كانون الأول 2024، إلى 24 مدنيًا.
ومن بين الضحايا 8 أطفال وامرأة، كما أصيب 30 مدنيًا بينهم 12 طفلًا بجروح منها بليغة، في انفجارات لمخلفات الحرب والألغام في مختلف المناطق السورية، بين 27 من تشرين الثاني و27 من كانون الأول 2024.
بدورها، وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقرير لها مقتل 3521 مدنيًا نتيجة انفجار الألغام الأرضية، من بينهم 931 طفلًا و362 إمرأة، بالإضافة إلى 7 من كوادر الدفاع المدني، و8 من الكوادر الطبية، و9 من الكوادر الإعلامية، منذ آذار 2011 وحتى نهاية 2024.
ومن بين الضحايا 45 مدنيًا بينهم 6 أطفال و4 نساء منذ 27 من تشرين الثاني حتى 31 من كانون الأول 2024.
وقدّرت “الشبكة” عدد المصابين بأكثر من 10400 شخص بإصابات متفاوتة.
وكانت سوريا سجلت أكبر عدد ضحايا للألغام الأرضية عالميًا لمدة ثلاث سنوات (2020 و2021 و2022).
تهديد يعوق العودة
قال الدفاع المدني السوري،، إن هذه المخلفات التي تركها النظام السابق تهدد حياة السوريين وتعوق رحلتهم في البحث عن الأمان، والعودة إلى منازلهم والعمل في مزارعهم بمناطق سورية واسعة.
وفي مقابلات أجرتها مع سكان من مخيم “شمس الحرية” في الدانا بإدلب، لرصد الأسباب التي تعوق عودتهم إلى منازلهم بعد سقوط النظام، قال محمد عبد القادر، وهو من مدينة خان شيخون بإدلب، إن أحد العوامل الأساسية التي تهدد عودتهم إلى منازلهم هو انتشار الألغام بمحيط منطقتهم.
وقالت نورة المحمد، وهي من ريف حمص الشرقي ومقيمة أيضًا في نفس المخيم، إنها لن تستطيع العودة إلى قريتها من قبل أن تتم إزالة مخلفات الحرب والألغام منها.
أشار تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” إلى أن الألغام الأرضية تمثل عائقًا رئيسًا أمام عودة النازحين إلى منازلهم، كما تعوق حركة فرق الإغاثة والدفاع المدني وآلياتها.
جهود لإزالة مخلفات الحرب
تعتبر إزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار من المواقع التي توجد فيها الطريقة الأكثر أمانًا لحماية المدنيين من مخاطرها، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتعد هذه العملية مكلفة وخطيرة، وتتطلب في كثير من الأحيان تدريبًا متخصصًا، ومعدات متطورة باهظة الثمن، بالإضافة إلى وقت طويل.
وأفاد الدفاع المدني ل، أنه خلال الفترة بين 26 من تشرين الثاني و29 من كانون الأول 2024، نفذت فرق التخلص من الذخائر غير المنفجرة في فرق الدفاع 363 عملية تطهير تم خلالها التخلص من 759 ذخيرة غير منفجرة.
ووفقًا لما ذكره الدفاع المدني عبر موقعه الرسمي، فإن جهود إزالة الألغام ومخلفات الحرب تتركز على الحد من المخاطر التي تهدد المدنيين، وإن نطاق التلوث توسع بشكل كبير بعد المعارك الأخيرة، حيث أصبحت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والبلدات بمثابة حقول ألغام خطرة، ما يتطلب جهودًا مكثفة للتطهير والإزالة.
وبحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، قد تستغرق إزالة مخلفات الحرب القابلة للانفجار سنوات عديدة.
وحتى تحقيق ذلك، يجب اتخاذ تدابير أخرى للحد من خطر هذه المخلفات على المدنيين وتقليل احتمالات وقوع قتلى أو جرحى.
ومن الممكن أن تسهم الاحتياطات الممكنة، مثل وضع علامات تحدد أماكن وجود المتفجرات في المناطق الملوثة، وتسييج تلك المناطق ومراقبتها، إضافة إلى إطلاق التحذيرات وتوعية السكان بالمخاطر، في مساعدة الناس على العيش بأمان رغم وجود تلك المخلفات.
