أثار الاتفاق التجاري الذي توصل إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الاتحاد الأوروبي، الأحد، ردود فعل متباينة داخل التكتل، ففي حين رأى فيه البعض بارقة أمل بعد أشهر من التوترات، أعرب آخرون عن قلقهم بشأن نهج ترمب تجاه أوروبا.

وتوصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق تجاري ينصّ على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على الصادرات الأوروبية، في ختام لقاء جمع ترمب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في تيرنبيري، باسكتلندا.

وبحسب الرئيس الأميركي، التزمت أوروبا بشراء طاقة بقيمة 750 مليار دولار (638 مليار يورو) على مدى ثلاث سنوات، إلى جانب استثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة.

ووصف ترمب هذا الاتفاق بأنه “الأكبر على الإطلاق” في مجال التجارة، معتبراً أنه يمثل وعداً بـ”الوحدة والصداقة”، فيما رحبت رئيسة المفوضية الأوروبية بـ”اتفاق جيد” يوفر الاستقرار.

وقال المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش خلال مؤتمر صحافي الاثنين، إن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يُعيد الاستقرار ويفتح الباب أمام التعاون، حسبما نقلت صحيفة “الجارديان”.

وأضاف شيفتشوفيتش: “قد تبدو الحرب التجارية مغرية للبعض، لكنها تأتي بعواقب وخيمة. فمع فرض رسوم جمركية بنسبة 30% على الأقل، ستتوقف تجارتنا عبر الأطلسي تماماً، مما يُعرّض ما يقرب من 5 ملايين وظيفة، بما في ذلك وظائف الشركات الصغيرة والمتوسطة في أوروبا، لخطر جسيم”.

“يوم كئيب”

لكن الاتفاق التجاري بين واشنطن وبروكسل أثار غضب عدد من المسؤوليين في التكتل الأوروبي. وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، الاثنين، إن الاتفاق التجاري الإطاري، يمثل “يوماً كئيباً” لأوروبا.

وكتب بايرو على “إكس”: “إنه يوم كئيب عندما يترك تحالف من الشعوب الحرة، التي تجمعت معاً لتأكيد قيمها المشتركة والدفاع عن مصالحها المشتركة، نفسه للاستسلام”.

وأعرب نواب من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، المعقل السياسي لأورسولا فون دير لاين، بالإضافة إلى اقتصاديين ألمان بارزين، عن خيبة أملهم وحثوا على توخي الحذر.

ووصف مانفريد فيبر، زعيم حزب الشعب الأوروبي في البرلمان الأوروبي، الاتفاق في مقابلة مع صحيفة بيلد بأنه “مجرد محاولة للحد من الأضرار”، وليس أمراً يستحق الاحتفال.

وقال للصحيفة إن النتيجة “أفضل بالتأكيد مما كان يخشاه الكثيرون”. وأضاف أنها على الأقل “تمنح الاقتصاد الأوروبي أماناً في التخطيط”.

واعتبر أن الاتفاق أوضح أهمية إبرام اتفاقيات تجارية مع أجزاء أخرى من العالم، وعزز على الأقل أهمية السوق الموحدة المتكاملة (حتى مع إبرام المملكة المتحدة، غير العضو في الاتحاد الأوروبي، اتفاقاً أفضل).

وقال أندرياس لينز، المتحدث باسم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، إن نسبة 15% أفضل بالتأكيد من نسبة 30% المقترحة سابقاً، لكنها “تسوية مؤلمة”، أضرت بالاقتصاد والمستهلكين على حد سواء.

وندّد الوزير الفرنسي المنتدب المكلف بالشؤون الأوروبية، بنجامين حداد، بالاتفاق واصفاً إياه بأنه “غير متوازن”، وفق “لوموند”.

وكتب على “إكس”: “الاتفاق التجاري الذي تفاوضت عليه المفوضية الأوروبية مع الولايات المتحدة سيوفر استقراراً مؤقتاً للفاعلين الاقتصاديين المهددين بتصعيد الرسوم الجمركية الأميركية، لكنه غير متوازن”. وحذّر من خطر “تراجع” الأوروبيين إذا “لم يستفيقوا”.

إعادة التوازن

وأشار المستشار الألماني فريدريش ميرتس إلى تخفيض رسوم السيارات، في محاولته إضفاء طابع إيجابي على الاتفاق برمته، والذي قال إنه سيُجنّب على الأقل تصعيداً غير ضروري في العلاقات التجارية عبر الأطلسي.

وقال: “بهذا الاتفاق، نجحنا في تجنب صراع تجاري كان سيُلحق ضرراً بالغاً بالاقتصاد الألماني المُوجّه نحو التصدير.

وينطبق هذا بشكل خاص على صناعة السيارات، حيث ستُخفّض الرسوم الجمركية الحالية إلى النصف تقريباً من 27.5% إلى 15%. وهنا تحديداً، تتجلى أهمية التخفيض السريع للرسوم، وفق ميرتس.

وقال فولفجانج نيدرمارك، خبير التجارة الخارجية في اتحاد الصناعات الألمانية، إن القرار “ضربة إضافية” وأضاف أنه أرسل “إشارة قاتلة للاقتصادات المتشابكة بشكل وثيق على جانبي المحيط الأطلسي”.

شاركها.