استقبل مسؤول منطقة جبل عامل الأولى في “حزب الله” عبد الله ناصر بحضور مدير العمل البلدي في المنطقة،رئيسَ وأعضاءَ مجلس بلدية الطيبة في مكتبه في مدينة صور،في إطار متابعته لشؤون المواطنين وخدمتهم في شتى المجالات، حيث كانت مناسبةً للاطلاع على خطة عمل البلدية وما تقوم به في المرحلة الحالية.
وبعد أن أثنى ناصر على الجهود التي تُبذل من قبل بلديات المنطقة، لا سيما الحدودية منها، والمسؤوليات الملقاة على عاتقها في ظل غياب الإدارات الرسمية للدولة اللبنانية عن القيام بواجبها تجاه أهلها وقراها، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير والاعتداءات المتواصلة، تطرّق إلى الوضع السياسي في لبنان والمنطقة فاعتبر أنّ العدو الصهيوني لو كان قادرًا على إلحاق الضرر بنا لما كان ليقف، مشدّدًا على أن الإسرائيلي هو الذي طالب بوقف الحرب.
وأوضح ناصر أن “موقفنا مع الإسرائيلي واقع دفاعي، ونحن جاهزون للدفاع عن بلدنا وعن أرضنا في أي لحظة”. وبيّن أن الدولة تتحمّل مسؤولية الخرق اليومي، وأنها المعنية بمتابعة هذه الخروقات ضمن اللجنة الخماسية. وأضاف أن “دور الدولة أن توقف الاعتداءات وأن تعمل على انسحاب قوات الاحتلال وأن يستتب نوع من التوازن والالتزام بالاتفاق الموقّع”.
وحذّر ناصر من أن “المتوقع من الإسرائيلي أن يزيد من الضغط أكثر”، مشيرًا إلى أن “جزءًا من هذه الأعمال بالسياسة حتمًا، وأن كثيرين من الذين يستهدفهم العدو الإسرائيلي بذرائع كاذبة هم مدنيون يعملون في مصالحهم وأعمالهم، فالعدو يستغلّ ذلك ليمارس ضغوطًا أكبر على بيئة المقاومة والدولة في الوقت نفسه”.
ومع ذلك شدّد ناصر على “الجاهزية للدفاع عن أرضنا والجنوب ولبنان”.
وبالانتقال إلى ملف غزة، قال ناصر” إن الإسرائيلي لم يحقّق جميع أهدافه”، موضحًا أن “المشهد العام يُظهر أنّه في الجبهات التي فتحها، لم يحقّق كل أهدافه لا في لبنان ولا في غزة ولا في الجمهورية الإسلامية في إيران، ولا حتى في سوريا رغم افتقاد بعض المواقع للمقاومة”.
وخلص إلى أنه “فتح جبهات لكنه لم يختتمها، وهذا يحتاج وقتًا، لذلك المعركة مستمرة ولم تنتهِ بعد”.
وتساءل ناصر: “من الذي حقّق الانتصار الكبير”؟ مشيرًا إلى أن “الأهداف المعلنة وغير المعلنة في غزة شملت القضاء على حماس، إطلاق الأسرى، احتلال غزة، تغيير الديموغرافيا وتهجير الفلسطينيين، وإعادة إدارة غزة بالكامل لصالح الجانب الإسرائيلي، لكنننا نرى أن كل هذه الأهداف، رغم سنتين من حرب ودمار وقتل ومجازر وتجويع، لم تتحقّق. فالكيان الصهيوني اضطر في النهاية للتفاوض لأخذ جزء من الأسرى ووقف الحرب، وبقيت حماس والشعب الفلسطيني في غزة موجودين، والناس بدأت تعيد بناء جزء من بيوتها. وهم يعبرون عن تماسكهم وتأييدهم لمشروع المقاومة وصمودهم في أرضهم، وهذا حقّ لهم”.
وأشار ناصر إلى أن “إسرائيل دفعت أثمانًا معنوية ودبلوماسية وخارجية، فأصبحت معزولة عالميًا، وتحركت شعوب ودول لتشكيل ضغط أدّى إلى تغيير مواقف بعض الداعمين تدريجيًا”. ورأى أن “هذه خسارة كبيرة للعدو الإسرائيلي على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية، وأن الكيان الذي اعتاد على الأمن أصبح اليوم يعاني تهديدًا استراتيجيًا”، مؤكّدًا أنه “ليس بمقدوره تغيير كل الواقع؛ فيمكنه أن يضرب لكنه لا يستطيع أن يُبيد وجودنا أو يُغيّب حقّنا في وطننا”.
وعزا ناصر قدرة المجتمع على الصمود إلى “الإرادة والروح والتماسك على أرضنا”، مشيرًا إلى تاريخ طويل في المقاومة، وذكر أن شعب جبل عامل والبقاع قاوموا المستعمرين وناضلوا، وما زال هذا الشعب يضحي إلى اليوم. ودعا إلى “عدم الانتقاص من الانتماء أو الاستمرار بالمزاودة”، متسائلًا “من الذي ضحّى من أجل لبنان”؟ ومشيرًا إلى أن “كثيرين جاؤوا للمكسب، بينما نحن من أعطى لبنان ليس فقط دماءً وشهداءَ وسقوط قادة، بل أعطينا أيضًا إمكانات وقدرات وموارد”.
وأضاف أنه “منذ نشأة المقاومة في الثمانينيات، هي تعمل على جلب مشاريع ومساعدات تنموية وزراعية وخدمية للشعب كله، وتدعم الدولة في هذا الإطار”.
وتطرّق ناصر إلى بعض الذين وصفهم بأنهم يأخذون من الدولة ويربحون على حساب الوطن، واعتبر أنهم في كل حرب يقفون في المشهد الآخر، الذين جلبوا الإسرائيلي ووقفوا معه، ومن دعوا إلى تدخلات أجنبية أو دعموا العدو. وحمّلهم المسؤولية بقوله إنهم “لم يدافعوا يومًا عن لبنان؛ لا يحملون السلاح ضد عدو خارجي بل يستخدمونه ضد إخوتهم”.
وتساءل ناصر عن مصداقية بعض الجهات الذين يطالبون بتسليم السلاح وإقامة سلام مع العدو، فكيف تطالبون بالسلام مع العدو وأنتم لم تقاتلوه يومًا؟ وأكّد أن من يريد السلام مع جهة يجب ان تكون عدوة له؟.
وفي استعادة للدروس التاريخية، شدّد ناصر على أن الخضوع للأجنبي أو التحالف الدائم معه يؤدي إلى الخسارة، معتبرًا أن المواقف الوطنية الحقيقية تظهر في مواقع الشدائد حين يختار الناس الدفاع لا التسليم، وأن من اختار أن يكون دائمًا مع الآخر ضد وطنه. لا يحق له ان يتغنى بالوطنية. وبيّن أن الدم والشهادة تزيدنا قوة وإرادة وتصميمًا وصبرًا.
وختم ناصر أن “الإرادة والروح والتماسك على أرضنا تمنع عدونا من التغلب علينا، ونحن مستمرون في المقاومة والدفاع عن الوطن، وسنعود إلى بيوتنا ونبنيها ونحمي أرضنا مهما فعلوا وتآمروا، مؤكّدًا أن هذه هي الحقيقة التي نؤمن بها ونعيشها”.