بدوره، قام الدفاع المدني بتحديد 112 حقل ألغام ونقاط لوجود الألغام (بما في ذلك الألغام المضادة للدبابات وأخرى للأفراد) في إدلب وحلب وحماة واللاذقية.
وحددت فرق المسح في الدفاع 72 منطقة خطرة في شمال غربي سوريا.
كما وثقت “الشبكة السورية” انفجارات الألغام والذخائر العنقودية، وأعدت خرائط تقريبية للمناطق الملوثة بالألغام في سوريا، وأضافت أن هذه الخرائط تساعد في تحديد مناطق الخطر وتسهيل جهود إزالة الألغام، بالإضافة إلى زيادة التوعية بين السكان والسلطات لحماية الأرواح.
حملات توعية
أفاد الدفاع المدني أن فرقه قدمت 177 جلسة تدريب عملي للسكان قبل عودتهم إلى المناطق التي نزحوا منها، بالإضافة إلى حملات التوعية المستمرة التي يشاركها الدفاع على منصات التواصل الاجتماعي من أجل زيادة الوعي تجاه أجسام مخلفات الحرب الخطرة.
ويدعو الدفاع في حملته التوعوية إلى اتباع القاعدة الذهبية للحماية “لا تقترب، لا تلمس، بلّغ فورًا”، مؤكدًا على ضرورة تجنب أي جسم غريب قد يكون لغمًا للحماية من هذا الخطر.
بدورها، قامت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” بالمشاركة بحملات التوعية من خلال إرشادات تشمل تجنب المناطق الملوثة بالألغام، وعدم لمس الأجسام المشبوهة، والإبلاغ عنها.
ما مخلفات الحرب
يأتي مصطلح مخلفات الحرب أو مخلفات الحرب القابلة للانفجار، للتعريف عن الذخائر المتفجرة بجميع أشكالها وأنواعها، المتروكة أو غير المنفجرة، التي تبقى في مناطق النزاعات المسلحة وساحات الحرب أو القصف، وفقًا لتقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتضم هذه الذخائر قذائف المدفعية والقنابل اليدوية وقذائف الهاون والقذائف الأخـرى و الصواريخ وسائر أشكال وأنواع الذخائر المتفجرة.
وتصنف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الذخائر غير المنفجرة أنها من أخطر مخلفات الحرب القابلة للانفجار.
ويستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى الذخائر التي تم إطلاقها أو قذفها ولكنها لم تنفجر بالشكل المتوقع.
ويعتقد العديد من المدنيين في بعض الأحيان أن هذه الأسلحة غير ضارة، بينما هي في الواقع خطيرة وقاتلة، وقد تنفجر في العديد من الحالات عند لمسها أو تحريكها.
ويقول الدفاع المدني إن مخلفات الحرب، مثل الألغام والذخائر غير المنفجرة، الناجمة عن قصف النظام السابق، تشكل خطرًا مستمرًا وطويل الأمد على حياة المدنيين في سوريا، حيث تظل قابلة للانفجار لسنوات مقبلة، وتؤثر على المناطق السكنية والزراعية وأماكن لعب الأطفال.
ما أخطرها
ذكر الدفاع المدني في تقرير له، أن أخطر أنواع مخلفات الحرب هي القنابل العنقودية، بسبب استخدامها المكثف من قبل نظام الأسد، وانخفاض نسبة انفجارها الفوري عند ارتطامها بالأرض مقارنة بالذخائر الأخرى.
وتنتشر هذه القنابل بشكل عشوائي على مساحات واسعة نتيجة انفجار الحواضن التي تحملها الطائرات أو الصواريخ، ما يزيد من خطورتها.
بحسب الأمم المتحدة، تعد القنابل العنقودية المحرمة دوليًا، من أخطر مخلفات الحرب لأنها تترك وراءها كميات كبيرة من الذخائر غير المنفجرة التي تنتشر عشوائيًا في مناطق واسعة، ما يؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين.
كما أن تصميم القنابل الصغيرة ذات الألوان البراقة يجعلها مغرية للأطفال، ما يزيد من خطرها على حياتهم.
ووثق الدفاع المدني السوري استخدام نظام وروسيا لأكثر من 11 نوعًا من القنابل العنقودية، جميعها من الصناعة الروسية، مما زاد من المخاطر في شمال غربي سوريا، خاصة مع صعوبة حصر المناطق الملوثة بهذه القنابل واستمرار استخدامها في الهجمات ضد المدنيين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي