مزارعو رأس العين غاضبون من تسعيرة القمح: استغلال وإجحاف
خلقت الأسعار التي حددتها “الحكومة السورية المؤقتة” لشراء القمح من الفلاحين حالة غضب واستياء بين المزارعين في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة، واعتبروها مجحفة وأقل من تكاليف الإنتاج الفعلية من بذور وأسمدة وري وعمالة.
واعتمدت “المؤقتة” تسعيرة وفق قرار سابق صدر في أيلول 2023، وحددت سعر الطن من القمح الطري من الدرجة الأولى بـ220 دولارًا، والطن من الدرجة الثانية بـ215 دولارًا، بينما حدد سعر طن القمح من الدرجة الثالثة بـ210 دولارات أمريكية، وأضافت مكافآت متفاوتة على سعر الطن.
واعتبر مزارعون في رأس العين وتل أبيض أن “المؤقتة” تهدر محاصيلهم، ولا تعاملهم بطريقة عادلة، خاصة أنها أضافت خمسة دولارات على سعر كل طن في المدينتين كـ”مكافأة”، بينما أضافت 25 دولارًا على سعر الطن في ريفي حلب الشمالي والشرقي.
ولم تحدد “المؤقتة” أسعار القمح القاسي، ما زاد من مخاوف المزارعين من عدم استقبال “المؤقتة” للقمح القاسي، والذي يعد الأكثر زراعة في رأس العين.
وتعد هذه الأسعار أقل من موسم 2023، حين كان سعر الطن من القمح القاسي 330 دولارًا، والطري 285 دولارًا.
لا تغطي التكاليف
ماجد العدنان مزارع من قرية الدردارة شرقي رأس العين، قال ل إن السعر الذي حددته الحكومة “المؤقتة” لا يغطي تكاليف الزراعة، وذكر أنه اشترى طن بذار القمح بسعر 450 دولارًا، بالإضافة إلى تكاليف الطاقة الشمسية التي تجاوزت 12 ألف دولار لأرضه البالغة مساحتها 95 دونمًا.
واعتبر أن هذه التسعيرة بمثابة “تجويع وإفقار للمزارعين”، ولا تكفي حتى أجور العاملين، مشيرًا إلى أنه اتخذ قرارًا ببيع ألواح الطاقة الشمسية وجزء من أرضه، ومحاولة الهجرة إلى أوروبا أو تركيا لبدء حياة جديدة.
من جانبه راشد الطيب، مزارع آخر من قرية حروبي غربي رأس العين، قال إنه يعمل في مجال الزراعة منذ أكثر من 30 عامًا، ولم يواجه أوضاعًا صعبة مثل هذه من قبل.
وأوضح أن أسعار القمح الطري انخفضت بشكل كبير وغير منطقي هذا العام، من 280 دولارًا أمريكيًا للطن الواحد في موسم 2023 إلى 220 دولارًا فقط هذا العام، مضيفًا أن هذا السعر يعرضه لخسائر مادية ويراكم الديون عليه.
وأشار إلى أنه في ظل الظروف الحالية لا يستطيع تغطية تكاليف الإنتاج، مثل تكاليف البذور والأسمدة ومعدات الري، وسيضطر لبيع ماشيته وأدواته الزراعية من أجل سداد الديون.
وينتاب الخوف المزارع زيدان الوضيحي من عدم قدرته على تسويق القمح القاسي من أرضه البالغة 100 دونم، مشيرًا إلى أن الحكومة لم تفِ بالتزاماتها تجاه السكان، وتتعامل معهم كالتجار المتحكمين في السوق الحرة.
وطالب بضرورة إيجاد جهة تستقبل المحصول هذا العام أو فتح الطرق لتوريده إلى مناطق السيطرة الأخرى، أو أن تتكفل الحكومة “المؤقتة” بتسويق المحاصيل بأسعار تترك للمزارعين هامشًا من الربح، لتوفير احتياجاتهم ومصاريف عائلاتهم.
أسعار منخفضة وإنتاج متراجع
رئيس مكتب الزراعة في المجلس المحلي برأس العين، عمر حمود، قال ل إن التسعيرة ليست متناسبة مع التكاليف العالية التي وضعها المزارعون لمحصول القمح لهذا العام.
وأوضح أن الإنتاج بشكل عام انخفض هذا العام بشكل كبير، حيث لم يتجاوز في القسم الأكبر من الأراضي 150 إلى 200 كيلوغرامًا في الدونم، أما في الأعوام السابقة، فكان الإنتاج لا يقل عن 350 كيلوغرامًا للدونم.
وأضاف أن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح القاسي هذا العام بلغت 69 ألف دونم، ومساحة القمح الطري 40 ألف دونم.
وعلى الرغم من توجه الغالبية من المزارعين إلى القاسي بسبب سعره الذي كان في العام السابق 330 دولارًا، لم تصدر الحكومة أي تعليمات لشراء القمح القاسي واكتفت بتسعير الصنف الطري بـ220 دولارًا للدونم، وهذا لا يغطي جزءًا من المصاريف.
وطالب حمود “الحكومة المؤقتة” بإعادة النظر بتسعيرة الحبوب التي أصدرتها هذا العام، وعدم ترك الفلاحين والمزارعين تحت رحمة التجار الذين يشترون المحاصيل بأسعار متدنية لا تناسب احتياجات الأهالي والتكلفة المعيشية للسكان.
وتعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها أغلبية سكان منطقة رأس العين، وهي تشكل مصدرًا رئيسًا للدخل للسكان.
وتواجه المحاصيل الزراعية في رأس العين صعوبات التصريف، وتحكم التجار، وغياب الجهات الحكومية عن شراء المحاصيل الاستراتيجية في المنطقة.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي