أصدرت وكالة الاسخبارات المركزية الأميركية CIA، مراجعةً تنتقد كيفية توصلها إلى تقييمها بأن روسيا سعت للتأثير على انتخابات عام 2016 لصالح دونالد ترمب، لكنها وجدت أن الخلاصة النهائية كانت سليمة، حسب ما أفادت مجلة “بوليتيكو”.

ووفق المراجعة التي أمر بها مدير الوكالة، جون راتكليف، فإن التقييم الأولي، الذي أدانه ترمب وحلفاؤه، أُجري بسرعة كبيرة، وشهد تدخلاً مفرطاً من قِبل قادة وكالة الاستخبارات. إلا أن المراجعة لم تُشكك في استنتاجات التقييم، حيث وجدت أنه أظهر “التزاماً قوياً بمعايير الاحترافية”، وأن “دقته التحليلية فاقت دقة معظم تقييمات الاستخبارات المركزية”.

وتُعد هذه المراجعة، المكونة من ثماني صفحات، الحلقة الأخيرة في ملحمة طويلة الأمد حول حملة نفوذ روسية، قال مسؤولون إنها سعت إلى الإضرار بهيلاري كلينتون ومساعدة ترمب في انتخابات فاز بها في النهاية بفارق ضئيل.

“مصدر وحيد”

وشككت المراجعة في ثقة وكالة الاستخبارات المركزية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، في التقييم الذي يفيد بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يطمح” لمساعدة ترمب، مشيرةً إلى أنها استندت إلى “مصدر واحد” وليس إلى مصادر متعددة كما هو مطلوب، لكن المراجعة لم تعارض التقييم بأن بوتين كان يحاول الإضرار بفرص كلينتون.

وأشارت المراجعة إلى أنها لم تُشكك في “جودة ومصداقية” تقرير وكالة الاستخبارات المركزية، الذي بني عليه التقييم.

وقال راتكليف في بيان صحافي، الأربعاء: “لقد خلق رؤساء الوكالة آنذاك بيئةً مشحونةً سياسياً، مما أدى إلى عملية تحليلية غير نمطية حول قضية جوهرية لديمقراطيتنا”. وأضاف: “في عهدي، أنا ملتزم بضمان قدرة محللينا على تقديم تقييمات صريحة خالية من أي تأثير سياسي”.

ومع ذلك، فقد أيدت المراجعة إلى حد كبير تقييم عام 2016، واعتبره العديد من المسؤولين الأميركيين السابقين المشاركين في إعداده بمثابة تصويت بالثقة في عملهم.

وقالت بيث سانر، نائبة مدير الاستخبارات الوطنية السابقة لشؤون تكامل المهام: “يتساءل الناس عمّا إذا كان بإمكانهم الوثوق بتحليلات مجتمع الاستخبارات في ظل البيئة المُسيّسة”. وأضافت: “هذا سؤال وجيه، ولا ينبغي أن يكون هناك تاريخ مُحدد لطرحه. لكن هذا التقرير يُشير إلى أن الإجابة، في الوقت الحالي، تبقى نعم”.

وأكد محللون سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية، أن مراجعات تحليلات الاستخبارات ليست نادرة.

لماذا الآن؟

وقالت إميلي هاردينج، المحللة السابقة في الاستخبارات الأميركية: “مراجعات ما بعد العمل أمر طبيعي للغاية”، خاصةً إذا كان يتعلق بأمر بارز أو مثير للجدل.

وأضافت هاردينج، المديرة الحالية لبرنامج الاستخبارات والأمن القومي والتكنولوجيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: “القضايا التي يُسلّط عليها هذا التقرير طبيعية للغاية أيضاً. إنه لمن دواعي الرفاهية ألا يكون لدى المحلل إطار زمني مُختصر”.

وتشير “بوليتيكو”، إلى أنه في حين أن مثل هذه المراجعات ليست نادرة، إلا أنه من النادر نشرها للعامة.

وقال محلل سابق في CIA، رفض كشف هويته للتحدث بصراحة عن عملية الاستخبارات: “السبب الوحيد لنشر هذا الأمر هو لدواع سياسية”.

,لم تُجرَ مراجعة لتقييم عام 2017 حتى اليوم لأنه “كان حساساً للغاية من الناحية السياسية”، وفق مراجعة وكالة الاستخبارات المركزية.

وكتب راتكليف في منشور على منصة “إكس”: “يستطيع العالم أجمع الآن رؤية الحقيقة: برينان وكلابر وكومي تلاعبوا بالمعلومات الاستخباراتية وأسكتوا المهنيين – كل ذلك للإيقاع بترمب”. وفي منشور آخر، قال إن تقييم عام 2016 أُنتج في عملية “غير نمطية وفاسدة”.

وهيمن التحقيق في جهود الكرملين للتأثير على الانتخابات الرئاسية لعام 2016، واتصالات حملة ترمب بالمسؤولين الروس، على معظم فترة ولاية الرئيس الأولى.

ولم يجد تحقيقٌ أجراه محققٌ خاصٌّ بقيادة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق روبرت مولر، أيَّ دليلٍ على سعي حملة ترمب للتواطؤ مع هذه المساعي.

دوافع سياسية

وهاجم الرئيس الأميركي بانتظام مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق، جون برينان، الذي قاد الوكالةَ أثناء تحقيقها في مساعي موسكو للتدخل، وألغى تصريحه الأمني ​​في عام 2018 في خطوة قالت “بوليتيكو” إنها كانت انتقامية بشكل واضح.

وكانت نقطةُ الخلاف الرئيسية لترمب وغيره من منتقدي التقرير هي إدراج ملف “ستيل” في ملحق تقييم مجتمع الاستخبارات لعام 2016 – وهو تقريرٌ غيرُ مُثبتٍ، وقد فُندَدَ الآن إلى حدٍّ كبير، والذي أشار إلى وجود تشابكاتٍ واسعةٍ بين ترامب والروس.

وفي مراجعة موسعة للتقييم الذي أجري في عام 2016، كجزء من التحقيق الواسع النطاق بشأن روسيا، لم تجد لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في عام 2020 أي “مشكلات تحليلية كبيرة” في عمل وكالات التجسس الأميركية.

كما أولت لجنة الرقابة، التي كان يرأسها آنذاك السيناتور الجمهوري، ريتشارد بور، من ولاية ساوث كارولاينا، اهتماماً إضافياً للتقييم الذي يفيد بأن بوتين “يطمح” لمساعدة ترمب.

من جانبها، خلصت لجنة مجلس الشيوخ الأميركي، إلى أن خلاف الوكالات كان “معقولاً وشفافاً وتمت مناقشته بشكل مفتوح”. وذكر المجلد الرابع من مراجعتها، الذي امتد لأكثر من 150 صفحة، أن جميع الشهود الذين قابلتهم اللجنة لم يروا “أي محاولات أو ضغوط لتسييس النتائج”.

شاركها.